الخميس، 13 مارس 2025

07:07 م

طارق دراج يكتب: رخيص الثمن

السبت، 08 فبراير 2025 08:53 م

  طارق دراج

طارق دراج

المكاسب في الحياة كثيرة ومتنوعة كما الخسائر، ويظل الإنسان في صراع دائم بينهما، فالبعض يربح أموال أو أطفال أو منصب أو راحة بال، الكل أو البعض منها وآخرون يخسرون، وهكذا يستمر الصراع بين مكسب وخسارة في كل شيء، ويشمل ذلك الدول، فالدولة من الممكن أن تكسب أو تخسر أشياء كثيرة منها السيادة علي أراضيها أو الاقتصاد أو العلم، وهكذا تظل الدول تكسب وتخسر حسب عقلية المسيطر عليها ولا يعني هذا استمرار المكاسب أو الخسائر، فالذي تخسره اليوم من الممكن أن يتحول لمكسب بعد تغير الأشخاص أو بعد تخطيط علمي أو وقت مناسب والعكس صحيح، ومكسب اليوم يتحول لخسارة غدا بالإهمال والثقة المفرطة في الغير أو غير ذلك.

وهنا نقف وقفة صارمة مع النفس، لأن الشيء الوحيد الذي لو خسرته لن تستطيع أن تحوله إلي مكسب مهما فعلت هو خسارة نفسك، فهي خسارة فادحة لا يمكن استردادها مهما فعلت، كذلك الدولة إذا خسرت نفسها في خيانة الغير أو التفريط في مقدراتها فتكون الخسائر فادحة كذلك، وتحتاج لمعجزة في استرداد هذه الدولة للوضع الطبيعي للدول المحترمة والقوية، وهنا نري موقف مصر من طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بترحيل الفلسطينين إلي سيناء، ومع كل الحسابات السياسية والعسكرية والاقتصادية لا يمكن تلبيته، لأننا كدولة سنخسر ما لا نستطيع تعويضه، وهنا مصر ستخسر بكل بساطة دون فلسفة أو تعقيدات أو حتي حسابات سياسية وعسكرية.

وإذا اعتبرنا مصر إنسان خسر نفسه ولا يمكن تعويضها، فهذا واضح رداً علي الذين لا يمانعون في أن تخسر نفسك وهي سهلة وهينة مقابل المال أو المصلحة أو الأمان أو غير ذلك من أسباب واهية ضعيفة، وهؤلاء بلا هوية أو مبدأ ويتساقطون كأوراق الشجر في الخريف، علي الرغم من أن حجتهم تبدو قوية في عصر العولمة والبرجماتية والمصلحة الخاصة، ولكن هم مثل البالون الفارغة من أي مضمون ومعني وجودهم لا يعنيهم بقدر امتلاكهم للأشياء وأمانهم ومصالحهم الخاصة، فلعل يدرك «ترامب» أن طلبه مرفوض شعبياً ومرفوض عالمياً من قبل الشعوب الحرة.

search