الأربعاء، 02 أبريل 2025

08:17 ص

اللجنة الثلاثية: أشهر الحركات السرية حكومة ظل أم منتدى للنخبة؟

الإثنين، 03 مارس 2025 03:22 ص

محمد عماد

اللجنة الثلاثية

اللجنة الثلاثية

منذ تأسيسها عام 1973، ظلت اللجنة الثلاثية واحدة من أكثر المنظمات التي تحيط بها السرية والجدل. تضم هذه اللجنة شخصيات نافذة من أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، وتوصف بأنها منصة للنقاشات الهادفة لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين القوى الكبرى. لكن في المقابل، يرى البعض أنها ليست مجرد مجموعة استشارية، بل كيان يتحكم في مصير العالم بعيدًا عن الرقابة الديمقراطية.

ووفقًا لما كتبه ريتشارد ن. غاردنر في مقال نشرته مجلة الشؤون الخارجية (Foreign Affairs)، نشأت فكرة اللجنة الثلاثية من رؤية رجل الأعمال والمصرفي الأمريكي ديفيد روكفلر، الذي كان يعتقد أن التحولات العالمية بعد الحرب الباردة تتطلب تعاونًا أوثق بين أمريكا وأوروبا واليابان. وقد أوضح زبغنيو بريجنسكي في كتابه بين عصرين (Between Two Ages) أن اللجنة تأسست لسد الفجوة بين هذه القوى العظمى، بحيث يتم التنسيق في السياسات الاقتصادية والاستراتيجية العالمية. كما أشار إلى أن الهدف الأساسي لم يكن مجرد تبادل الأفكار، بل وضع استراتيجيات طويلة المدى تضمن استمرار الهيمنة الغربية على النظام العالمي.

ووفقًا لتقرير نشره معهد بروكينغز، فإن اللجنة تعقد اجتماعاتها ثلاث مرات سنويًا، وغالبًا ما تُجرى هذه الاجتماعات بعيدًا عن أعين الإعلام والجمهور. وتشمل هذه اللقاءات شخصيات ذات تأثير واسع، من رؤساء دول سابقين إلى مسؤولين مصرفيين وأكاديميين وإعلاميين. ويذكر المؤرخ كارول كويغلي في كتابه المأساة والأمل (Tragedy and Hope) أن العديد من كبار القادة السياسيين كانوا أعضاء في اللجنة قبل توليهم مناصبهم، ومن أبرزهم بيل كلينتون الرئيس الأمريكي الأسبق، وهنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وماريو دراغي الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، وإيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي. ويشير كويغلي إلى أن هذه الشبكة القوية من العلاقات تجعل اللجنة أكثر من مجرد منتدى للنقاش، بل أشبه بحكومة ظل تصنع القادة وترسم السياسات العالمية.

رغم أن اللجنة تقدم نفسها كمنظمة تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي، إلا أنها تواجه اتهامات تتعلق بالتحكم في مصائر الشعوب عبر قرارات تتخذها خلف الكواليس. وكما أوضح الصحفي دانيال إستولين في كتابه القصة الحقيقية لمجموعة بيلدربيرغ (The True Story of the Bilderberg Group)، فإن اللجنة تعمل على إضعاف دور الحكومات الوطنية لصالح مؤسسات عالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مما يجعل الدول أكثر اعتمادًا على الأنظمة الاقتصادية التي تخدم مصالح النخب الاقتصادية. ويشير تقرير صادر عن معهد كاتو إلى أن بعض الأزمات المالية الكبرى، مثل أزمة 2008، قد تكون ناجمة عن قرارات تم اتخاذها داخل اللجنة الثلاثية أو عبر شبكاتها من المؤسسات المالية.

ويذكر الباحث وليام إنغدال في كتابه القدر المرسوم (Manifest Destiny) أن اللجنة الثلاثية تعمل على دعم شخصيات سياسية محددة للوصول إلى السلطة، مما يثير تساؤلات حول ديمقراطية الأنظمة السياسية التي تهيمن عليها النخب. وفي مقالة نشرت في مجلة الشؤون العالمية، أشار المفكر السياسي نعوم تشومسكي إلى أن اللجنة تدفع نحو تقليص دور الدول القومية لصالح تحالف عالمي تهيمن عليه الشركات متعددة الجنسيات والبنوك الكبرى.

ويذكر المؤرخ مارك بيلينغز في دراسة نشرت في مجلة هارفارد للشؤون السياسية (Harvard Political Review) أنه لا توجد أدلة قاطعة على أن اللجنة الثلاثية تتحكم مباشرة في القرارات العالمية، لكنها بلا شك منظمة ذات نفوذ قوي، تتخذ قرارات تؤثر على المسار الاقتصادي والسياسي الدولي. ويختم بيلينغز دراسته بالتساؤل: هل اللجنة الثلاثية مجرد منتدى للنخبة، أم أنها تمثل حكومة خفية تتحكم في السياسات العالمية من وراء الستار؟ ربما لن نحصل على إجابة واضحة، لكن الأكيد أن هذه اللجنة ستظل إحدى أكثر المنظمات تأثيرًا وإثارةً للجدل في العالم الحديث.


إدانات دولية بعد قرارات إسرائيل وقف دخول المساعدات

3 زلازل تضرب إثيوبيا خلال 24 ساعة أقواها بقوة 5.2 درجات

مظاهر الاحتفال وعادات استقبال شهر رمضان في العراق

search