السبت، 21 ديسمبر 2024

02:52 م

باسم عوض الله: أَينَ قَادَة الإعلَام مِن المَفسدَة الأخلاقيَّة؟!

الخميس، 10 أكتوبر 2024 05:05 م

باسم عوض الله

باسم عوض الله

إن مِنبَر الإعلام أمام محكمة المشاهد مُذنبًا ومُسائَلًا ومُحاسَبًا بسبب ما يسمح به من إسفاف ودنوّ بمستوى الذوق العام! فالقصة سَتُحَيِّرَك صفحاتها المظلمة أتبدأ بمعضلة البرامج الهزيلة إعلاميًّا والفقيرة فكريًّا والخاوية فنيًّا، أم الكارثة الكبرى بما أصاب رسالة الإعلانات الدعائيَّة والتجاريَّة لتسقط هي الأخرى بهوَّة المسخ المقدَّم على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، وللأسف من خلال شركات كبيرة لها وضعها في الدولة، فباتت تأتي بمن يدَّعون أنهم فنانون ولكنهم للرقيِّ مُحطِّمون، إنهم حقًّا مُفسدِون!

نحن لسنا بحاجة أن نرهق القامات الإعلامية والأكاديمية لأن يحدثونا عن رسالة الإعلام وتسخير الفن وكافة الأدوات في خدمته، فقط هيَّا بنا كي نشاهد مثلما كنا نشاهد ونحن صغارًا البرامج البرَّاقة التي تعلمنا منها ومازلنا نتعلم، أنذكر فن الحديث أم لباقة الحوار أم ثقافة الاختلاف أم الرسالة المقدمة من المُضيف والضَّيف... إلخ. ثم نأتي إلى فنّ الإعلانات وهو فنًّا كبيرًا ذو تاريخ عظيم وصناعة لا يستهان بها؛ فهو ذو تقنية محترفة يقوم عليه أناس ذوي مهنية ليقدمون رسالة قصيرة قادرة على أن تُسحر المشاهد وتبهره، سواء كان الإعلان عن مشروع قوميّ أو عمل خيريّ أو حتى منتجًا تجاريًّا يقومون بالتسويق له. ووسط ذلك كله حقٌّ علينا أن لا نختزل بتاتًا تواجد أعلام لها قدرها وأسماء لها وزنها بأيامنا تلك، لكن للأسف وسط الوضع المزري تواجدهم غير مؤثر لقلة عددهم.

فاليوم وبالأمس ومنذ عدة سنوات قريبة بِتنَا نجد نماذج مبتذلة وألفاظًا خارجة من مقدمي البرامج وأيضًا بالإعلانات وأساليب حديثة غاية في القُبح، هل ذلك ما نودّ أن ننشئ عليه أولادنا؟ هل ذلك ما نودّ أن نروِّج له عن ثقافتنا وعراقة حضارتنا وتاريخنا المترامية أطرافها على مرِّ الزمان ووسع المكان؟ كيف تمرُّ تلك البرامج وتلك الإعلانات مرور الكرام من أمام أعين الأجهزة الرقابية الصارمة؟ أسئلة كثيرة وعلامات تعجب أكثر لن تسعها الصفحات كي تطرحها أمام كل مسئول.

لكن ما نستطيع أن نذكره على الدوام أن مهنة الإعلام تتصدر أذرع الدولة السيادية وصناعة الإعلانات تخدمها وليس العكس، وبذلك غير مسموح قطعيًّا أن يتم ترك الإعلام والإعلانات الترويجية والتسويقية تفعل ما تشاء من خلال لوائح رخوة بلا أُطر منظمة حازمة، وقيود تحترم عادات وتقاليد مجتمع عريق مثل مجتمعنا المصري والعربي؛ كي يتم القضاء على نماذج مخزية لا يعتريها إلا السَّفه والهزل والدنو والسقوط، سواء ممن يدعون أنهم إعلاميون أو فنانون أو أي مهنة أخرى يمتهنونها، وما هم إلا حفنة ضالون متسكعون يريدون صنع أجيالًا فاسدة خالية من أيَّة مبادئ. في حال أن الصالحون بأجهزة الدولة يحاربون ويجاهدون من أجل النهوض بوطننا من مستنقع الشر والفساد، لكن في الجانب الآخر يوجد من ينفخون بأنفاثهم الشيطانية وأساليبهم الثعبانية كي يوقفون أي تقدم ويدمرون أي نجاح.

لذلك نناشد السادة المسئولين المستنيرين ذوي قبضة الحق والنظرة الثاقبة والرؤى الهادفة والأيادي البيضاء أن يقطعون دابر تلك المهازل التي تأخذ أجيالنا إلى الهاوية بلا رجعة، أنتم يا سادة قادرون من خلال مواقعكم أن تُسَيِّروا الخير وتعطلوا أذرع الشر المفسدة لمجتمعنا؛ فبذلك ستساندون أكثر مساعي الدولة في نهضتها بكل أركان حياتنا.

نحن نطالبكم يا سادة كما يقول القول السائد (بجرِّة قلم) أن ينقلب الوضع رأسًا على عقب، ليعلم كل فرد حجمه الحقيقي وحدوده من خلال وضع المعايير المنضبطة واللوائح المهنية والعقوبات الرادعة، وحتى نحفر مرة ثانية بصخور التاريخ عظمة الإنجازات فتصبح شمسًا جديدة تُشرق بضياء النجاح والتميز والرقي والحضارة المشرِّفة، وتنشأ الأجيال الحالية والقادمة كما نشأ جيلي والأجيال السابقة على إعلام راقٍ لم يكن إلا نموذجًا يحتذى به في كافة الأقطار العربية بل والعالم أجمع.

search