الأحد، 22 ديسمبر 2024

02:06 م

وكيل الأزهر: العلوم ‏الخضراء تهدف إلى تقديم حلول ‏مستدامة للتحديات ‏البيئية

الإثنين، 25 نوفمبر 2024 07:34 م

السيد الطنطاوي

دكتور محمد الضويني

دكتور محمد الضويني

أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أنَّ العلوم الخضراء من أهم المجالات العلمية في العصر الحاضر؛ لما ‏لها من علاقة قوية بالتغيرات المناخية ‏التي ‏تهدد الكوكب كله، وبالموارد التي من حق البشر جميعًا أن ينتفعوا بها في الحاضر والمستقبل، ‏وهي علوم لها تعلق كبير وقوي ‏كذلك بالحراك الاقتصادي والتقدم المادي، بحيث يمكن أن يكونا وجهين ‏لعملة واحدة؛ وقال إنه في الوقت ‏الذي تحرص فيه «العلوم ‏الخضراء» على الوصول إلى حلول ‏مستدامة للتحديات ‏البيئية، يسعى الاقتصاد إلى تحقيق النمو ‏‏والازدهار، و«العلوم الخضراء» طريق الاقتصاد الآمن، وكلاهما ‏‏مطلوب من كل مجتمع واعٍ.‏

 وتابع فضيلته، أنه لا أدل على ترابط «العلوم الخضراء» بالاقتصاد من وجود ‏طلب متزايد على ما أطلق ‏عليه «الاقتصاد ‏الأخضر»، الذي يهدف ‏إلى تحسين رفاهية الإنسان، مع تقليل ‏المخاطر البيئية وتكلفة ‏مواجهة التلوث البيئي والتغير ‏‏المناخي، ورغم أن كل مجال جديد قد يلقى بعض الرفض أو المعارضة ‏ممن ‏ألفوا أنماطًا حياتية معينة، أو ممن ‏تتعارض مصالحهم ‏الشخصية مع الوضع الجديد، أو يلقى بعض ‏الصعوبات التي تتعلق ‏بالتكاليف المادية، ‏أو نقص الوعي لدى الشريحة العريضة من ‏المستهلكين، أو حتى ‏من غياب الدعم القانوني المنظم أحيانًا، ‏ولكن ‏الأمل في مثل هذه المؤتمرات أن تُقرِّب وجهات النظر، وأن ‏‏تتجاوز قاعات المؤتمر، وتنطلق إلى ‏الجمهور بما تملكه من وسائل؛ ‏لإقناع الناس بضرورة التغيير الذي ‏يعني حياة أفضل.‏ 

وأضاف الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الثالث للعلوم ‏‏الأساسية والتطبيقية لكلية العلوم للبنات، جامعة الأزهر بالقاهرة، تحت عنوان: «نحو العلوم الخضراء» أن ‏‏هذا المؤتمر المهم يؤكد بما فيه من بحوث أن عطاء الأمة لا ‏ينقطع، وأن الخير فيها باقٍ إلى قيام الساعة، ‏‏وأنها إن مرضت أو ‏وهنت؛ فإنها لا تموت، ويؤكد أن عقل الأمة متجدد، ‏وأن علماءها قادرون على الربط ‏‏بين الأصالة والمعاصرة بحبل ‏وثيق، وأنهم يعتمدون على تراثهم وماضيهم دون أن يحبسوا أنفسهم ‏فيه، وأنهم ‏‏قادرون على التفاعل مع عطاء العصر المتغير.‏ 

وبيَّن وكيل الأزهر أن الإسلام دين العلم، والذي ‏يجب أن يصح في ‏الأذهان أن الإسلام لم يتوقف بالعلم ‏عند حدود ‏العلم الشرعي وحده، بل إنه يمتد ليشمل علوم الحياة وعلوم ‏الكون، ‏وضروب النشاط الإنساني ‏كافة.‏ ولو تأملنا تراثنا بعمق لأدركنا أن كثيرًا مما تطرحه «العلوم ‏الخضراء» له أصل ديني يدعو إليه، أو ‏إطار ‏شرعي يوجه العمل ‏فيه.‏ ومن أمثلة ذلك: زراعة المحاصيل المحسنة وراثيًّا، بحيث ‏تكون المحاصيل ‏أكثر إنتاجًا، وأكثر قدرة على ‏تحمل الظروف ‏المناخية القاسية، وإعادة تدوير النفايات ‏العضوية وتحويلها إلى ‏‏طاقة ووقود حيوي أو سماد، وتطوير ‏تقنيات مبتكرة لتنقية المياه، وإعادة استعمالها، واستخدام مواد ‏صديقة ‏‏للبيئة في المباني والإنشاءات، وتصميمها بما يلائم الحياة ‏الصحية، وغير ذلك من مداخل جديدة.‏ ونوَّه فضيلته بأن هذه المداخل الجديدة لا تخرج عن توجيهات ديننا الذي يأمر ‏بالحفاظ على البيئة، ‏والاعتدال في استهلاك ‏الموارد، وعَدِّ الإفساد ‏في الأرض من الكبائر.‏ ولا يخرج عن التخطيط للمستقبل، ‏ووضع حق الأجيال ‏القادمة في الموارد في الاعتبار مما أشار إليه ‏فقهاؤنا العباقرة.‏ ويتفق تمامًا مع الرحمة ‏بالحيوان التي أمر بها الإسلام؛ ‏بوصفها مخلوقات لها حقوق، ورتَّب على الإحسان ‏إليها أجرًا ‏كبيرًا. ‏وينسجم مع النظافة والجمال اللَّذَيْن عَدَّهما الإسلام جُزءًا من ‏الإيمان.‏ 

ودعا وكيل الأزهر القائمين على المؤتمر إلى أن يكشف المؤتمر بأبحاثه ‏المتخصصة، ‏عن مدى ما يمكن أن ‏تُقدِّمه العلوم الخضراء من تخفيف لحدة ‏الأزمات الاقتصادية وآثارها ‏الصعبة، وأن تضع مسارات عملية ‏‏تحقق الاستخدام الأمثل للموارد.‏ مُوجهًا فضيلته بعض الرسائل الموجزة، راجيًا أن تجد نتائج ‏المؤتمر وتوصياته طريقها إلى ‏الأجهزة المسئولة؛ لتكون على أجندة ‏أولوياتها؛ ‏وفاء لأوطاننا، ‏وصيانة لأمتنا:‏ الرسالة الأولى: إن الشعوب الواعية هي التي لا تضع رأسها ‏في الرمال خوفًا من تجربة الجديد، بل هي ‏‏التي تقتحم المستقبل ‏بمنهجية مدروسة، وتقدر على الاستفادة من معطيات العصر في كل ‏مجالات العلوم.‏ الرسالة الثانية: إن العلوم الخضراء تتيح لنا إمكانات حقيقية ‏لإعادة النظر في كثير من الأنشطة المتعلقة ‏‏باستثمار الموارد، ‏ومواجهة التغيرات المناخية، واتخاذ القرارات الصائبة المتعلقة ‏بأنماط الاستهلاك.‏ الرسالة الثالثة: إن استثمار ما تطرحه العلوم الخضراء من ‏بدائل آمنة معاصرة لا يخرج عن أصول ديننا ‏‏وثوابتنا وتاريخنا.‏ والرسالة الرابعة: إننا يجب أن نعمل على زيادة الوعي بما ‏في الواقع من تحديات، وأن نحسن استثمار ‏‏الفرص، والاستفادة ‏من معطيات الواقع؛ حتى لا نتخلف عن ركبه.

search