السبت، 02 نوفمبر 2024

09:42 م

العلاقات الإجتماعية وشعره معاوية

الأربعاء، 24 يوليو 2024 08:23 م

وفاء أنور

وفاء أنور

وفاء أنور

كثير من العلاقات الاجتماعية التي تربط بينك وبين بعض الأشخاص ترغمك أحيانًا على التعامل معها بمبدأ -البين بين- قد تلزمك طبيعتها على البقاء فيها وعليها تطبيقًا لمضمون قصة شعرة معاوية؛ إنها علاقات باهتة لا أثر لها، لا روح فيها ولا حياة، لا تحمل معها خيرًا أو شرًا، علاقات صماء التزمت بالحياد التام، بالمتابعة عن بعد ودون اهتمام، علاقات مختلطة لا يمكن أن تجزم بمحبة أصحابها لك أو بكراهيتهم؛ من بين هؤلاء من تجمعهم بك علاقة أسرية، ومن بينهم من تجمعك به علاقة جيرة أو زمالة عمل.

يتكرر عليك السؤال حينها: هل ستُبقي عليهم طالما هم لم يضروك بشيء؟ أم أنك ستخطط للتنازل عنهم وعن علاقتك بهم؟ تركض لاهثًا باحثًا عن مسمى لتلك الرابطة الغريبة التي تربط بينك وبينهم، عن -شعرة- يمكنك أن تشدها أو تجذبها كلما اختلفت مواقفهم وكلما استدعى الأمر ذلك. إنها علاقات ثقيلة بثقل أصحابها الذين ارتضوا أن يقيموا داخل منطقة الظل، فلا هم واضحون ومعلنون كشروق الشمس، ولا هم غامضون ومبهمون كمغربها، غيابهم حضور، وحضورهم غياب، لا أكثر من ذلك ولا أقل.

القصة ليست في وصف تلك العلاقات بالسهلة أو الصعبة، القصة في تلك الحيرة الناتجة عن ضرورة الحكم بالتخلي عنهم أو إبقائهم. تتوالى المقترحات  آتية من طيات ظلام تتخبط فيه مع اختيارات عديدة لديك، فالصراع الدائم مميت؛ لا تنظر إلى هكذا مستبعدًا إياي عن المرور بتجربة تشبه تجربتك؛ فأنا لست أفضل منك حالًا، فكم سيطرت على حالة تطابقت تمامًا مع حالتك، كم تقدمت من قبلك للدخول في مبارزة حامية بين الصواب والخطأ، بين الحركة والسكون، بين البقاء والاستغناء، حتى مللت.  

إن أعقد العلاقات وأصعبها تلك التي لم يرد لها وصف أو تصنيف، إن أكثر الموضوعات إزعاجًا لأنفسنا تلك التي نعيشها ولا نشعر بها. موجة تشتيت الأفكار اختزلت من مساحة حريتي أنا وأنت، فعلت بي كما فعلت بك، امتصت طاقتي كما امتصت طاقتك، أسكنتني إجبارًا في منطقة وسطى بين يقين وبين شك، دعتني للتعلق والتشبث بأوهام وحقائق لا حصر لها، فما أصعب سجال الشد والجذب!

أغلبنا يمقت البقاء داخل المناطق الوسطى، بين أنصاف الحلول ومع أنصاف البشر، صمتهم الهادر بات يزعجنا، تضطرب معه وبه أمواج بحورنا وسط سكون تام لمواجهة ردود أفعال مبهمة، تتعذب أنفسنا وهى تقاوم محاولة سجننا داخل مكان لا يليق بنا، تتمرد أنفسنا أحيانًا علينا، تأمرنا بالتخلي عن علاقات ضعيفة كتلك، علاقات بقيت فقط بفضل -شعرة واحدة- اسمها شعرة معاوية.

search