الأربعاء، 02 أبريل 2025

08:08 ص

محمد مطش يكتب.. الثقة والتواضع والدروس المستفادة

الأربعاء، 12 فبراير 2025 10:06 ص

محمد مطش

الكاتب محمد مطش

الكاتب محمد مطش

تختلط في الأذهان الكثير من المصطلحات والمفاهيم، فالفاصل خط رفيع والقواسم المشتركة كبيرة ومتداخلة، ولكن لكي يستطيع الفرد الفصل الصحيح والسير بخطى ثابتة علية التمييز وعدم الخلط بين الأمور، فالفارق بين الثقة بالذات ومعرفة إمكانيات وقدرات كل فرد لنفسه أمر مستحب، أما إذا انقلب الحال ووصل لحد الغرور فهو أمر آخر لابد من الوقوف عنده وتفسيره لمعرفة الأسباب وكيفية وضع الحلول المثلى لها.


التعريف البسيط والدارج للثقة بالنفس هو ثقة الإنسان في صفاته وقدراته وتقييمه للأمور، ويعرف أيضا على أنه حسن اعتماد المرء لنفسه، واعتباره لذاته، وقدراته حسب الظرف التي يعيشها من الزمان والمكان، دون إفراط أي دون كبر أو عناد ودون تفريط.

وللثقة بالنفس أهمية ووجوب تتمثل في العديد من المظاهر أهمها اقامة علاقات إيجابية بين الفرد وأقرانه، الشعور الدائم بالراحة والاستقرار، تعزيز القدرة على إنجاز الأهداف التي يسعى إليها الفرد، القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في التوقيت المناسب، والآداء المتقن والإنتاج المتميز، والسعي الدائم على تطوير الذات، والعمل على ايجاد أفكار جديدة، وخلق حالة ابتكار متجددة لدى الفرد.

 ومن أهميتها كذلك إحساس الفرد بالسعادة والنشوة لإيمانه بقدراته والعمل الطموح في ظل ما لديه من إمكانيات.

 كل هذه الأمور إيجابية وبناءة لخلق شخصية متوازنة ومسؤولة، وعلى الجانب الآخر نجد أفرادًا يعانون من عدم الثقة بأنفسهم وعدم إحساساهم بقدراتهم وما لديهم من إمكانيات ومهارات لعدة أسباب منها كثرة الانتقاد، والسخرية الدائمة، والتعرض للعقاب والأذى النفسي والمعنوي، والإهانة المتكررة، والفقر وقلة الحيلة، والفشل وعدم ملاحقة أبناء الجيل وأخيرا عدم شعورهم بأهميتهم ومدى تأثيرهم على من حولهم.

 كل هذه الامور توثر سلبا على الفرد وتجعله كائن منطوي لا يرغب في التعامل مع البشر وعدم قدرته في التواصل بشكل سوى مع من حوله.

ولكن يظل خيط رفيع فاصل بين الثقة بالذات المطلوب توافرها لدى الأفراد وبين الإفراط والغرور، الإفراط بالثقة في النفس يجعل لدى الفرد اعتقاد أنه أفضل وأكثر تفوقًا من الآخرين، وأن لديه قدرات تفوق قدراتهم. 

وقد يقع الشخص تحت تأثير ما يُعرف بـ "وهم التحكم"، أي أنه يمتلك قدرات خارقة في التحكم والتعامل مع الأمور، غير أنَّه في الحقيقة لا يمتلك أي قدرات. 

ولكى يتغلب الفرد على ذلك الإحساس الزائف عليه باتباع العديد من الأمور منها؛ التقييم الواقعي للقدرات لمعرفة نقاط القوة والضعف الحقيقية، والاستماع الى الآخرين، فلابد من معرفة وزن وقيمة الفرد ممن حوله، وتحديد الأهداف الواقعية، والتعلم المستمر لخلق شخصية قادرة على مواكبة التحديات العصرية، والاعتراف بالأخطاء والتعلم منها كنوع من التقييم الذاتي لتجنب الأخطاء، والاستمرار فيما كل ما هو إيجابي، والابتعاد عن المقارنات المستمرة بين الفرد ومن حوله سواء في الدراسة أو العمل، ثم الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية للفرد حتى يكون الفرد متوازن نفسيًا وعقليًا وقادر على العمل والعطاء.


ختامًا، إن تعزيز الثقة بالنفس ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لبناء شخصية قادرة على مواجهة التحديات وتطوير المهارات بشكل مستمر وفعال. 

فالثقة بالنفس هي البوصلة التي توجهنا نحو تحقيق أهدافنا وإنجاز ما نسعى اليه، دون أن نغفل عن أن غيابها يمكن أن يعطل الكثير من الطموحات، لكن من الأهمية بمكان أن تكون هذه الثقة مقرونة بأسمى القيم الإنسانية والمعايير الاخلاقية، كالصدق والتواضع، بحيث لا نقع في فخ الكبرياء أو التفاخر، لأن الثقة الزائدة عن الحد قد تؤدي إلى عواقب وخيمة تؤثر سلبا على الفرد والمجتمع.

 فالتمييز والتفرقة بين الثقة بالنفس والتواضع قد يكون أمرًا معقدًا، لكن إذا نجحنا في تحقيق هذا التوازن، فإننا نفتح أبوابًا جديدة للإبداع والابتكار، مما يعزز من قدراتنا على الإسهام في نهضة مجتمعاتنا وتحقيق ازدهار وتنمية مستدامة.

search