الأربعاء، 02 أبريل 2025

08:03 ص

باسم عوض الله يكتب: رمضان الروح.. عيد القلب

الإثنين، 31 مارس 2025 04:07 م

باسم عوض الله

باسم عوض الله

هَلَّت بشائر السِّمِوّ، وحَلَّت ذخائر العِلِوّ، وتدنَّت دوائر الدِّنِوّ، فتجَلَّت شعائر الحُنُوّ. أتى رمضان العظيم في حلَّته وزهوه يخطو خطواته بمحفله الجليل في تروٍّ وشموخ، يتبختر بين أقرانه من الشهور فهم الأمراء وهو المَلِك، متباهيًا بما مَنَّ عليه المُنعِم عز وجل، فهو ليس كمثله شهر. إن كانت الشهور نجومًا فهو القمر، وإن كانت الشهور ضياءً فهو الشمس، وإن كانت الشهور القلب فهو الروح. 

أراك يا رمضان الحياة أنت الحياة، نعيش بك وأنت فينا، يظنوك راحلًا وأنت بين جنبات الأيام بخورًا يعطر الزوايا، فيا حظ كل مجتهد بك ومنك أو ليس لكل مجتهد نصيب. فأنت رحَّالة الأشهر ذو الزيارة الملكية تنشر بالنفس نسمات الأبرار، وتثمر بالقلب بركات الأنصار، وتنثر على الروح نفحات الأنوار. 

هنيئًا لنا يا أحبتي في الله شهر رمضان الفضيل، بما أتى لنا وبما استقر بيننا وبما ترك بنا، فقد حلَّ أهلًا ووَطِئَ سهلًا ورحل حبًّا وشوقًا وهيامًا. وكعادته فقد سارع قبل أن تسقط دموع العين حزنًا على سفرته السنوية، مُنظِّمًا لنا محفل عيد الفطر المبارك الفياض بالفرح والسرور، كي نسعد بصيامنا وقبولنا ودخولنا بصفوف المُسْلِمين والمُسَلِّمين والمُقْبِلين بقلوب راضية عند العتبات القدسية لربِّ القلب ورب الروح ورب كل شيء، ليعود رمضان إلى أدراجه بين حنايا الأشهر وثنايا الأيام كي يغمرهم بما رُزق من الرزَّاق سبحانه وتعالى. 

لكنِّي لي قناعة أرى بها رمضان بشكل كاسر لحدود الفكر الجامد الغير منطلق؛ حيث لا يروقني أن أحصر وجود وتأثير وعمق شهر رمضان في ثلاثين ليلة، وكأنه زائر سنوي لا يملك سوى تلك الزيارة الوحيدة، فيغمرنا بفرحة عارمة وسرعان ما ينتهي في غفلة من الزمن. يا أعزائي رمضان ليس بذلك الضعف أو الحدود أو القصور، فهو شهر له ميعاد يجتمع به معنا، ويجمعنا مع بعضنا البعض في اجتماعه السنوي المبارك؛ كي يذكرنا بلقاء القلوب والأرواح، ويذكرنا بخلوتنا مع رب السماوات والأرض التي يجب أن لا تنقطع مع استمرار أنفاسنا ونبض قلوبنا. 

لكننا نحن نعيش تحت نفس مظلة المنظومة الزمنية التي يرأسها شهر رمضان، فكما ذكرت بأنه مَلِك الأشهر فهل يجوز أن يلتقي عموم الشعب بِمَلِكِهِم طيلة الوقت؟ بالطبع لا. لكننا نجد أن ذوي المناصب الرفيعة المستوى بالحكومة، هم من يلتقون به ويعملون معه طيلة الوقت، ونفس الأمر مع شهر رمضان العظيم، فالمُنعَّمون والمُقرَّبون ذوو المقامات العالية بالحكومة السَّماوية اللدنِّية، هم من يجاوروه ويلتقون بتجلياته على الدوام، فيغترفون من خيراته وغنائمه المباركة لهم ولأحباء الله جل جلاله. 

 يا رب قد أنبنا وتبنا واقتربنا بِأدبٍ جمّ بحضرتك العليَّة القدسيَّة؛ داعين أن ترزقنا الحكمة والبصيرة، وأن تديم علينا نعمة القبول والمحبة في ذاتك يا ذو الجلال والإكرام.

search