محمد مطش يكتب: هوس الترند

 لكل زمان وأوان مظهر مختلف وطبيعة خاصة، في التعبير عن النفس ومشاركة الحياة الخاصة والعامة بين الأصدقاء والزملاء وافراد الاسرة الواحدة. في الماضي كانت هذه الفكرة تتم بأسلوب بسيط ويسير ومتداول بين افراد الاسرة الواحدة، ثم على نطاق أوسع بعد ذلك وهي العائلة. يتشاركون افراحهم واحزانهم، يتبادلون التهاني في الأعياد والمناسبات، يهنئون بعضهم البعض عند تولى منصب مرموق او شغل وظيفة ذات مكانة رفيعة في المجتمع. كان تبادل ومشاركة ملامح من حياة الفرد تتم بشكل مقنع وبعيد عن المبالغة والتزييف.

في وقتنا الراهن، انتشر مصطلح الترند على شبكة الإنترنت، لذلك يتساءل الكثير من الأشخاص ما هو معنى كلمة ترند في السوشيال ميديا، والذي يلعب دوراً كبيراً في جذب أكبر عدد ممكن من المتابعين، سواء كان ذلك لأغراض تجارية بهدف التسويق والتربح او لأغراض شخصية بهدف التوسع في دوائر المعارف والانتشار. وبمنتهى البساطة فان معنى كلمة ترند تعني الحدث الأكثر انتشاراً على منصات السوشيال ميديا، والذي تم مشاركته بشكل كبير بين مستخدمي سوشيال ميديا خلال أقل وقت ممكن، على أن يختفي هذا الخبر بعد مرور فترة معينة، فهناك الكثير من الظواهر والأحداث التي تظهر في حياتنا، وتكون اما محليا او على نطاق أوسع دوليا وأصبح للأفراد رغبة التعرف على كل ما هو غير معتاد او مألوف.

كما أن معنى كلمة ترند في السوشيال ميديا هي الأحداث الساخنة التي تنتشر بسرعة كبيرة للغاية، تجذب انتباه جميع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وتحصل على اهتمام كبير، حيث يتفاعل المستخدمون بأشكال مختلفة إما من خلال التعليقات على حدث الترند أو مشاركته.

وتتعدد المرادفات والاستخدامات لكلمة ترد مع اختلاف المنصة الاجتماعية المستخدمة، فكلمة ترند مثلا على الفيس بوك تعنى  اهتمام مستخدمي الفيسبوك بحدث معين، سواء كان صورة أو مقطع فيديو أو حتى خبر معين الذي يتم تداوله بسرعة كبيرة خلال فترة زمنية معينة، حيث تكثر التعليقات ومشاركة هذا الخبر، حيث ينتهي الترند بعد انتهاء الحديث عنه، اما كلمة ترند على اليوتيوب تعنى موضوعا رائجا على هذه المنصة، والذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة المشاهدة للموضوع ومشاركته بين مستخدمي منصة اليوتيوب. على سبيل المثال إعلان لأحد شركات الاتصالات بمجرد إطلاق الإعلان يتم ترويجه على هذه المنصة، وكذلك الإعلان عن ماركة جديدة للسيارات والساعات وشركات التليفون المحمول وغيرها في العديد من الشركات. ويمكن متابعة ومعرفة ترند اليوم من خلال موقع Trendsmap لمعرفة ترند الفيسبوك، بعد ذلك نقوم بفتح الموقع حيث تجد خريطة دول العالم، يمكنك اختيار الدولة الخاصة بك والبحث في الخريطة للتعرف على الترند الخاص بها على الفيسبوك. وأيضا من خلال تطبيق تويتر يمكنك البحث عن ترند اليوم بعد تحديد الدولة الخاصة بالمستخدم لكي تظهر بعد ذلك الأحداث الأكثر رواجاً في وقت معين.

وخلال استطلاعات الرأي حول معرفة ما هي أكثر الأمور التي تجذب المتابعين وتصلح ان تكون ترند، رأت ان ذلك في العديد من الأمور، منها المحتوى التحفيزي او الملهم، مقاطع الفيديو النادرة والجذابة غير المتكررة، الدروس التعليمية التي تقدم محتوى علميا ونقدىا وفكريا يفيد الطلاب والباحثين خلال عملية الاطلاع والتحصيل، المحتوى الفكاهي الذى يقدم المرح والبهجة ويبعث بروح الامل والتفاؤل، كذلك الرسوم البينية والبيانات الإحصائية تساعد الكثير من المحللين الاقتصاديين وغيرهم في الاطلاع على احصائيات علمية دقيقة، أيضا الصور والرسومات الفريدة وأخيرا المسابقات والاختبارات والألعاب الجديدة تقع ضمن ما يطلق عليه ترند.

وأكدت الدراسات ان ظاهرة المؤثرين "الإنفلونسـرز " هم الفئات الأكثر تأثيرا ويصلح ان يطلق عليهم أصحاب الترند، وكذلك المشاهير من نجوم المجتمع في الفن والسياسة والاقتصاد والرياضة أو كل من لديهم جديد جذاب وفريد يصلح للمشاركة او التداول.

وبالرغم من ان الترند يعد أحد الأدوات التي ساعدت على تشكيل الرأي العام بشكل او باخر، فانه مثله مثل أشياء كثيرة من صنع الانسان له جانبان إيجابي وسلبي. فالقضايا المهمة ساهم الترند بتشكل الرأي العام فيها، وليس فقط في انتشارها وانما أيضا في تشكيل موقف، وهذا يعد دليلا قاطعا على الدور الإيجابي لـ "الترند" في قضايا تعود بمصلحة كبيرة على المجتمع بشكل عام سواء كانت على المستوى المحلي أو الاقليمي أو العالمي، اما الجانب السلبى تكمن في نظرية وغريزة القطيع التي يمتلكها المجتمع، فالترند يخرج ليكون أشبه بـ"الموضة"، بمعنى ما هو الشيء الجديد الذي على الساحة ، كما أن البعض يتبع الترند سواء كان منافيا لعاداته وتقاليده أو سلوكه إذ أصبح المجتمع يتقبل بعض الأمور بكل أريحية وسهولة بسبب نظرية القطيع التي يسير عليها الجميع.

ان الغوص في عالم الترندات أصبح “هوس” لكثير منا، ويجب ان نعلم أن الانغماس في عالم الترندات الحديثة من خلال التكنولوجيا قد أصبح ضرورة لا مفر منها في ظل الثورة الرقمية التي نشهدها. ومع ذلك، يجب علينا معرفة المخاطر التي قد تنجم عن اتباع هذه التوجهات بشكل عشوائي، خاصةً بين الشباب الذين قد يفتقرون إلى الوعي الكافي حول مضامين المحتوى الحالي وأهدافه المحتملة. إنّ مسؤوليتنا تكمن في توجيههم نحو التعامل الذكي مع هذه الظواهر الرقمية، واختيار ما يتناسب مع قيمنا وثقافتنا، بحيث نعمل على تعزيز ودعم استقرارنا الاجتماعي. وفي نهاية المطاف، يجب أن نكون واعين ومدركين لدورنا في تشكيل وعي جيل كامل، يتسلح بمعرفة عميقة وإدراك حقيقي للمحتويات التي يستهلكها، بما يضمن مستقبلًا أفضل لكل افراد المجتمع.