السبت، 21 ديسمبر 2024

08:52 م

محمد مطش يكتب: أنا وضميري

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024 11:14 ص

محمد مطش

محمد مطش

يولد الانسان بالفطرة على الحب والتسامح والقبول لكل من حوله، سواء كان ذلك في محيط الاسرة او محيط اقاربه وجيرانه ومن يعيشون حوله. يبحث الإنسان دائما عن حياة سوية مستقيمة، تخلو من المشاكل والصخب والضجيج. ولكن عبر موضوعي هذا اطرح قضية ليست بجديدة، ولكنها وعلى مر العصور ستظل الشغل الشاغل لكثير منا، واقصد هنا تقييم الشخص لذاته. كم منا يقف مع ذاته للمحاسبة والتأمل؟ هل يقف الانسان منا مع ذاته لوضع اسس للتقييم على المستويين المهني والذاتي؟ هل يستطيع الفرد في تقييم ذاته مهنيا لمعرفة ما انجزه من مهام، وما عليه تحقيقه في سنوات عمره الوظيفية؟ هل يستطيع الفرد منا وضع خطة وجدول زمني لتحقيق أهدافه وطموحاته خلال المعطيات المتاحة له وفى فترة زمنية محددة؟  هل يسال الفرد نفسه ما هي مقوماته؟ وما هو المراد تحقيقه حتى لا يشعر بالعجز في اداء المهام المنوطة اليه؟ وعلى صعيد اخر، فمن منا يسال نفسه على المستوى الشخصي أن ما حققه يستحق ان يكون تجربة يستفيد منها الاخرون ام لا؟. من منا يستطيع ان يكون صريحا مع ذاته ليؤكد انه على المسار الصحيح، وان كل طموحاته وغاياته تم تحقيقها بالشكل المرضي والمناسب له؟ كم منا قادر على اسعاد نفسه ومن حوله؟ وقادر على امتصاص غضبهم، وعمل توازنات في علاقاته الشخصية والمهنية؟ كم منا قادر على اكتساب اصدقاء جدد والحفاظ على الاصدقاء القدامى دون ان يخسر منهم أحدا او يفقد منهم أحدا لسوء علاقة او عدم اهتمام؟. كلها اطروحات ارى انها تستحق التدقيق والتحليل الصحيح حتى تحقق الثبات والاستقرار للشخص نفسه. فعلى المستوى المهني ارى ان لكل فرد منا لابد من اداء المهام التي يستطيع تحقيقها، ويبدع في انجازها حتى لو كانت محدودة او قليلة، لان التمييز في الشيء مهما كان حجمه سيظهره بالصورة اللائقة والمتميزة. وليس على الفرد قبول المهام التي لا تتناسب مع قدراته الفردية والتعليمية، حتى لا يشعر باليأس والاحباط الدائم لعدم تحقيقه نجاحا او تقدما يذكر. كذلك لابد وان تتواجد كفاءات كبيرة في كل مؤسسات الدولة تستطيع توظيف الافراد في الاماكن المناسبة لهم، وليس مجاملة لاحد في مكان غير مناسب حتى يستطيع الأفراد انجاز المهام الموكلة اليهم بسرعة ودقة واتقان. كما يجب على كل فرد العمل على نفسه وتطوير ادواته وإمكانياته المهنية لملاحقة التطور الهائل والسريع، وعلى سبيل المثال التدريب على استخدام تكنولوجيا حديثة، تساعده على تطوير مهامه او اكتساب لغات اجنبية جديدة، او العمل على تدريب وتهيئة نفسه في مجال عمله بالحصول على دورات متقدمة في مجال التخصص، والعمل لاكتساب خبرات جديدة تساعده على انجاز مهامه الوظيفية اليومية بالصورة اللائقة والمناسبة. على جانب اخر لابد ان يقف الانسان مع نفسه لتقييم حياته الشخصية ما تحقق منها وما تعثر منها، حتى يستطيع ان يحقق لذاته الفرحة والسعادة الحياتية، والقدرة على التغلب لما يواجهه من مشاكل وضغوط يومية. وعلى الفرد كذلك السعي لما يحقق له السعادة والفرح، حتى ينعكس ذلك على حياته المهنية ويكون قادرا على الانتاج المثمر والمفيد. 

اختتم موضوعي هذا، بالتأكيد على ضرورة تقييم الشخص لذاته ماذا تحقق وماذا يجب عمله لإنجاز ما أخفق فيه من قبل؟، على الفرد ايضا لابد من تقييم علاقاته الانسانية كم صديق اكتسب وكم صديق فقد في ظل صعوبة الحياة ووطأه الايام والسنين؟. ان التقييم من صفات النجاح ومن مؤشرات التقدم حتى يستطيع الفرد في التغلب على ما يواجه من مشاكل وقصور، وتحقيق كل ما هو ناجح وملموس.

خلاصة القول، ان مراجعة الذات ووعي الإنسان بمبادئه وقيمه. عملية ليست سهلة، لكنها تفتح الباب للتطور والنمو الشخصي. فالإنسان، في لحظات الضغط أو الضيق، قد يتساهل أو يبرر تصرفات، قد لا تتوافق مع قيمه الأصلية، لكن من نشأ على مبادئ متينة تكون لديه القدرة على العودة إلى الطريق الصحيح مهما كانت الصعوبات.

الضمير الحي ليس مجرد شعور بالندم، بل هو مرشد داخلي يوجه الشخص نحو الصواب، ويحثه على التمسك بالقيم الأساسية حتى في الأوقات العصيبة. كما أن مراجعة النفس تساعد في تجنب الوقوع في الأخطاء ذاتها، وتمنح الإنسان الفرصة لتحسين نفسه باستمرار.

وختاما، فان مراقبة الذات وعدم الانغماس في مغريات الحياة، هو ما يحمي الإنسان من الوقوع في فخ الندم، ويجعله قادرًا على اتخاذ قرارات تتماشى مع مبادئه. لذلك، يجب على الإنسان أن يسعى ليكون ضميره مرآة صافية ليتجنب عثرات الطريق، ويعيش حياة مليئة بالقيم الحقيقية والاستقرار المنشود.

search