السبت، 02 نوفمبر 2024

11:30 م

أسرار نجاح محمد صبحي.. من سنبل إلى ونيس؟ (بروفايل)

الإثنين، 09 سبتمبر 2024 09:22 ص

هدير جمعه

الفنان محمد صبحي

الفنان محمد صبحي

في أحد أزقة حي أرض شريف العريق، بالقرب من شارع محمد علي الشهير بـ"شارع الفن"، ولد فنان حمل معه شغف الفن منذ نعومة أظفاره. كان هذا الحي النابض بالحياة الفنية، بمسارحه ودور السينما وملاهيه الليلية، بمثابة جامعة حقيقية للطفل الذي ما لبث أن عشق الفن بكل تفاصيله.

كان منزل عائلته يقع قبالة سينما الكرنك وسينما بارادى الصيفي، فكان يتردد عليهما بانتظام، يشاهد الأفلام ويتعرف على عالم السينما من الداخل. ولم يقتصر شغفه على مشاهدة الأفلام فقط، بل كان والده يمتلك ماكينة عرض أفلام، فكان يقضي ساعات طويلة وهو يشاهد أفلام الباليه والرقص، يستمتع بألوانها وأحيائها.

عندما بلغ سن الشباب، كان طبيعياً أن يتوجه إلى المعهد العالي للفنون المسرحية. هناك، درس التمثيل والإخراج، وتخرج بتقدير امتياز عام 1970. لم يكتفِ بالتخرج، بل قرر أن يكون له بصمة واضحة في عالم الفن، فأسس "استوديو الممثل" مع صديقه ورفيق دربه الكاتب المسرحي لينين الرملي.

كان هذا الاستوديو بمثابة منصة انطلاق للعديد من المواهب الشابة، حيث قدموا فيه العديد من العروض المسرحية التي لاقت استحسان النقاد والجمهور.

في عام 1968، بدأ رحلته الفنية ككومبارس في العديد من المسرحيات، حيث وقف إلى جانب أساطير المسرح المصري مثل صلاح منصور وفؤاد المهندس وحسن يوسف. كانت تلك الأدوار الصغيرة بمثابة اللبنات الأولى التي بنى عليها مسيرته الفنية، حيث تعلم منهم أسرار المهنة واستوحى منهم شغفه بالتمثيل. أثرت هذه البدايات المتنوعة بشكل كبير على مسيرته الفنية لاحقًا، حيث أصبح أحد أبرز نجوم المسرح المصري.

في عام 1980، ولدت شراكة فنية أسطورية بين محمد صبحي ولينين الرملي، لتؤسس فرقة "ستوديو 80". وقدما معًا مجموعة من العروض المسرحية التي حظيت بإعجاب النقاد والجمهور على حد سواء، مما جعل البعض يرى فيهما امتدادًا للثنائي الفني الأسطوري نجيب الريحاني وبديع خيري. كانت مسرحياتهما، مثل "الجوكر" و"أنت حر"، بمثابة تجارب فنية فريدة من نوعها، أثرت بشكل كبير في تطور المسرح المصري. وقدمت هذه الفرقة نموذجًا للشراكة الإبداعية المثمرة، حيث اجتمعت موهبة الممثل والمخرج مع عبقرية الكاتب لتقديم أعمال فنية خالدة.

زواج الفنان محمد صبحي من أبنة الفنانة الكبيرة شادية 

في رحلته الحياتية، تزوج الفنان من الراحلة نيفين رامز، ابنة الفنانة الكبيرة شادية، فجمع بين الفن والأصالة في أسرة واحدة. و رغم حزنه لفراق زوجته، إلا أن الفنان حافظ على تماسكه وعائلته. فقد رزق من زواجه بثلاثة أبناء اختاروا مسارات مختلفة في الحياة، فكان لديه كريم المهندس الذي يحمل بين يديه أدوات المستقبل، ومريم خريجة التجارة الإنجليزية التي تمثل الوجه الحضاري للمرأة، وعمر الطبيب البيطري الذي يقدم خدماته للحيوانات.

المشاركات الفعالة للفنان محمد صبحي

لم يكتف الفنان محمد صبحي بتقديم العروض المسرحية التي أسرت القلوب، بل تجاوز ذلك إلى المشاركة الفعالة في العمل المجتمعي. فقد أطلق، بالتعاون مع الإعلامي عمرو الليثي، حملة "المليار" التي هدفت إلى القضاء على العشوائيات والقضايا الاجتماعية الملحة في مصر. وقد أثبت هذا التعاون المثمر بين فنان وإعلامي، أن الفن والإعلام يمكن أن يكونا قوة دافعة للتغيير الإيجابي، حيث ساهمت الحملة في تسليط الضوء على مشكلة العشوائيات، ودفعت الكثيرين للمشاركة في حلها.

تصريحات الفنان محمد صبحي حول شكل كوكب الأرض

كما أثار الفنان محمد صبحي عاصفة من الجدل بتصريحاته المثيرة للدهشة حول شكل كوكب الأرض، حيث زعم وجود أبحاث تثبت أن الأرض مسطحة وأن هناك مناطق مجهولة. هذه التصريحات التي تناقض كل الحقائق العلمية الثابتة، دفعت بالعديد من الخبراء والعلماء إلى الرد عليها بشدة، مؤكدين على كروية الأرض بدليل قاطع. ومع ذلك، حاول صبحي تبرير تصريحاته، مدعياً أنه كان يسخر من مؤيدي نظرية الأرض المسطحة. هذا الحدث يعكس مدى تأثير الشخصيات العامة على الرأي العام، ويدق ناقوس الخطر حول انتشار المعلومات المضللة على نطاق واسع.

محمد صبحي.. فارس المسرح العربي يتوج بجوائز عالمية

"فارس المسرح العربي"، لقب أُلصق بالفنان القدير محمد صبحي ليس عبثًا، فمسيرته الحافلة بالأعمال الفنية المتميزة، والتزاماته المجتمعية، أهلته لأن يكون أيقونة للفن والثقافة في الوطن العربي.

يشكل سجل جوائز الفنان محمد صبحي شاهداً حياً على مسيرته الحافلة بالإنجازات، حيث حصد العديد من الجوائز والتكريمات على المستويين العربي والدولي، والتي تؤكد مكانته الفنية المرموقة. بدءًا من جائزة الدكتورة سعاد الصباح للأبداع الفكري عام 1991، وصولًا إلى الدكتوراة الفخرية من الكلية الأمريكية بكاليفورنيا عام 2013، يظل صبحي رمزًا للتميز والإبداع. حصد الفنان محمد صبحي على مدار مسيرته الفنية العديد من الجوائز والتكريمات التي تؤكد مكانته الفنية المرموقة، ففي عام 1991 نال جائزة الدكتورة سعاد الصباح للأبداع الفكري، ثم تبعه تكريم وشهادة تقدير من مهرجان المسرح العربي بتونس عام 1994. وحصد بعدها جوائز عدة مثل جائزة أحسن ممثل من أوسكار عام 1996، وجائزة المركز الكاثوليكي المصري للسينما في نفس العام، كما حصل على جائزة أحسن ممثل من اتحاد الإذاعة والتلفزيون عام 1998، وجائزة أحسن ممثل مسرحي من أوسكار في العام نفسه. وتوالت الجوائز والتكريمات، فحصل على الأسد الذهبي كأحسن ممثل ومخرج عام 1999، وشهادة تكريم كرائد لحركة المسرح التجريبي من مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة في نفس العام، كما حصل على جائزة رجل العام الفرعوني للفن عام 1999، وعلى أوسكار الشرق الأوسط الفارس الذهبي كأحسن مخرج عام 2001. وفي عام 2003 حصل على أوسكار المثقف المصري من التلفزيون المصري، وتكريم من مهرجان السينما بالأسكندرية. واستمرت مسيرة التكريمات، فحصل على تكريم الفنان القدوة من جامعة المنصورة عام 2005، وتكريم من مهرجان الفجيرة بالإمارات العربية المتحدة في نفس العام، كما حصل على تكريم الريادة من جامعة عين شمس عام 2007، وتكريم كرائد للمسرح العربي من جامعة العريش عام 2008. وفي عام 2010 حصل على تكريم من مهرجان الإعلام العربي بالقاهرة، وتكريم الدوحة عاصمة الثقافة العربية بلقب فارس المسرح العربي، كما حصل على تكريم من مهرجان أيام الشارقة المسرحية بنفس اللقب في مارس 2011. وفي عام 2011 أيضاً حصل على جائزة سمو الشيخ عيسى بن علي للعمل التطوعي من البحرين. وفي عام 2013 حصل على الدكتوراة الفخرية من الكلية الأمريكية بكاليفورنيا، وجائزة مؤسسة النجوم السعودية، والماجستير الفخري من كلية كامبريدج البريطانية، وتكريم من جامعة 6 أكتوبر، وتكريم من كلية دار العلوم جامعة القاهرة خلال تكريم رموز الثورة الشعبية 30 يونيو.

 

فيلمان للفنان محمد صبحي ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية

يمتلك الفنان محمد صبحي سجلًا حافلاً بالأعمال السينمائية التي تنوعت أدواره فيها بشكل لافت للنظر، بدءًا من الشخصيات الدرامية المعقدة وصولًا إلى الشخصيات الكوميدية الخفيفة. ومن أبرز أدواره التي لا تنسى، تجسيده لشخصية "الجندي الشهيد سمير" في فيلم "أبناء الصمت"، و"حلمي الشيوعي" في فيلم "الكرنك"، وغيرها الكثير من الأدوار التي أثبت من خلالها براعته في تجسيد مختلف الشخصيات. ولا عجب أن العديد من أفلامه لا تزال تُعرض على القنوات الفضائية، وتنال إعجاب الأجيال الجديدة، مما يؤكد استمرارية تأثير أعماله على مر السنين. كما يعتبر صبحي أحد أبرز النجوم الذين ساهموا في إثراء السينما المصرية بأعمال فنية قيمة، فبالإضافة إلى أدائه التمثيلي المتميز، ساهم في تقديم فيلمين دخلا قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية، وهما "الكرنك" و"أبناء الصمت".

 هذا الإنجاز يؤكد مكانة صبحي كفنان صاحب رؤية فنية عميقة، وقادر على تقديم أعمال تظل راسخة في ذاكرة السينما المصرية.

search