الأحد، 22 ديسمبر 2024

03:18 ص

شعيب عبد الفتاح يكتب.. فلاحة مصرية تستضيف الخليفة المأمون فى بيتها

الأربعاء، 30 أكتوبر 2024 10:29 ص

شعيب عبد الفتاح

شعيب عبد الفتاح

شعيب عبد الفتاح

أقام الخليفة العباسي المأمون في مصر لمدة 49 يومًا، زار فيها قرى الوجه البحري وحلوان وسخا والفسطاط، وفي الدقهلية مر بقرية يقال لها طاء النمل، وهي الآن قرية (طنامل الشرقي) إحدى القرى التابعة لمركز أجا، فلم يدخلها لحقارتها.

فلما تجاوزها خرجت إليه عجوز تعرف بمارية القبطية، وهي تصيح، فظنها مستغيثة متظلمة فوقف لها  فقالت له عبر المترجم ‏:‏ "يا أمير المؤمنين نزلت في كل ضيعة وتجاوزت ضيعتي، والناس تعيرني بذلك! وأنا أسأل أمير المؤمنين أن يشرفني في ضيعتي ليكون لي الشرف ولأولادي، ولا تشمت الأعداء بي، وبكت بكاءً كثيرًا‏.‏

أشفق عليها المأمون وثنى عنان فرسه إليها، ونزل وأمر بنصب الخيام ... فجاء ولدها إلى صاحب مطبخ المأمون، وأحضر له مئات من الغنم وعشرات من البقر والإبل ومئات من الدجاج البلدي والرومي والحمام ومئات من البيض والسمن والقشدة والفطائر والسمك والتوابل والسكر والعسل والطيب والشمع والفاكهة وأعلاف الإبل والجياد، وغير ذلك من متاع القوم.

‏كان مع المأمون أخوه المعتصم وابنه العباس وأولاد أخيه الواثق والمتوكل ويحيى بن أكثم والقاضي أحمد بن داود، فأحضرت لكل واحد منهم ما يخصه على انفراد، ولم تكل أحدًا منهم ولا من القوّاد إلى غيره.

فلما أصبح المأمون وقد عزم على الرحيل حضرت إليه السيدة القبطية ومعها عشر وصائف مع كل وصيفة طبق‏،‏ فلما عاينها المأمون من بعد‏، قال لمن حضر‏:‏ قد جاءتكم السيدة بهدية الريف الطازج

وعندما وضعت ذلك بين يديه إذا في كل طبق كيس كبير من الذهب الخالص؛ فاستحسن ذلك وأمرها بإعادته‏.‏
فقالت‏:‏ لا واللّه لا أفعل، فتأمّل الذهب وقال لها ‏:‏ هذا والله أعجب ربما يعجز بيت مالنا عن مثل ذلك‏.‏
فقالت‏:‏ يا أمير المؤمنين لا تكسر قلوبنا ولا تحتقر بنا .
فقال‏:‏" إن في بعض ما صنعت لكفاية ولا نحب التثقيل عليك فردي مالك بارك الله فيك".

وسألها المأمون ولكن من أين لك كل هذا ؟ فأخذت قطعة طين من الأرض وقالت‏:‏ "يا أمير المؤمنين هذا وأشارت إلى الذهب من هذا وأشارت إلى الطين الذى تناولته من الأرض .
أي هذا الذهب من ذاك الطين .. طين مصر.

فأمر به فأخذ الذهب منها، وشكرها وشكر صنيعها، وانصرف متعجبًا من كبر مروءتها وسعة حالها‏.

search