الخميس، 13 مارس 2025

09:29 م

حسام عبد القادر يكتب: المهنية بين الصحفي المصري والأمريكي

الخميس، 13 مارس 2025 11:07 ص

حسام عبد القادر

حسام عبد القادر

"الصحافة ليست مجرد مهنة؛ إنها نافذة على العالم، ومغامرة نعيشها يوميا بكل تفاصيلها. خلف كل خبر أو مقال قصة، وخلف كل صورة حكاية مليئة بالتحديات والإلهام. في هذه السلسلة، سأفتح صفحات من دفتر ذكرياتي الصحفية، التي قد تكون مهمة للبعض وغير مهمة للبعض الآخر، وكل ما أستطيع الوعد به هو الصدق في كل ما سأكتب".
المهنية بين الصحفي المصري والأمريكي
سعدت في 2009 باختياري للسفر ضمن وفد مصري مكون من عشرة صحفيين للتعرف على الإعلام المحلي بأميركا، ورغم أن الفترة كانت سبعة أيام فقط، منها يومان سفر، وهي فترة غير كافية إطلاقًا لرؤية أميركا أو حتى مدينة واحدة منها، إلا أنها كانت فرصة مهمة للتعرف على خبرات أجنبية جديدة في الإعلام، ولابد أن نستفيد منها كثيرا.
جاءت الفرصة بسبب اهتمامي بالصحافة الإلكترونية، وبالصحافة المحلية بشكل عام، فبعد مرور عشر سنوات على إصدار مجلة أمواج سكندرية على الإنترنت، وهي أول مجلة إلكترونية مصرية على شبكة الإنترنت، وأصدرتها مع أصدقائي الأديب منير عتيبة والمهندس محمد حنفي، فوجئنا باهتمام كبير من برنامج تطوير الإعلام "الإعلامي"، والذي كان يتبع هيئة المعونة الأميركية (وقد انتهى هذا البرنامج بعد ذلك بعدة سنوات)، وكانت المسؤولة عن البرنامج هالة مرجان استشاري الإعلام المحلي.
ولفت نظر القائمين على البرنامج جريدة أمواج خاصة أنها سكندرية الطابع والمضمون، فبدأت أتلقى الدعوات لحضور ورش عمل وندوات عن الإعلام المحلي وعن الصحافة الإلكترونية من "الإعلامي"، حتى جاءت هذه الدعوة لزيارة مجموعة من الصحف والإذاعات المحلية في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة الأميركية، للتعرف على أحدث التقنيات وعلى ظروف كل جريدة محلية، وكيف يتعايشون مع الأوضاع المالية، وطرق مواجهة هذه الأزمات، وكيفية تسويق الجريدة وزيادة انتشارها، وهي رحلة تتم لأول مرة منذ بدأ البرنامج عمله بمصر.
شملت الزيارة 10 صحف وإذاعات محلية في بوسطن، وهي في الحقيقة نخبة متنوعة من الإعلام المحلي تم اختيارها بدقة من خلال هالة مرجان المشرفة على الرحلة، والتي تعاونت مع البروفسيور الأميركي "ماكس جروب"، والذي رافقنا بأمريكا وكان مشرفا عاما على البرنامج.
تعرفنا هناك على طبيعة عمل الإعلام المحلي، وإمكانياتهم الفنية والمادية، واكتشفت شيئا مهما، وهو أن قدرات الصحفيين أو الإعلاميين الأميركيين الفنية والمهنية ليست أفضل منا بأي حال من الأحوال، بل نتفوق عليهم دون أي مبالغة مني، إلا أنهم يتفوقون علينا في شيء أساسي ومهم وهو الإدارة والإخلاص في العمل، كل شيء هناك يتم من خلال خطة مدروسة، ويتم تنفيذ هذه الخطة من خلال جدول زمني محدد وأشخاص محددين، كل له دور يقوم به على أكمل وجه دون أي تقصير، قد تفشل الخطة لأسباب خارجة عن الإرادة، مثلما حدث مع الأزمة المالية في أميركا، ولكنها استثناء، لأن التخطيط السليم دائمًا ما ينتج منتجًا سليمًا، وهذا فقط ما يفرقنا عنهم.
واستفدت كثيرا من الزيارات العشرة، وخاصة عندما وجدت معظم المشرفين يتحدثون عن أهمية الإنترنت والسوشيال ميديا، وهو اهتمامي الأساسي، وشعرت أنني على الطريق الصحيح.
ومن الزيارات المهمة التي علقت في ذاكرتي، زيارة لجريدة "بانر"، وهي جريدة أسست عام 1968، وتوزع مجانًا بهدف تحسين صورة الأميركان ذوي الأصول الأفريقية، بعد أن كانت صورتهم لدى المواطن الأميركي أنهم مجرمون ومتشردون، فصدرت الجريدة لتقدم نماذج طيبة وناجحة من الأفارقة، وقد قابلنا هناك "هوارد مانلي" رئيس التحرير التنفيذي للجريدة، الذي شرح فكرة الجريدة، وموضحا أنها توزع مجانًا، وأن لديهم موقعًا إلكترونيًّا تم إنشاؤه من 2003، ووصلت تكلفة الموقع ما يوازي وقتها 20 ألف جنيه (بسعر 2009)، ويجذب حوالي مليون زائر في الشهر. 
وزيارة أخرى لجريدة عريقة مهمة جدًّا، وهي جريدة "كريستيان ساينس مونيتور" وهي جريدة عمرها 101 سنة، وحازت حتى وقت الزيارة على 7 جوائز "بوليتزر" العالمية، وقد تم تأسيسها من قبل الكنيسة، إلا أنها لم تروج لأي محتوى ديني، وهو ما أكده "مارشال انجويرسون" مدير تحرير الجريدة الذي فاجأنا عندما أخبرنا بقرار الجريدة الجريء أن تتحول من يومية إلى أسبوعية مكتفية بالتجديد اليومي للموقع الإلكتروني، وذلك بسبب الأزمة المالية، مما أثار لدينا المشكلة الدائرة حول الصراع الدائم بين الصحافة المطبوعة والصحافة الإلكترونية، وهل ستقضي الثانية على الأولى؟! خاصة فى ظل أزمات مالية طاحنة تطيح باقتصاديات أكبر الدول على مستوى العالم.
أيضا من الزيارات المهمة، جاءت زيارة مركز "مؤسسة نيمان" الملحق بجامعة هارفارد الشهيرة، حيث تعرفنا على طبيعة هذه المؤسسة الهامة التي تعتبر المركز الرئيسي الذي يتم فيه تدريب طلبة جامعة هارفارد على الصحافة حيث لا يوجد بهارفارد قسم خاص لرعاية طلبة الصحافة، وبالتالي تقوم هذه المؤسسة بهذا الدور للجامعة، بالإضافة إلى برامجها الأخرى.
رافقنا في الجولة بهذه المؤسسة "جوشوا بينتون" مدير معمل الصحافة بالمؤسسة، الذي قدم عرضا شيقا عن أهمية الإنترنت في وسائل الإعلام، وكيف استطاعت مواقع مثل الفيس بوك والمدونات وغيرها من المواقع، جذب ملايين من المستخدمين، وأصبح وجودهم فرضًا علينا، ولابد من استخدامهم للترويج لمواقعنا وجرائدنا، (لاحظوا أني ما زلت أتحدث عن عام 2009) موضحًا أن هناك مواقع يمكن من خلالها ترويج الإعلانات للصحف الإلكترونية، ولكنها تعتمد على عدد الزوار، وشرح جوشوا وسائل متعددة لجذب القراء من خلال طريقة عرض المحتوى الخبري.

search