كيم جونغ أون يحظر بث مباريات توتنهام هوتسبير في كوريا الشمالية

في خطوة مثيرة للجدل، قرر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون حظر عرض ومشاهدة المباريات الخاصة بنادي توتنهام هوتسبير الإنجليزي في كوريا الشمالية. القرار الذي يأتي في سياق مشهد سياسي ورياضي معقد، أثار الكثير من التساؤلات حول العلاقة بين الرياضة والسياسة في هذا البلد المنعزل. فما هو الدافع وراء هذا الحظر، وكيف يؤثر ذلك على العلاقات الدولية، وخاصة مع الجارة الجنوبية؟

خلفية الحظر: مَنْ وراء القرار؟

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "ذا صن" البريطانية، يُعزى الحظر بشكل رئيسي إلى وجود اللاعب الكوري الجنوبي سون هيونغ مين في صفوف نادي توتنهام. سون، الذي يعد واحدًا من أبرز لاعبي كرة القدم في العالم، يشكل تهديدًا ضمنيًا لنظام كوريا الشمالية في ظل التوترات السياسية المستمرة بين الكوريتين الشمالية والجنوبية. لم تكن هذه المرة الأولى التي يتخذ فيها كيم جونغ أون إجراءات مشابهة، بل كانت هذه خطوة ضمن سياسة أوسع تهدف إلى الحد من التأثيرات الخارجية التي قد تضر بنظامه.

السياسة الرياضية في كوريا الشمالية: رؤية مُراقبة ومنضبطة

يُعد حظر عرض مباريات الأندية التي تضم لاعبين من كوريا الجنوبية جزءًا من سياسة شديدة الرقابة تتبناها كوريا الشمالية في كل المجالات. في عام 2022، كانت السلطات الكورية الشمالية قد سمحت ببث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز عبر وسائل الإعلام المحلية، إلى جانب مسابقات من دوريات أخرى كالدوري الإسباني والإيطالي. إلا أنه في عام 2023، تم اتخاذ قرار أكثر تحديدًا، حيث ركزت الدولة على بث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز فقط، مع استبعاد المباريات التي يشارك فيها لاعبين من كوريا الجنوبية. وبذلك، تم تقليص نطاق المنافسات الرياضية التي يتم بثها، وتحولت إلى أداة لتوجيه الرسائل السياسية.

التقارير عن الفرق المتأثرة: وولفرهامبتون وبرينتفورد

وكما ورد في تقرير "ذا صن"، لم تشمل التغطية التلفزيونية في كوريا الشمالية في عام 2022 مباريات فريق وولفرهامبتون واندررز، نظرًا لوجود المهاجم الكوري الجنوبي هوانغ هي تشان ضمن صفوفه. وبالمثل، تم استبعاد مباريات فريق برينتفورد الذي يضم المدافع الكوري الجنوبي كيم جي سو. هذه الاستبعادات كانت بمثابة انعكاس صارخ للموقف العدائي تجاه أي ارتباط رياضي مع كوريا الجنوبية، حتى ولو كان في إطار لعبة جماعية لا تحمل بالضرورة أي طابع سياسي.

كيف يتم تقديم المباريات؟

من المثير للانتباه أن طريقة عرض المباريات في كوريا الشمالية تخضع لتعديلات صارمة. فعادة ما يتم تقليص مدة المباريات من 90 دقيقة إلى 60 دقيقة، ما يعني أن المشاهدين لا يتابعون المباراة بشكل كامل كما يحدث في العادة. بالإضافة إلى ذلك، يتم عرض المباريات بعد فترة تأخير تمتد لأربعة أشهر تقريبًا، حيث يتم بثها قبل نشرات الأخبار الرسمية. هذا التأخير والتقليص الزمني يهدف إلى السيطرة على تدفق المعلومات وضمان عدم تأثير المباريات على الأوضاع السياسية أو الاجتماعية في الدولة.

الحظر على التغطية الرياضية: تأثيره على الجمهور الكوري الشمالي

يعكس الحظر المفروض على مباريات الأندية التي تضم لاعبين كوريين جنوبيين حالة من الرقابة المشددة التي تمارسها حكومة كوريا الشمالية على وسائل الإعلام والمحتوى الثقافي بشكل عام. في مجتمع يعاني من العزلة الدولية ويخضع لمراقبة دائمة، تعد الرياضة إحدى القنوات التي يسعى النظام للتحكم بها. ورغم أن الرياضة، كأي نشاط بشري، يمكن أن تكون منبراً للترفيه والهروب من الضغوط اليومية، فإن كوريا الشمالية تعتبرها في كثير من الأحيان ساحة لنقل الرسائل السياسية.

يبدو أن الرياضة في كوريا الشمالية لا تقتصر على كونها مجرد منافسات بين فرق رياضية، بل هي أداة للرسائل السياسية التي تضمن فرض السيطرة على مختلف جوانب الحياة اليومية. ومما لا شك فيه أن استبعاد لاعبي كوريا الجنوبية من التغطية الرياضية في البلاد يعبّر عن مدى أهمية هذه السياسة في الحفاظ على الاستقرار السياسي الداخلي في كوريا الشمالية.

التأثيرات السياسية والاجتماعية: مَنْ المتضرر؟

إلى جانب التأثيرات السياسية الداخلية، يعتبر الحظر المفروض على مشاهدة مباريات توتنهام هوتسبير ومباريات الفرق التي تضم لاعبين كوريين جنوبيين، عقبة أمام الشعب الكوري الشمالي الذي يسعى للاطلاع على العالم الخارجي بشكل محدود. في دولة مغلقة ومتحفظة مثل كوريا الشمالية، تعتبر هذه الأنشطة الرياضية من بين القنوات النادرة التي يمكن أن توفر بعض اللمحات عن الحياة في الدول الأخرى. لكن عبر هذا الحظر، تسعى الحكومة إلى تعزيز الولاء للنظام ومنع أي تأثيرات خارجية قد تهدد قبضتها على السلطة.

الرياضة كأداة للسيطرة: ماذا يعني ذلك؟

يُظهر قرار كيم جونغ أون أن الرياضة في كوريا الشمالية ليست مجرد وسيلة للتسلية أو التفريغ النفسي، بل هي جزء من آلة إعلامية أوسع يتم استخدامها للسيطرة على المعلومات. وهذا يُعتبر جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية الكورية الشمالية ومنع أي تأثيرات من دول أخرى قد تهدد استقرار النظام الحاكم.

علاوة على ذلك، يعكس الحظر على مباريات بعض الأندية الأوروبية ومدى تأثرهم باللاعبين الكوريين الجنوبيين، كيف يمكن للسياسة أن تسيطر على مجالات الرياضة، إذ تتشابك الرياضة والسياسة في كوريا الشمالية لتصبح جزءًا من رؤية شاملة تسعى إلى تعزيز الولاء المطلق للنظام.

مستقبل التغطية الرياضية في كوريا الشمالية

في ضوء هذا القرار، قد تتجه كوريا الشمالية إلى مزيد من التضييق على ما يتم عرضه من مسابقات رياضية على الشاشات المحلية. من غير المستبعد أن تمتد القيود لتشمل المزيد من البطولات التي تضم لاعبين من كوريا الجنوبية، أو حتى فرق أخرى قد يكون لها تأثير غير مرغوب فيه على النظام.

وفي سياق أوسع، يتوقع العديد من المراقبين أن تظل كوريا الشمالية في موقفها الرافض للتفتح الرياضي والثقافي طالما أن العلاقات مع كوريا الجنوبية تظل متوترة، بل قد تُتخذ المزيد من القرارات التي تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية الكورية الشمالية على حساب الانفتاح على الخارج.

الرياضة والسياسة في كوريا الشمالية

يتضح أن الرياضة في كوريا الشمالية تُعد أداة استراتيجية بيد النظام الحاكم. الحظر المفروض على مباريات توتنهام هوتسبير والفرق التي تضم لاعبين كوريين جنوبيين ليس سوى حلقة في سلسلة من القرارات التي تهدف إلى تعزيز هيمنة النظام على كافة جوانب الحياة في كوريا الشمالية. الرياضة، التي يجب أن تكون وسيلة للتسلية والتفاعل الثقافي، أصبحت في كوريا الشمالية جزءًا من استراتيجية أوسع للسيطرة على الشعب الكوري الشمالي ومنع أي تدخلات خارجية قد تهدد استقرار النظام.

توقعات الأبراج ليوم الثلاثاء 18 فبراير 2025: الحب والعمل والمال

توقعات الأبراج ليوم الثلاثاء 18 فبراير 2028 حظك اليوم

التقاليد اليابانية في الميلاد والزواج والوفاة والأعياد: عادات ثقافية عميقة ترتبط بالحياة والموت