الإثنين، 07 أبريل 2025

03:14 م

وفاء أنور تكتب: رسالة من بين السطور

الإثنين، 07 أبريل 2025 09:45 ص

وفاء أنور

وفاء أنور

الرسالة تتضح، الكلمات تتنمق، الشعور بالارتياح والأمان يعودان من جديد، إحساس جارف بالفخر بمصريتك يدفع بك وبمعنوياتك المتأثرة بمشاهد العنف والجنون إلى جهة أخرى إلى مكان آخر، كمثل الجنة والنار لا يجتمعان أبدًا بمكان، لكنهما على أرض مصر تجمعا، وحدث بينهما تلاق كنا نعده ونصفه بالمستحيل.

حدث هنا في قلب القاهرة؛ عندما توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية مع ضيفه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، إلى قلب أعرق أحياء القاهرة القديمة في حي خان الخليلي ومنطقة الحسين، أكثر الأحياء الشعبية اكتظاظًا بسكانه وبضيوف مصر القادمين من كل البلدان؛ حيث البيع والشراء والحديث الفطري البعيد عن تحري الدقة والاهتمام بتطبيق قواعد البروتوكول وأساليب الاتيكيت.

جرأة وشجاعة من قائد جريء، قارئ ماهر لما بين السطور، هكذا عهدناه منذ بداية عهدنا به، يسير في دروب جديدة يثق في شعبه، يعلم أنهم بفطرتهم أذكياء سيلتقطون على الفور طرف الخيط، يفهمون حديثه من دون حديث، يحققون هدفه وما يصبو إليه من لحظة تلقيهم لأول نظرة عين منه، سيخرجون أجمل مابهم من خصال، تتجلى في ترحابهم بالضيوف، تلك فطرتهم التي طالما توارثوها عن أجدادهم العظام، جيلًا بعد جيل.

سيأخذون ضيفه من نفسه، يسكنوه بالمحبة بين حنايا القلوب، يمهدون له طريق الذهاب إلى جزيرة أحلامه التي لم تكن لتخطر له على بال، يبادرونه بالتحية، يحيطونه بإنسانية تحمل بداخلها خصائص جينات أجيال سبقت من  المصريين، تنطق  بكل ما بها من معان عظيمة، بكل ما فيها من صدق، تعيد بهيبتها صياغة عبقرية المكان ونشر ملامحه من جديد، تصنع من مزيج تاريخها عطرًا، يستنشقه الآتي إلى مصر، يختزنه، يضمه ويحتويه، يعيش تفاصيل جزيئاته، ينجذب إليها وإليه، يتعطر به فيبقى عالقًا به مهما طالت فترة غيابه عن مصر، فيشتاقها يومًا ويعود.  

المشهد ما زال محفورًا في الأذهان، بالصوت والصورة يتردد على ذاكرتنا جميعًا، كأنه جاءنا في هذا الوقت العصيب ليخرجنا ولو لبعض الوقت، من ظلمات ساحات خذلان وسط عالم يسعى للتدمير لا التعمير.

ما أجمل أن تفاجئك الفرحة بإطلالتها الساحرة! تغسل عنك بعض ما علق بذاكرتك من أهوال وكروب، تذيقك من فرط شهدها عسلا، تبقى حلاوته لساعات في الفم تذوب.

search