الأحد، 22 ديسمبر 2024

02:55 م

خطبة الجمعة بين دريم لاند ومدينتي!!

السبت، 29 يونيو 2024 04:06 م

السيد الطنطاوي

السيد طنطاوي

السيد طنطاوي

صلاة الجمعة وخطبة الجمعة لهما وضع خاص، وهي فترة زمنية روحية عند المصلي، وذكرى تنفع المؤمنين في دينهم ودنياهم، ولكن بعض الخطباء يجعلها عبئا على المصلين بدون وعي منهم بتطويل الخطبة بشكل لا يلائم المنطقة التي يخطبون فيها. صليت في كثير من المساجد في مدينتي سرس الليان وفي مساجد كمبوند دريم لاند، فوجدت فروقا كثيرة بين الخطباء. هناك من يطول من خطبته بشكل يزعج المصلين وخاصة من له عذر مرضي يحتاج معه إلى الدخول إلى الحمام، أو لا يستطيع الجلوس لفترة طويلة، فنراه يتأفف في صمت ولا يُظهر ذلك للخطيب حتى لا يتم اتهامه من جانبه بأنه لا يقدر مجهوداته وتعبه.
وللحق فإن خطباء "دريم لاند" من الأزهريين لهم باع طيب في إلقاء الخطبة ومراعاة من يصلون معهم، فتكون الخطبة مركزة وموحدة الموضوع وبليغة، وفي نفس الوقت فإن فترة إلقائها مناسب جدا، لا تطويل زائد عن اللازم ولا تقصير مخل بموضوعها.
في مقابل ذلك استمعت لخطبة جمعة من شابين في مرتين مختلفتين، أعتقد أنهما حديثي عهد بخطبة الجمعة وشروطها، فكان التطويل غير المستحب وتفكك موضوع الخطبة هو السائد لدى الشابين حديثي العهد بخطبة الجمعة، مما ساهم في تململ المصلين والنظر إلى الخطيب لإنهاء خطبته، لأنها تجاوزت الوقت المقدر لأي خطبة جمعة في مصر وفي العالم العربي!! 
أهل العلم والفقهاء يرون أن تقصير خطبة الجمعة مستحب، وجاء في الموسوعة الفقهية: "يُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِنَّ طُول صَلاَةِ الرَّجُل وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ فِي فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ".
وقال ابن قدامة في المغني: وَيُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ الْخُطْبَةِ؛ لِمَا رَوَى عَمَّارٌ قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ.
قال زكريا الأنصاري في كتاب "أسنى المطالب": الْقَصْر وَالطُّول من الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، فَالْمُرَادُ بِإِقْصَارِ الْخُطْبَةِ إقْصَارُهَا عن الصَّلَاةِ، وَبِإِطَالَةِ الصَّلَاةِ إطَالَتُهَا على الْخُطْبَةِ. 
ورأى ابن حزم الظاهري إلى وجوب تقصيرها حيث قال في المحلى: ولا تجوز إطالة الخطبة.
وذهب الجمهور إلى جواز تطويل الخطبة للحاجة وليكن تطويلا لا يشق على المصلين وتحصل به الفائدة.
وعن مسلم من حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا، أيْ مُتَوَسِّطَةً بَيْن الْقِصَر المخل وَالطُّول الممل.
ورغم قرار الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بأن خطبة الجمعة لا تتجاوز خمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية وان بلاغتها في ايجازها، إلا أن البعض وخاصة من شباب الخطباء تصل معهم إلى ساعة أو أكثر  مما يتسبب في ملل وزهق المصلين والبحث عن مسجد آخر أو خطيب يقصر في الخطبة!!

search