السبت، 21 ديسمبر 2024

06:56 م

صالح الحموري لـ«المصري الآن»: الذكاء الاصطناعي طفرة غير مسبوقة (خاص)

الإثنين، 25 نوفمبر 2024 05:13 م

هدير جمعه

دكتور صالح الحموري

دكتور صالح الحموري

خلال مشاركته في فعاليات قمَّة المعرفة التي نظَّمتها مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة في دبي، استعرض الدكتور صالح سليم الحموري، خبير التدريب والتطوير في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، مدى التقدم “الجنوني” الذي يشهده العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن التطور السريع في هذا المجال قد أصبح واقعًا ملموسًا لا يمكن إنكاره.

وقد أشار الحموري إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد دخل مرحلة جديدة من التطور جعلته قادرًا على إنتاج نصوص وصور وأصوات بجودة مبهرة، بحيث أصبح من الصعب على البشر التفريق بين ما ينشئه هذا النظام وبين ما يُنتج بواسطة البشر أنفسهم. هذا التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي التوليدي يعدُّ ثورة حقيقية، لم تعد مجرد فكرة مستقبلية، بل أداة قوية تعمل بالفعل على تغيير المشهد التكنولوجي في مختلف المجالات.

وفي تصريح خاص لـ "المصري الآن"، قال الحموري: "نشهد اليوم تقدمًا هائلًا في مجال الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا في الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث أصبح بإمكان هذه الأنظمة إنتاج محتوى مرئي ونصي وصوتي يجعل التمييز بين ما يصنعه الإنسان وبين ما تنتجه الآلات أمرًا صعبًا للغاية. هذا التقدم يعكس طفرة غير مسبوقة، لكن في الوقت نفسه يطرح تحديات ومسؤوليات كبيرة يجب أن نكون مستعدين لمواجهتها."

وأوضح الحموري أن هذه التطورات التكنولوجية السريعة في الذكاء الاصطناعي تشبه إلى حد كبير "السيارة الرياضية" التي تنطلق بسرعة فائقة على طريق مفتوح، بلا إشارات مرور أو رادارات تحد من سرعتها. وبينما تفتح هذه الثورة آفاقًا واسعة من الابتكار والإبداع، فإن غياب الضوابط المناسبة قد يؤدي إلى عواقب غير متوقعة قد تكون كارثية في بعض الأحيان. وأكد على أن هذا الواقع يضع البشرية أمام تحديات جسيمة تتطلب توخي الحذر، والعمل على إيجاد توازن بين الاستفادة القصوى من هذه التقنية وبين وضع إطار تنظيمي يضمن حماية المجتمعات من مخاطرها المحتملة.

وأضاف أنَّ التنافس المحموم بين الشركات والمؤسسات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي يزداد يوما بعد يوم، حيث تسعى هذه الكيانات لتقديم أنظمة مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكن هذا التقدم السريع لا يخلو من المخاوف. فمن بين أبرز هذه المخاوف تزايد استخدام هذه الأنظمة في تزييف الحقائق، وانتهاك الخصوصية، وكذلك استخدامها في أغراض غير مشروعة. وأوضح الحموري أن هذه المخاوف تشير إلى الحاجة الماسة إلى وضع أطر قانونية وتنظيمية صارمة تحكم استخدام هذه التكنولوجيا، لضمان عدم حدوث تأثيرات سلبية على المجتمع والاقتصاد.

وفي هذا السياق، دعا الحموري إلى ضرورة تبني إستراتيجيات شاملة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحقيق توازن بين الابتكار وتجنب المخاطر الأخلاقية والقانونية. وقال في هذا الصدد: "من الضروري أن يتم وضع ضوابط صارمة تحد من الاستخدامات الضارة لهذه التكنولوجيا، وتضمن أنها تُستخدم في خدمة الإنسانية بشكل آمن وفعّال. هذا يتطلب تعاونًا عالميًا لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تحديد المعايير الأخلاقية الواجب اتباعها."

وأشار الحموري إلى أن هناك حاجة ملحة لإنشاء إطار قانوني شامل ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي، يشمل فرض عقوبات صارمة على الاستخدامات غير الأخلاقية أو الضارة. وأضاف أنَّه يجب أن تُركز الجهود على تطوير أنظمة تدعم الشفافية، وتجنب التمييز في التطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مع التأكيد على تعزيز مبدأ العدالة في التعامل مع هذه التقنية المتقدمة.

كما شدد الحموري على أهمية التعاون الدولي في هذا المجال، قائلاً: "لا يمكن لأي دولة أن تواجه هذا التحدي بمفردها. من الضروري أن تتعاون الدول على مستوى عالمي لتبادل الخبرات وتطوير سياسات موحدة تُلزم الشركات والمؤسسات بالالتزام بالمعايير الأخلاقية والقانونية في تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي." ولفت إلى أن هذا التعاون يمكن أن يسهم في وضع أسس تشريعية وأخلاقية تضمن استفادة المجتمع من الذكاء الاصطناعي دون تعريضه لأي خطر.

وفيما يخص دور الحكومات والمؤسسات في هذه المرحلة، أكد الحموري على ضرورة تثقيف المجتمع وتعزيز الوعي بمخاطر الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامه بشكل آمن.

وأضاف: “يجب أن يتضافر الجهد بين القطاعين العام والخاص لتطوير استراتيجيات تربوية وتثقيفية تهدف إلى رفع الوعي حول الذكاء الاصطناعي، ويجب أن تشمل هذه الجهود جميع فئات المجتمع، بما في ذلك المدارس والمؤسسات التعليمية”.

وعن دور البحث والتطوير في هذا المجال، أشار إلى أن تشجيع البحث الآمن في مجالات الذكاء الاصطناعي يعد خطوة حيوية، لضمان أن التطبيقات الناتجة عنها ستكون مفيدة وآمنة، داعيا إلى إجراء مراجعات دورية لضمان سلامة استخدام هذه التقنيات. وأوضح أن هناك حاجة ملحة لتطوير أبحاث جديدة تركز على المخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وكيفية التعامل معها بشكل فعّال.

واختتم الحموري تصريحاته قائلاً: "في النهاية، رغم التحديات والمخاطر التي قد تنجم عن التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي، فإن هذه التقنية تمثل فرصة هائلة للبشرية. إذا تم تنظيمها وتوجيهها بالشكل الصحيح، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة للخير والنفع، وأن يسهم في حل العديد من المشكلات التي تواجهها المجتمعات في مختلف أنحاء العالم. لذا يجب أن نكون حذرين في كيفية التعامل معها، لضمان أن تظل أداة لتحقيق التقدم المستدام."

search