الإثنين، 31 مارس 2025

09:43 م

محمد حامد يكتب: سُمْعَه.. أيقونة السينما المصرية

الإثنين، 17 فبراير 2025 04:38 م

محمد حامد

محمد حامد

لا يستطيع أحد أن يُنكر أهمية "إسماعيل يس علي نخلة"، المولود فى السويس عام 1912، فى تاريخ السينما المصرية. حتى الذين ينتقدون أسلوب "سُمْعَه" وأفلامه، تجدهم يقفون كثيراً عند ممثل كان إنتاجه السنوى من الأفلام غير مسبوق فى تاريخ السينما المصرية بل والعالمية. ففى عام 1953، على سبيل المثال، شارك إسماعيل يس فى (18) فيلم، وهو نفس عدد الأفلام التى شارك فيها عام 1954. وكان إسماعيل يس أيقونة السينما فى هذه الفترة، لدرجة أن هناك شائعة تقول أن أحد المنتجين قد أوقف القطار فى بنها لكى يُجبر إسماعيل يس على النزول وعدم الذهاب إلى الإسكندرية، للمشاركة فى فيلم آخر، لكى يستكمل تصوير فيلمه أولاً.

شارك إسماعيل يس فى حوالى 166 فيلم منذ بدأ التمثيل فى السينما، عندما اختاره المخرج فؤاد الجزايرلى ليشترك فى فيلم "خَلَف الحبايب" (1939) وحتى آخر أفلامه "الرغبة والضياع" (1972) والذى توفى قبل أن يستكمل مشاهده فى الفيلم، مما إضطر المخرج أحمد ضياء الدين إلى تعديل سيناريو الفيلم ونهايته. 

وخلال 33 سنة سينما، قدم إسماعيل يس جميع أنواع الكوميديا فى السينما، بالإضافة إلى عشرات المسرحيات ومسلسلين فقط هما "إسماعيل يس دكتور" (1964) و"عجيب أفندى" (1971)، إلا أن تأثير إسماعيل يس فى السينما كان أكبر بكثير، خاصة أن كل مسرحيات إسماعيل يس تقريبا، تم مسح شرائطها من التليفزيون عندما قام أحد موظفى التليفزيون بمسحهم عن طريق الخطأ ما عدا فصلين من مسرحية "كل الرجالة كده".

تميز اسلوب إسماعيل يس بالتلقائية والعفوية، وقدرته الاستثنائية على إضحاك الجماهير حتى يومنا هذا، فقد شارك فى العديد من الأعمال السينمائية التى لا تزال تُشاهد حتى اليوم، مما يدل على التأثير العميق الذى تركه في قلوب المشاهدين وصناعة السينما المصرية.

قام إسماعيل يس، ببطولة عدة أفلام كوميدية اجتماعية من أهمها فى رأيي فيلم "الآنسة حنفى" (1954)، والذى يُعد واحدًا من أكثر أفلام إسماعيل يس تميزًا وجرأة فى معالجة القضايا الاجتماعية من خلال الكوميديا. الفيلم من إخراج فطين عبد الوهاب، وتأليف أبوالسعود الإبيارى، اللذان شكّلا مع "سُمْعَه" ثلاثيًا فنيًا ناجحًا استمر لسنوات. ويُعتبر "الآنسة حنفى" من أوائل الأفلام المصرية التي تطرقت إلى قضية العلاقة بين الرجل والمرأة ولو بطريقة خيالية وكوميدية، مما يجعله سابقًا لعصره. كما أنه يُعد من الأفلام التي حافظت على شهرتها حتى اليوم، حيث يُعاد عرضه باستمرار بسبب طرافة فكرته وأداء إسماعيل ياسين الرائع. ولا أنسى مشهد الشباك والحوار بين "فيفى" (حنفى سابقاً) وأبوسريع (رياض القصبجى)، ويعد محاكاة فكاهية ساخرة لمشهد "روميو وجولييت" فى مسرحية شكسبير الشهيرة.

من الأفلام التى يعشقها الجميع أيضاً فيلم "ابن حميدو" (1957) للمخرج فطين عبدالوهاب أيضاً، حيث يعتبر واحدًا من أفضل الأفلام الكوميدية التي جمعت بين الكوميديا والحركة والتشويق، ومن أكثر ما يميز هذا الفيلم بعد الأداء التمثيلى الرائع لجميع نجوم الفيلم (إسماعيل يس - أحمد رمزى - هند رستم - زينات صدقى - عبدالفتاح القصرى - توفيق الدقن - سعاد أحمد (الأم) - نيللى مظلوم). حوار الفيلم الذى كتبه المخرج عباس كامل بطريقة سهلة قريبة لقلوب المشاهدين حتى أننا مازلنا نردد لزمات الممثلين فى الفيلم حتى الآن وبعد 68 سنة من إنتاج الفيلم مثل "فتشنى فتش" و"مالهن؟ حد اعتدى عليهن" و"وعليه كرافته ترد الروح" وغيرها.

من الأفلام التي تتناول قضايا اجتماعية مهمة مثل الكذب في العلاقات الزوجية، فيلم "الستات ميعرفوش يكدبوا" (1954)، المأخوذ عن مسرحية بنفس الاسم لنجيب الريحانى وبديع خيرى، وأخرج الفيلم المخرج محمد عبدالجواد. تناول الفيلم قضايا الزواج والثقة والغيرة بطريقة ساخرة، معتمداً على أداء إسماعيل ياسين الفريد الذي أضاف روحًا كوميدية للمواقف الدرامية، خاصة مشاهده مع شادية التى شاركها فى (28) فيلم.

إسماعيل يس هو أكثر ممثل فى السينما المصرية والعالمية (نعم العالمية) قام ببطولة أفلام سُميت بأسمه. فقد قام يس ببطولة (16) فيلم فيها اسم "إسماعيل يس" بدايةً من فيلم "مغامرات إسماعيل"(1954) حتى فيلم "إسماعيل يس فى السجن"(1961)، بالإضافة إلى مسلسل "إسماعيل يس دكتور" مروراً بأفلام "إسماعيل يس فى الجيش، وفى الأسطول، وفى البوليس، وفى الطيران وفى متحف الشمع، وفى مستشفى المجانين، وفى دمشق، وفى جنينة الحيوانات" وغيرها. وقد تميزت هذه الأفلام بأسلوبها الكوميدي الفريد، ونجحت في جذب جمهور واسع، خاصة أنها كانت تتناول مواضيع قريبة من حياة المصريين، مثل الحياة العسكرية والخدمات العامة. وقد ساهمت هذه الأعمال فى تنشيط صناعة السينما خلال فترات الركود، حيث كانت أفلامه تحقق نجاحًا كبيرًا، وتدر إيرادات ضخمة للمنتجين.

ولا نستطيع أن نكتب عن إسماعيل يس دون أن نشير إلى الكاتب الكبير أبوالسعود الإبيارى الذى لعب دورًا محوريًا فى مسيرة إسماعيل ياسين، حيث شكل معه ثنائيًا فنيًا ناجحًا على مدار سنوات طويلة. كتب الإبياري له العديد من الأفلام التي ساهمت في تعزيز مكانته كنجم للكوميديا المصرية. كانت نصوص الإبيارى تتسم بالحس الفكاهى الذكى، الذى يناسب أداء إسماعيل ياسين الفريد. 

وبالرغم من مرور سنوات على وفاة إسماعيل يس عام 1972، لا يزال نجمًا استثنائيًا استطاع بإبداعه وفنه أن يُسعد الملايين، ويظل اسمه محفورًا فى ذاكرة الفن المصري والعربى. إسماعيل يس لم يكن مجرد ممثل كوميدى، بل كان له أسلوبه الخاص الذى يجمع بين التلقائية والعفوية، وهو ما جعل أفلامه تحافظ على مكانتها بين الأجيال.

search