طلق زوجته برسالة على الواتس.. الإفتاء ترد
الإثنين، 25 نوفمبر 2024 10:18 ص
السيد الطنطاوي
دار الإفتاء المصرية
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية الأسبق، في رده على رسالة من أحد القراء أن شخصا كتب رسالة الكترونية لزوجته على تطبيق الواتس آب، يخبرها فيها أنها طالق، ويسأل عن حقيقة وقوع الطلاق من خلال الرسائل الالكترونية: إن قيام الزوج بكتابة رسالة موجهة إلى زوجته بلفظ طلاقٍ صريحٍ، عبر وسيلة من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة، كالرسائل النصية (Sms)، ومراسلات الواتساب (WhatsApp)، ومراسلات البريد الإلكتروني (Email) ونحوها، يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة سواء وجهه إلى الزوجة أو غيرها؛ لأن الكتابة من أقسام الكناية على المختار في الفتوى؛ وهو مذهب فقهاء الشافعية والحنابلة، ووافقهم المالكيةُ فيما إذا وجهه إلى غير الزوجة.
ويراعى في الحكم بوقوع مثل هذه الصور الكتابية من مسائل الطلاق: أن يكون الزوج هو صاحب الرسالة المكتوبة بالفعل، وأن تكون الرسالة موجهة من الزوج لمعلومٍ قاصدًا إيصال مضمونها إلى زوجته (سواء أرسلها للزوجة أو غيرها)، وأن يكون اللفظ المكتوب في الرسالة هو ممَّا يستعمل في الطلاق، أن يتوفر لدى الزوج قصد إيقاع طلاق زوجته وقت كتابة الرسالة وإرسالها لا قبله ولا بعده، فإن كان عازمًا حينئذٍ على الطلاق، وقع الطلاق، وإن كتب ذلك ولم يكن ناويًا للطلاق، لم يقع الطلاق، وأن يقصد الزوج إنشاءَ طلاقٍ في الحال، لا الإخبار بطلاقٍ سابقٍ يعتقد وقوعه، أو مجرد الكتابة أو أراد شيئًا آخر غير الطلاق كغَمِّ الزوجة وإدخال الحزن عليها ونحو ذلك.
وأكد فضيلته أن هذا كله يتم مع مراعاة قواعد الإثبات والاعتداد بالمراسلات عبر البرامج المذكورة، واستيفاء الشروط والضوابط الفنية والتقنية المنصوص عليها في قانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الصادرة رقم (١٠٩) لسنة (٢٠٠٥م) وفقًا لآخر تعديل صادر في (٢٣) إبريل عام (٢٠٢٠م).
وأوضح أنه إذا توافرت هذه الشروط مجتمعة، حُكِمَ بوقوع الطلاق، وإن افتُقدت أو أحدها: صُرفَ الطلاق إلى غيره، بأن يكون بدافع الغضب أحيانًا، أو التهديد، أو الهزل، أو مجرَّد رد فعل في موقف معين أحيانًا أخرى، دون وجود أيِّ نية لإيقاع الطلاق، أو قاصدًا بها الإخبار بطلاقٍ سابقٍ لا إنشاءه.
الكتابة وسيلة من وسائل الطلاق
الطلاق هو رفع قيد النكاح، وركنه اللفظ الدال عليه، أو ما يقوم مقامه من الكتابة، حيث اعتبر الفقهاء الكتابة بالطلاق وسيلةً من الوسائل المعتبرة التي تقوم مقام اللفظ، وهي ليست مقصورةً على الكتابة على الأوراق فقط، بل تمتدُّ أيضًا لتشملَ كلَّ كتابة، ومنها: الكتابات الإلكترونية عبْر برامج الاتصال والتواصل الحديثة، كالرسائل النصية (Sms)، ومراسلات الواتساب (WhatsApp)، ومراسلات البريد الإلكتروني (Email) ونحوها، وحكمها حكم التواصل الطبيعي إذا تحققت شروط حجيتها الشرعية والقانونية.
وهذا النمط من رسائل الاتصال والتواصل مشمولٌ بما نصت عليه المادة (1) من قانون رقم (15) لسنة (2004م) بشأن تنظيم التوقيع الإلكتروني، حيث نصت الفقرة (أ) منها على: [الكتابة الإلكترونية: كلُّ حروف أو أرقام أو رموز أو أي علامات أخرى تثبت على دعامة إلكترونية أو رقْمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطي دلالة قابلة للإدراك] اهـ.
كما نصت الفقرة (ب) منها على: [المحرر الإلكتروني: رسالة بيانات تتضمن معلومات تُنشأ أو تُدمج، أو تُخَزَّن، أو تُرْسَل أو تُسْتقبل كليًّا أو جزئيًّا بوسيلة إلكترونية، أو رقْمية، أو ضوئية، أو بأية وسيلة أخرى مشابهة] اهـ، ممَّا يدلُّ على أنَّ الكتابة الإلكترونية بصورها المتنوعة يترتَّب عليها من الآثار ما يترتَّب على الكتابة الخطية على الورق.
الفقهاء وصور الطلاق المختلفة
فَرَقَ الفقهاء في كتابة لفظ الطلاق بين صورتين:
الصورة الأولى: أن تكون الكتابة فيه غير مستبينةٍ، بحيث لا تبقى صورتها بعد الانتهاء منها (كالكتابة على الهواء أو الماء)، أو لا يمكن فهمُها أو قراءتُها: فهذه لا عبرةَ بها، أي: لا يقع بها طلاق حتى وإن نوى صاحب الكتابة، كما هو مقرَّر فقهًا؛ "لأن ما لا تستبين به الحروف لا يسمى كتابة فكان ملحقًا بالعدم"، كما قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (3/ 109، ط. دار الكتب العلمية).
قال العلامة المُحقِّق ابن عابدين الحنفي في "الدر المختار" (3/ 246، ط. دار الفكر): [ففي غير المستبينة: لا يقع الطلاق، وإن نوى] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (4/ 463، ط. دار الكتب العلمية): [(لو كتب ناطق) على ما يثبت عليه الخط، كرقٍّ وثوبٍ وحجرٍ وخشبٍ، لا على نحو ماء، كهواءٍ (طلاقًا) أو نحوه ممَّا لا يفتقر إلى قبول كالإعتاق والإبراء، والعفو عن القصاص، كأن كتب: زوجتي أو كل زوجة لي طالق، أو عبدي حر (ولم ينوه) أي الطلاق أو نحوه: (فلغوٌ) لا يعتدُّ به على الصحيح] اهـ.
والصورة الثانية: أن تكون الكتابة مستبينةً، أي: واضحةً في كلماتها وحروفها، وباقية في صورتها (كالكتابة على الورق ونحوها)، فهذا النوع من الكتابة فرَّق فيه الفقهاء بين المرسومة -وهي الموجهة إلى شخصٍ بعينه والمعنونة باسمه- وغير المرسومة -وهي غير المُصدَّرة ولا المعنونة-، كما جاء في "الفتاوى الهندية" (1/ 378، ط. دار الفكر).
وحكم الكتابة المستبينة غير المرسومة: تتوقف على نية صاحبها، إن نوى بها طلاقًا: وقع، وإلَّا: فلا.
قال الإمام برهان الدين ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (3/ 275، ط. دار الكتب العلمية): [وإن كانت مستبينة على وجهٍ يمكن قراءتها وفهمها؛ بأن كَتَبَ على الأرض أو الحجر، إلا أنه غير مُصدَّرٍ ولا مُعَنْوَن، وفي هذا الوجه: إن نوى الطلاق، يقع، وإن لم ينْوِ، لا يقع] اهـ.
وأمَّا الكتابة المستبينة المرسومة (المُصدَّرة والمُعنونة): فقد اختلف الفقهاء في توقُّف وقوع الطلاق بها على النيَّة من عدمه، والمختار للفتوى هو ما ذهب إليه الشافعية في الأصح والحنابلة في رواية (خرجها القاضي الشريف، وصوبها المرداوي)، حيث قرروا أنَّ الكتابة كنايةٌ من كنايات الطلاق لا يقع الطلاق بمجرَّدها؛ بل يتوقف وقوع الطلاق فيها على النية المصاحبة لها؛ وذلك لأن الكتابة محتملة، فقد يقصد بها أمورًا غير الطلاق؛ كتجربةِ وسيلةِ الكتابة أو أراد غمِّ الزوجة وإدخال الحزن عليها بتوهم الطلاق دون إرادة حقيقته، ومن ثَمَّ فلا يكون ناويًا للطلاق.
قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (3/ 13، ط. دار الكتب العلمية): [فصل: إذا كتب طلاق امرأته بلفظ صريح ولم ينْوِ: لم يقع الطلاق؛ لأن الكتابة تحتملُ إيقاعَ الطلاق، وتحتمل امتحان الخط، فلم يقع الطلاق بمجردها] اهـ.
الفتوى الصحيحة
وأضاف الدكتور شوقي علام، أنه مما سبق يتقرر: إذا كتب الزوج رسالة موجهة إلى زوجته بلفظ طلاقٍ صريحٍ عبر وسيلة من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة -كالرسائل النصية (Sms)، ومراسلات الواتساب (WhatsApp)، ومراسلات البريد الإلكتروني (Email) ونحوها-، فهذا يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة سواء وجهه إلى الزوجة أو غيرها؛ لأن الكتابة من أقسام الكناية على المختار في الفتوى؛ وهو مذهب فقهاء الشافعية والحنابلة، ووافقهم المالكيةُ فيما إذا وجهه إلى غير الزوجة.
ويراعى في الحكم بوقوع مثل هذه الصور الكتابية من مسائل الطلاق -بناء على ما رسَّخته دار الإفتاء المصرية من منهجية التحقيق في ألفاظ الطلاق الكنائي- الآتي:
أولًا: أن يكون الزوج هو صاحب الرسالة المكتوبة بالفعل، وأن تكون الرسالة موجهة من الزوج لمعلومٍ قاصدًا إيصال مضمونها إلى زوجته (سواء أرسلها للزوجة أو غيرها).
ثانيًا: أن يكون اللفظ المكتوب في الرسالة هو ممَّا يستعمل في الطلاق.
ثالثًا: أن يتوفر لدى الزوج قصد إيقاع طلاق زوجته وقت كتابة الرسالة وإرسالها لا قبله ولا بعده، فإن كان عازمًا حينئذٍ على الطلاق، وقع الطلاق، وإن كتب ذلك ولم يكن ناويًا للطلاق، لم يقع الطلاق.
رابعًا: أن يقصد بها إنشاءَ طلاقٍ في الحال، لا الإخبار بطلاقٍ سابقٍ يعتقد وقوعه، أو مجرد الكتابة أو أراد شيئًا آخر غير الطلاق كغَمِّ الزوجة وإدخال الحزن عليها ونحو ذلك.
وهذا كله مع مراعاة قواعد الإثبات والاعتداد بالمراسلات عبر البرامج المذكورة واستيفاء الشروط والضوابط الفنية والتقنية المنصوص عليها في قانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الصادرة رقم (١٠٩) لسنة (٢٠٠٥م) وفقًا لآخر تعديل صادر في (٢٣) إبريل عام (٢٠٢٠م)؛ حيث نصت المادة التاسعة من اللائحة المذكورة على: [مع عدم الإخلال بالشروط المنصوص عليها في القانون، تتحقق حجية الإثبات المقررة للكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها، إذا توافرت الضوابط الفنية والتقنية الآتية:
(أ) أن يكون متاحًا فنيًّا تحديد وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية، وأن تتم هذه الإتاحة من خلال نظام حفظ إلكتروني مستقلٍّ وغير خاضعٍ لسيطرة منشئ هذه الكتابة أو تلك المحررات، أو لسيطرة المعني بها.
(ب) أن يكون متاحًا فنيًّا تحديد مصدر إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية ودرجة سيطرة مُنشئها على هذا المصدر وعلى الوسائط المستخدمة في إنشائها.
(ج) في حالة إنشاء وصدور الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية بدون تدخل بشري، جزئي أو كلي، فإن حجيتها تكون متحققةً متى أمكن التحقق من وقتِ وتاريِخ إنشائها ومن عدم العبث بهذه الكتابة أو تلك المحررات] اهـ.
فإذا توافرت هذه الشروط مجتمعة: حُكِمَ بوقوع الطلاق، وإن افتُقدت أو أحدها: صُرفَ الطلاق إلى غيره. والله سبحانه وتعالى أعلم.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:47 ص
سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:44 ص
سعر اليورو أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:40 ص
استقرار أسعار الدينار الكويتي أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:37 ص
أسعار الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:34 ص
سعر الدرهم الإماراتي اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:31 ص
الأكثر قراءة
مواقيت الصلاة
-
الفجر
05:14 AM
-
الشروق
06:47 AM
-
الظهر
11:53 AM
-
العصر
02:41 PM
-
المغرب
05:00 PM
-
العشاء
06:23 PM
أكثر الكلمات انتشاراً