الأربعاء، 02 أبريل 2025

08:04 ص

محمد مطش يكتب: جبر الخواطر.. لغة الإنسانية التي تتجاوز الكلمات

الأربعاء، 19 فبراير 2025 09:52 ص

محمد مطش

الكاتب محمد مطش

الكاتب محمد مطش

ونحن نتطلع لاستقبال شهر الخير والبركات شهر الكرم والجود، فان المعاني الإنسانية والاخلاقيات الروحانيات تتجلى وتزهو خلال هذا الشهر الفضيل، وإن كان لموضوعنا رسالة على أهمية التكاتف والتضامن والعمل على احتواء البشر والسعي الدائم لاحتوائهم والانصات لهم جيدا.

 فإنه من المؤكد ان جبر الخاطر ليس مجرد كلمة تتردد وتقال عفويًا أو فعلًا يؤدى بلا مردود أو قيمة، بل هو فعل إنساني عميق يعكس روح الإنسانية والتضامن الاجتماعي.

 كلمة "جبر الخاطر" تعني إراحة النفس وكسر الحزن والتخفيف من الأوجاع التي يعاني منها الناس، وهذه الرحمة التي يتم تبادلها بين أفراد المجتمع لها من الأثر الكبير ما يعجز عن التعبير عنه الكثيرون.

 ويمكن القول إن جبر الخواطر هو استجابة للمعاناة الإنسانية التي يعاني منها الفرد في صمت، وهو يتطلب التفاعل مع مشاعر الآخرين وحاجاتهم والعمل على مساعدتهم بكل الطرق الممكنة.


لجبر الخواطر دلالات وعلامات أهمها هو القدرة على التعاطف مع معاناة الآخرين، ففي كل مجتمع هناك أفراد يمرون بتجارب حياتية صعبة، قد تكون هذه التجارب متعلقة بالفقر، المرض، فقدان الأحبة، أو مشكلات اجتماعية ونفسية أخرى.

 ولكي نتمكن من جبر خاطر هؤلاء الأشخاص، يجب أولاً أن نعرف معاناتهم واحتياجاتهم، وأن نستمع إليهم بعناية.

 إنه لا يكفي أن نعرف أن هناك معاناة، بل من الضروري أن نتفهم أسبابها ونتعرف على أبعادها.

 فقد يحتاج البعض إلى دعم مادي، بينما قد يحتاج البعض الآخر إلى كلمات طيبة أو حتى مجرد وجود شخص يهتم بهم ويستمع إليهم.

فجبر الخاطر لابد ان يكون أولا في مسئولية رب الأسرة، والأستاذ مع تلاميذه، والطبيب مع المرضى، والقادر مع المحتاج وكل من يتطلب يد العون الكلمة او المعنى او المادة.


إن فهم معاناة الناس يعزز من قدرتنا على تقديم الدعم المناسب لهم، وهذا يساهم في تحقيق نوع من التوازن الاجتماعي، ويقلل من التوترات التي قد تظهر نتيجة الفقر أو الإحباط. كما أن السعي لسد احتياجات الناس يساعد في تحسين حياتهم النفسية والاجتماعية، مما يسهم في تعزيز شعورهم بالانتماء والطمأنينة في المجتمع.


يعد لجبر الخواطر قيمة مجتمعية مؤثرة، فمن خلال جبر الخواطر، نؤكد على ضرورة التضامن الاجتماعي، حيث تكون المجتمعات التي تتحلى بروح التضامن والتعاون أكثر قدرة على تجاوز التحديات والمشكلات التي قد تواجهها. 

وفي هذا السياق، تتجلى قيمة التضامن مع الفقراء والمحتاجين باعتباره من أسمى المبادئ الإنسانية التي تعمل على تقوية الروابط بين أفراد المجتمع. 

والتضامن لا يعني فقط تقديم المساعدة المادية، بل يشمل أيضاً الدعم النفسي والعاطفي، فإن معرفة مشاكل الناس والسعي لحلها هو جزء من هذا التضامن، كما أن العمل المستمر على التخفيف من معاناتهم يعطي المجتمعات قوة وصلابة. 

والهدف من هذا كله هو بناء مجتمع متماسك يستطيع أفراده الوقوف مع بعضهم البعض في أوقات الشدة، مما يعزز من قيم العطاء والرحمة بين الناس.


ولكن بات علينا جميعًا أن ندرك أنه لا يمكن بناء مجتمع قوي وعادل إلا إذا كان لدينا وعي حقيقي بمشاكل الآخرين وحاجاتهم.

 لذلك، فإن مسؤولية جبر الخواطر لا تقع فقط على عاتق الأفراد العاديين، بل على عاتق كل من يملك منصباً أو مالاً أو نفوذاً في المجتمع. 

يجب على هؤلاء أن يعيدوا النظر في طريقة تعاملهم مع الناس، وألا يقتصر دورهم على اتخاذ القرارات الاقتصادية أو السياسية فقط، بل يجب أن يشمل العمل على تحسين ظروف حياة من حولهم من البشر، من يمتلك المال يجب أن يعمل على استخدامه بطريقة تعود بالنفع على المجتمع، سواءً من خلال تقديم المساعدات المباشرة أو دعم المشاريع التي تعالج قضايا الفقر والبطالة.

 ومن يشغل المناصب يجب أن يضع في أولوياته تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وخاصة الفئات التي تعاني من الفقر والحرمان، والأهم من ذلك هو الاستماع إلى الناس، فهم أولى من غيرهم بتوجيه الأصوات لشرح مشاكلهم. 

إن الحوار المفتوح مع المواطنين، سواء كانوا من الفقراء أو من أصحاب الحاجات الخاصة، يساعد في إيجاد حلول فعالة لمشاكلهم.

 إذا تفاعل المسؤولون مع هذه المعاناة بشفافية وصدق، فإن ذلك يخلق مجتمعاً يشعر فيه الجميع أنهم جزء من الحلول، وليسوا مجرد ضحايا للوضع القائم.


وختاما فان جبر الخواطر هو أكثر من مجرد أداء عاطفي، بل هو وسيلة لبناء مجتمع قوي ومتماسك، علينا أن نسعى لفهم معاناة الآخرين، وأن نكون جزءاً من الحلول التي تخفف من أوجاعهم. 

أيضا التضامن مع الفقراء والمحتاجين والعمل على سد احتياجاتهم يعد واجباً على كل فرد في المجتمع، وخاصة أولئك الذين لديهم القوة والقدرة على التأثير.

 وفي النهاية، فإن جبر الخاطر لا يكون مجرد فعل فردي، بل هو عمل جماعي يساهم في تحقيق الرفاهية المجتمعية، ويعزز من قيم التضامن والتكافل الاجتماعي المنشود.

search