السبت، 02 نوفمبر 2024

05:27 م

شعيب عبد الفتاح يكتب: 5224 سنة على تأسيس مصر أول دولة في التاريخ

الجمعة، 01 نوفمبر 2024 10:41 ص

الكاتب شعيب عبد الفتاح

الكاتب شعيب عبد الفتاح

مر أمس 31 أكتوبر، 5224  سنة على تأسيس مصر وقيام أول دولة في التاريخ البشرى والانسانى، والتي تأسست  في يوم 21  من شهر بابة، أو 31 أكتوبر في العام 3200 قبل الميلاد، وهو  يوم دوّن فيه التاريخ ذكرى"عيد توحيد مصر"، أو "عيد توحيد القطرين الشمالي والجنوبي أو عيد توحيد الأرضين على يد الملك"مينا" المعروف بـ"موحد القطرين"، لتبدأ مصر مرحلة جديدة من الوحدة السياسية وتأسيس أول دولة مركزية فى التاريخ منذ 3200 عام قبل الميلاد، أي منذ 5224 سنة ، فلماذا تترك الأمة المصرية كل هذا التاريخ الشامخ بما احتواه من انتاج حضارت خالدة وانجازات ما زالت تبهر العالم حتى اليوم والى أن تقوم الساعة؟. لماذا يتنازل الشعب المصري العظيم عن هذا الارث الحضاري المتراكم والميراث الانساني الملهم الذي قدمه للبشرية جمعاء ولا يجعل من هذا اليوم عيدا قوميا له يتباهى به أمام الدنيا كافة دون استثناء؟  
وبالبحث وجد أن أقدم مناسبة يحتفل بها كعيد قومي في العالم هي ذكرى تأسيس سويسرا التي كانت في الأول من أغسطس عام 1291 ميلادية، وثاني مناسبة في الولايات المتحدة حيث تحتفل بالعيد القومي في 4 يوليو عام 1776 وسمي عيد الاستقلال، وهو ذكرى انفصالها عن المملكة المتحدة، واذا حسبنا المدة الزمنية لأقدم هذين العيدين القوميين على مستوى العالم، فسنجد أن ذكرى احتفال سويسرا عمرها حوالى 728 سنة،  وذكرى احتفال الولايات المتحدة 233 سنة فقط لاغير. وهناك كثير من الدول تحتفل بعيدها في ذكرى تأسيسها الخمسين أو الستين عاما، في حين أن الأمة المصرية تمتلك رصيدا حضاريا يمتد لمدة 5219 سنة كما سبق الذكر!
وأمام هذا الطرح نسأل سؤالنا الهام وهو: أليس من الأجدى التفكير في اعتبار يوم 31 أكتوبر عيدا قوميا، والاحتفال به في كل عام لكونه ذكرى تأسيس وقيام أول دولة في التاريخ البشري وهي الدولة المصرية؟. نذكر فيه العالم بتلك الهدية الحضارية العظمى التى قدمتها مصر له وهي أول كيان سياسي على وجه الأرض؛ وما استتبع ذلك من تقديم حضارة شاملة علمت البشرية الكتابة والزراعة والبناء والعمارة والطب والعلوم والفلك؛ حضارة كبرى لاح على ضفافها ذات يوم فجر الضمير؛ ذلك الفجر الذي سطع  نوره على الدنيا عبر أول معاهدة سلام معروفة في التاريخ، وعبر أول دعوة للتوحيد وعبادة الله الواحد، وكذلك عبر احتضان الأديان السماوية الثلاث المقدسة، كما تركت مصر القديمة إرثاً دائماً للبشرية جمعاء، وأخذ منها اليونانيون القدماء الكثير وتلاهم الرومان. ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاق واسع في العالم، ونقلت آثارها إلى أصقاع بعيدة من العالم. وألهمت الأطلال والبقايا خيال المسافرين والكتاب لعدة قرون، وأدت اكتشافات في مطلع العصر الحديث عن آثار وحفريات مصرية إلى أبحاث علمية للحضارة المصرية تجلت في علم أطلق عليه علم المصريات، وذلك مزيداً من التقدير لتراثها الثقافي في مصر والعالم . 
ومن الجدير بالذكر أن هذه الدعوة ليست غريبة على التاريخ المصري؛ فقد احتفل المصريون القدماء  منذ 5224 سنة بعيد توحيد القطرين الذي دمج مع احتفالات الجلوس على العرش لبعض الملوك في الحادي والعشرين من شهر بابة الذي يوافق 31 أكتوبر، أبرزهم الملك "أحمس" و"أمنحتب الأول" و"تحتمس الثالث"،  لأن "حب – تاوى" أو "عيد الأرضين" هو عيد تمام وحدة أرض مصر، عيد التئام الشمال والجنوب في دولة واحدة، محددة المعالم، متجانسة الملامح والمشتركات، عيد ذكرى اكتمال ونضوج الشخصية القومية المصرية، وهو العيد الذي يؤكد وحدة المصريين من آلاف السنين، كما أنه عيد تأسيس أول دولة مركزية في التاريخ. 
وبذلك يكون هذا اليوم هو فرصة سانحة ومتاحة للدولة أن تتحدث فيه عن نفسها للعالم أجمع بكل فخر واعتزاز، خاصة اذا كانت المناسبة تدعو فعلا لذلك، وما أعظم ان تكون المناسبة عيدا قوميا ضاربا في جذور التاريخ ويعبر عن قدم الدولة وعراقتها، وليس هناك دولة تمتلك هذا التاريخ المجيد الا مصر فهي أقدم دولة مركزية في التاريخ البشري.
ومن هنا يكون مصدرا لفخر واعتزاز الجميع؛ فمن يعارض أن تسترد أمته المصرية  5224 من عمرها الحضاري التليد، وهو العمر الأطول تاريخيا بين دول العالم كافة؟. فهل آن الآوان لطرح هذا المشروع الحضاري والثقافي والتوعوي والقومي للنقاش العام والرأي المجتمعي؟.

search