الأربعاء، 02 أبريل 2025

08:05 ص

محمد حامد يكتب: الشرطة المصرية فى السينما

الإثنين، 27 يناير 2025 05:24 م

محمد حامد

محمد حامد

لأن السينما المصرية - كما ذكرنا فى مقالات سابقة - تُعتبر مرآة تعكس ملامح المجتمع وقضاياه وعناصره الفاعلة، لذلك كانت الشرطة المصرية ودورها في حماية أمن الوطن والمواطنين، محوراً لعدد كبير من الأفلام المصرية.
فى 25 يناير عام 1952، واجه رجال الشرطة فى مدينة الإسماعيلية قوات الاحتلال البريطانى ورفضوا تسليم مبنى المحافظة وقسم الشرطة وكانت النتيجة 50 شهيداً وأكثر من 80 جريحاً من رجال الشرطة، ليصبح هذا اليوم تخليدًا لشجاعتهم ودفاعهم عن الكرامة الوطنية. 
وتزامنًا مع عيد الشرطة المصرية، نستعرض بعض أبرز الأفلام التي سلطت الضوء على دور الشرطة المصرية.
استلهمت السينما المصرية هذه الروح البطولية في أعمال عديدة، أظهرت الأبعاد الإنسانية والمهنية للعمل الشرطى. بل أن أحد الأفلام "حرب كرموز" (2018) استلهم قصة موقعة الإسماعيلية ذاتها ونقلها مع تغيير المكان والزمان لإنتاج عمل فنى جيد به الكثير من العناصر السينمائية الناجحة والمثيرة ليخلد بطولة رجال الشرطة المصرية ودورهم فى مقاومة الإحتلال البريطانى لمصر ودفاعهم عن الكرامة الوطنية وعن المصريين.
كما نجد أيضاً دور الشرطة البارز فى حماية أمن المواطن فى فيلم "بطل للنهاية" (1963) من إخراج حسام الدين مصطفى حيث يركز الفيلم على التعاون بين رجل الشرطة (نظيم شعراوى) وبين المجرم التائب (برانس/فريد شوقى) للقبض على أفراد العصابة الذين يهددون أمن المجتمع مما يعكس التكامل والتعاون بين الشرطة والمواطن للوصول إلى مجتمع آمن.
ومن أهم الأفلام التى أبرزت دور الشرطة فى الفترة الأخيرة فيلم "الخلية" (2017) للمخرج طارق العريان حيث ركز الفيلم بشكل ممتاز على العمليات النوعية التى تقوم بها الشرطة ضد الإرهاب كما أظهر الفيلم بوضوح التضحيات الكبيرة التى يقدمها أفراد الشرطة للحفاظ على الوطن والدفاع عنه.
ومن الأفلام الهامة من وجهة نظرى فى نفس السياق، فيلمان من بطولة الفنان الراحل إسماعيل يس ومن إخراج فطين عبدالوهاب وهما "إسماعيل يس فى البوليس" (1956) و "إسماعيل يس بوليس سرى"(1959). وبالرغم من أن الفيلمين يغلب عليهما الطابع الكوميدى إلا أنهما قد سلطا الضوء وبوضوح على معاناة رجل الشرطة نتيجة لطبيعة عمله الصعبة كما عكسا احترام دور الشرطة وأهميته. كما رصد الفيلمان التغيرات الإجتماعية التى أصابت المجتمع فى هذه الفترة. وقد قدم إسماعيل يس وفطين عبدالوهاب أيضاً فيلماً من أحب الأفلام إلى نفسى وهو فيلم "ابن حميدو" (1957) وفيه نشاهد دور رجال الشرطة فى مكافحة تهريب المخدرات وقدرتهم على التخفى ونجاحهم فى القبض على تجار المخدرات فى النهاية من خلال فيلم كوميدى رومانسى بوليسى يعكس بعض ملامح السينما المصرية فى الخمسينات والتى كانت تجمع بين الترفيه والرسائل الهادفة.
لا أستطيع وأنا أكتب هذا المقال ألا أذكر الدور الصغير حجماً والكبير تأثيراً والذى قام به ظابط صغير الرتبة حديث التخرج (زين العشماوى) فى فيلم "الخطايا" (1962) عندما وجه بطل الفيلم (عبدالحليم حافظ) وساعده لكى يعود إلى رشده ويبدأ حياته من جديد بعد الصدمة التى تعرض لها عندما عرف أن الرجل الذى رباه ليس والده، وكانت هذه نقطة تحول هامة فى الفيلم.
وكما سلطت السينما المصرية الضوء على الدور الوطنى للشرطة المصرية فى العديد من الأفلام، فإنها أيضاً قامت بتسليط الضوء على بعض النماذج الغير سوية والتى تُسيئ لجهاز الشرطة بهدف تطهير هذا الجهاز الوطنى من أى عنصر لا يحترم الزى الذى يرتديه. فكان مثلا فيلم "ملف فى الآداب" (1986) تأليف المبدع وحيد حامد وإخراج عاطف الطيب والذى قام الظابط بطل الفيلم (صلاح السعدنى) بالتزوير والكذب لتلفيق قضية آداب لمجموعة من العاملات والموظفين بغير وجه حق وحول حياتهم إلى جحيم بسبب هذه التهمة البشعة إلى أن ظهرت الحقيقة فى آخر الفيلم.
ومن منا ينسى رائعة المخرج محمد خان والفنان أحمد زكى، "زوجة رجل مهم" (1988) والذى غاص بإحترافية فى النفس البشرية للظابط الفاسد الغير سوي والذى يستغل نفوذه بطريقة خطأ ويعتقد فى نفس الوقت وبإيمان شديد أن ما يفعله من تلفيق وتزوير هو من أجل مصلحة الوطن. وكانت لحظة التصحيح من قيادات وزارة الداخلية بإبعاده عن العمل الشرطى هى لحظة حَكَم بها على نفسه بالإعدام وقام بالفعل بتنفيذ هذا الحكم بنفسه فى آخر الفيلم.
فى النهاية نستطيع أن نقول أن السينما المصرية قدّمت الشرطة كجزء من واقع مليء بالتحديات، من مكافحة الإرهاب إلى استعراض جهود الشرطة في ضبط الجريمة ومنع وقوعها إلى دورها فى أن يشعر المواطن بالأمان. هذه الأعمال السينمائية التى تناولت دور الشرطة، لم تكتفِ بإبراز دورها كجهاز أمنى، بل سلطت الضوء على الإنسان خلف الزى الرسمى فهو ابن هذا الوطن الذى يضع حياته فى خطر ليضمن أمان المواطن وسلامة الوطن واستقراره.

search