الأحد، 22 ديسمبر 2024

03:29 م

قَصِيدَةٌ: لِلْقِمَّةِ ذَاهِبُون وَنحن مِنْهَا عَائِدُونَ..!

الجمعة، 15 نوفمبر 2024 10:04 ص

باسم عوض الله

باسم عوض الله

باسم عوض الله

نَظَرَ حَوْلَهُ فَوَجَدَ نَفْسَهُ وَسَطَ أَبْنَاءِ وَطَنِهِ، لَكِنْ وَكَأَنَّهُمْ أَغْرَابٌ، لَا يَعْلَمُونَ إِنْ كَانُوا قَدْ تَمَّ احْتِلَالُهُمْ، وَصَارُوا غُرَبَاءَ عَلَى أَرْضِهِمْ وَتَحْتَ سَمَائِهِمْ، أَمْ أَنَّهُمْ فِي اسْتِضَافَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُمْ الْحَقُّ، أَمْ هِيَ مَشَاعِرُ مُخْتَلِطَةٌ بَيْنَ جَنْبَاتِ الْمَاضِي الْعَظِيمِ، وَالْحَاضِرِ الْمُؤْلِمِ، وَالصَّبْرِ الْكَؤُودِ، لِلْمُسْتَقْبَلِ الْمُشْرِقِ. فَصَارَتْ مَشَاعِرُهُ رِيحًا عَاتِيَةً، حَتَّى بَاتَتْ إِعْصَارًا مُدَمِّرًا، فَانْتَزَعَتْ الْحُرُوفُ نَزْعًا، وَدَارَتْ بِمَدَارِهِ حَتَّى تَجَمَّعَتْ فَتَشَكَّلَتْ كَلِمَاتٌ بَيْنَ طَوَايَا رُوحِهِ الْجَارِفَةِ ، فَانْبَعَثَتْ شِعْرًا مُعَبِّرًا عَنْ احْتِدَامِ لَهِيبِ الْغَيْرَةِ، وَوَهَجِ الْحَمِيَّةِ، فَصَارَ عُنْوَانُهَا: لِلْقِمَّةِ ذَاهِبونَ وَنحن مِنْهَا عَائِدُونَ. .!


نَحْنُ مَنْ صَنَعَكُمْ يَا وَهُمُ الْأَسْيَاد 
نَحْنُ مَنْ عَلَّمَكُمْ يَا حُلْمَ الْأَجْوَاد 
نَحْنُ مَنْ هَذَّبَكُمْ يَا نَظْرَةَ الْأَحْقَاد
نَحْنُ الْأَوْطَانُ وَالْعِزَّةُ وَتَاجُ الْبِلَاد


نَحْنُ الْأُسْطُورَةُ وَقِمَّةُ الْوَاقِع 
نَحْنُ الْأَرْضُ الْمَعْمُورَةُ وَالضَّوْءُ السَّاطِع
نَحْنُ أَبَاطِرَةُ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ الرَّادِع 
نَحْنُ الْعَبَاقِرَةُ وَالْجَمَالُ الذَّائِع


بِالْبَرَارِي وَالْجِبَالِ أنتمُ هَائِمُون 
وَكُنَّا مَهْدَ الْحَضَارَاتِ وَالْقَانُون 
كُنْتُمْ عَنْ الْحَيَاةِ تَبْحَثُونَ 
وَكُنَّا نُهْدِي الْحَيَاةَ وَالثَّقَافَةَ وَالْفُنُون


كُنَّا بِالْبَرَاعَةِ وَالنُّبُوغِ نَبْنِي أَهْرَامَاتِنَا 
وَكُنَّا بِالْعِلْمِ وَالرَّغْدِ زَهْوَةَ بَغْدَادَنَا 
وَمَهْدِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ صَارَتْ أَرْضَنَا 
وَكُنَّا الْأَوَائِلَ الْأَفَاضِلَ بِكِرَمِنَا وَأَخْلَاقِنَا


نَحْنُ الْعَرَبَ لَيْسَ مِنْ شِيمَتِنَا الْغُرُور
لَكِنَّهَا الْعِزَّةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْأَصْلُ الْجَسُور
فَقَطْ نُذَكِّرُكُمْ وَحَذَاري التَّنَاسِي 
فَالْعَرَبِيُّ الْحُرُّ لَا يَنْسَى ثَأْرَهُ عَبْرَ الْعُصُور


تَأْتُونَ لِأَرْضِنَا كَيْ بِالسُّرُور تَنْعَمُون
فَابْقَوْا عَلَى الْوَعْدِ وَالْعَهْدِ مُمْتَنُّون 
فَنَحْنُ حُضْنُ الْمَغْمُومِ وَسَكَنُ الْمَهْمُوم 
وَنَحْنُ أَيْقُونَةُ التَّسَامُحِ وَهُمْ يَئِنُّون


بَاتَ الْيَوْمُ يَوْمَكُمْ وَكَانَ الْأَمْسُ أَمْسَنَا 
وَمَا هِيَ إِلَّا سُوَيْعَاتٌ وَيَكُونُ الْغَدُ لَنَا 
مَتَى كَانَ الْحَاضِرُ يَجُبُّ الْمَاضِي 
لَكِنَّهُ الصَّمْتُ وَالسُّكُونُ وَدَلَالَةُ صَبْرِنَا


لَا تَدْمَعْ يَا صَانِعَ الْإِنْسَانِيَّةِ يَا كَاسِرَ الْقَهْر 
الْكَوْنُ دَاخِلَكَ وَخُطَاكَ ثَابِتٌ يَا رَمْزَ الصَّبْر 
لَا تَتَنَهَّدْ يَا عَرَبِيَّ الْأَصَالَةِ يَا غُرَّةَ الْبَشَر 
يَا رَفِيعَ الشَّأْنِ وَإِنْ كُنْتَ فَوْقَ الْجَمْر


وَالْآنَ وَمَا أَدْرَاكُمْ مَا الْآن 
يَبْقَى الْأَصِيلُ وَيَنْدَثِرُ كُلُّ فَان 
وَإِنْ صَبَغُوكَ يَا حَدِيدُ وَبِتَّ ذَهَبًا 
يَبْقَى الذَّهَبُ ذَهَبًا وَلِلْجَوْهَرِ عُنْوَان


وَلِيَعْلَمَ الْقَاصِي وَالدَّانِي في كُلِّ حِين 
إِنْ أَصَابَتْنَا الزَّلَازِلُ وَالْأَعَاصِيرُ وَالْبَرَاكِين 
سَتَبْقَى هَامَاتُنَا مَرْفُوعَةً لِلسَّمَاءِ 
وَسَتَبْقَى قَامَاتُنَا مَنْصُوبَةً فِي كُلِّ حِين

search