الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024

07:48 ص

حسنى مبارك.. النسر الذى أسقطه طموح نجله

السبت، 05 أكتوبر 2024 07:30 م

باسم ياسر

الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك

الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك

يعد الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، واحدًا من الشخصيات المؤثرة فى تاريخ مصر الحديث، فهو قائد سلاح الجو المصرى المنتصر فى حرب أكتوبر، ورئيس مصر لمدة 3 عقود.

ولكن مسيرته الطويلة، التي بدأت ببطل عسكري فى حرب أكتوبر 1973 وانتهت بتنحيه عن السلطة تحت ضغط ثورة شعبية في عام 2011، مليئة بالتناقضات والأحداث المعقدة التي رسمت صورة متعددة الأبعاد لرجل الدولة.

مبارك كما ذكره موقع رئاسة الجمهورية

وكما ذكر الموقع الرسمى لرئاسة الجمهورية، ولد محمد حسنى السيد مبارك في الرابع من مايو عام 1928، في محافظة المنوفية، والتحق بالكلية الحربية وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية في فبراير 1949، قبل أن يبدأ مسيرته العسكرية ضابطًا في سلاح المشاة، لكنه سرعان ما تحول إلى سلاح الطيران، حيث حصل على بكالوريوس علوم الطيران في مارس 1950. 

واصل دراساته العسكرية في أكاديمية فرونز بالاتحاد السوفيتي عام 1964، وهو ما ساعده في شغل عدة مناصب قيادية في القوات الجوية المصرية، منها قيادة اللواء الثاني للميكانيكا وقاعدة غرب القاهرة الجوية.

في أبريل 1972، تولى منصب قائد القوات الجوية، ولعب دورًا محوريًا في حرب أكتوبر 1973، ليُمنح بعدها رتبة الفريق.

 ثم عُين نائبًا لرئيس الجمهورية عام 1975 حتى 1981. وبعد اغتيال الرئيس السادات، تولى رئاسة مصر واستمر في هذا المنصب حتى 2011، حيث شهدت فترة حكمه إنجازات بارزة مثل مترو الأنفاق وترعة السلام.

في 11 فبراير 2011، استقال من منصبه عقب ثورة 25 يناير، وتوفي في 25 فبراير 2020.

مبارك بطل أكتوبر العسكري

قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية، كان محمد حسني مبارك بطلًا عسكريًا نال احترام الشعب المصري بفضل دوره الحيوي في حرب أكتوبر 1973، كقائد للقوات الجوية المصرية، لعب مبارك دورًا مهمًا في التخطيط للهجوم الذي كان البداية لتحرير جزء من سيناء التي احتلتها إسرائيل في حرب يونيو 1967.،كانت الطلعات الجوية التي قادها مبارك عنصرًا أساسيًا في النجاح الأولي للعبور المصري لقناة السويس، وهو الحدث الذي رفع مكانته الوطنية وجعله بطلاً قوميًا.

حصل مبارك على ترقيات سريعة بعد الحرب، حيث رُقي إلى رتبة فريق، واختاره الرئيس أنور السادات ليكون نائبًا له في عام 1975. 

وفي هذا الدور، شارك في العديد من القضايا الحيوية المتعلقة بالسياسة الخارجية لمصر، بما في ذلك المفاوضات التي أدت إلى توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.

من نائب للرئيس إلى قيادة البلاد

لم يكن مبارك يتوقع أن يُصبح رئيسًا للجمهورية بتلك السرعة، ففي 6 أكتوبر 1981، تعرض السادات للاغتيال خلال العرض العسكري الذي كان يحتفل بذكرى انتصار حرب أكتوبر، وهو الحدث الذي صدم مصر والعالم بأسره. 

بعد اغتيال السادات، تم تنصيب مبارك كرئيس للجمهورية في 14 أكتوبر 1981، وعلى الرغم من خلفيته العسكرية، فإنه لم يسعَ إلى بناء حكم عسكري صريح، بل تبنى سياسة توازن بين الجيش والمؤسسات المدنية.

الاستقرار في عهد مبارك

أحد السمات البارزة في حكم مبارك كان استقراره الطويل الذي امتد لثلاثة عقود، ولكن هذا الاستقرار جاء بتكلفة عالية على مستوى الديمقراطية والحرية السياسية، واعتمد نظام مبارك على قمع المعارضة السياسية، خاصة تلك المرتبطة بالجماعات الإسلامية التي كانت في صعود خلال تلك الفترة، واستخدم مبارك حالة الطوارئ كأداة لتقييد الحريات، ما جعله هدفًا لانتقادات واسعة من قبل المعارضة الداخلية والمجتمع الدولي.

ورغم ذلك، نجح مبارك في تقديم مصر كحليف رئيسي للغرب، خصوصًا للولايات المتحدة، مما ضمن له دعمًا دوليًا كبيرًا، على الرغم من قضايا حقوق الإنسان المتزايدة، وعلى الصعيد الاقتصادي، تبنى مبارك سياسات لتحرير الاقتصاد وتطبيق إصلاحات هيكلية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولكن هذه الإصلاحات أدت إلى تفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وزيادة البطالة والتضخم.

معاهدة السلام مع إسرائيل والانتقادات الداخلية

ورث مبارك عن السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل، وهي الاتفاقية التي انقسم حولها الرأي العام المصري بشدة، بينما رأى البعض أن المعاهدة كانت ضرورة لاستعادة الأراضي المحتلة، فإن آخرين – وخاصة الحركات الإسلامية والقومية – اعتبروها خيانة للقضية الفلسطينية وتنازلاً غير مبرر لإسرائيل، وحاول مبارك الحفاظ على هذه الاتفاقية كجزء من سياسته الخارجية، مع التمسك بموقف مصر كوسيط رئيسي في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

التحديات الداخلية

على الرغم من النجاحات التي حققها مبارك في الحفاظ على استقرار البلاد ودورها الإقليمي، إلا أن حكمه لم يكن خاليًا من التحديات الداخلية.

 تصاعدت خلال سنوات حكمه الأخيرة الانتقادات الموجهة إلى سياساته الاقتصادية والسياسية، وازداد التوتر الاجتماعي بسبب تفشي الفقر والبطالة والفساد، وزاد الاحتقان الشعبى مع تصاعد دور جمال نجل حسنى مبارك فى الحياة السياسية، وتحكمه فى عدد من الملفات المهمة فى الدولة من خلال رئاسة لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الحاكم، وارتفعت الأصوات المطالبة بتوليه رئاسة الجمهورية خلفًا لوالده الذى انعزل جزئيًا عن العمل عقب وفاة حفيده محمد نجل ولده الأكبر علاء. 

وفي هذا السياق، أصبح واضحًا أن التغيير أصبح مطلبًا ملحًا لدى شرائح واسعة من المجتمع المصرى الذى رفض مشروع التوريث الذى بات أقرب إلى الحدوث رغم نفى مبارك له عدة مرات.

ومع بداية القرن الحادي والعشرين، تزايدت الاحتجاجات الشعبية والمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية. وكانت انتخابات البرلمان لعام 2010 بمثابة نقطة تحول رئيسية، حيث سيطر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم على أغلبية المقاعد في البرلمان بنسبة تفوق 90%، وهو ما اعتبره الكثيرون دليلاً على التزوير وانعدام الشفافية، وزادت هذه الانتخابات من حدة الغضب الشعبي وساهمت في إشعال شرارة ثورة 25 يناير 2011.

ثورة 25 يناير ونهاية عهد مبارك

في 25 يناير 2011، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة النطاق في جميع أنحاء مصر، مطالبة برحيل مبارك ونظامه. 

الاحتجاجاتالتي بدأت سلمية وتحولت إلى ثورة شعبية عارمة، كانت مدفوعة بالغضب من تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، وعلى الرغم من محاولات مبارك تقديم بعض التنازلات، بما في ذلك تعيين نائب له للمرة الأولى منذ توليه السلطة، إلا أن المطالب الشعبية كانت واضحة وهى ضرورة رحيل مبارك. 

وفي 11 فبراير 2011، أعلن نائب الرئيس عمر سليمان تخلي مبارك عن السلطة وتسليمها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. كانت هذه اللحظة تاريخية، حيث أسدل الستار على حقبة طويلة من حكم مبارك، وبدأت مصر مرحلة جديدة من التغيير السياسي غير المسبوق.

المحاكمات وما بعد التنحي

بعد تنحيه عن السلطة، واجه مبارك سلسلة من المحاكمات بتهم متعددة، من بينها الفساد واستغلال النفوذ وأهمها التواطؤ في قتل المتظاهرين أثناء الثورة. وبينما تم تبرئته في نهاية المطاف من تهمة قتل المتظاهرين، أُدين مبارك بتهم تتعلق بالفساد وحُكم عليه بالسجن.

ظلت صورة مبارك متناقضة في أذهان المصريين بعد تنحيه؛ فبينما اعتبره البعض طاغية استمر حكمه لعقود طويلة وتسبب في الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، نظر إليه آخرون كقائد حافظ على استقرار مصر ونجا بها من الفوضى التي اجتاحت المنطقة.

مبارك بعد التنحي

بعد سنوات من محاكمته، بقي مبارك بعيدًا عن الأضواء إلى حد كبير، حيث عاش في شرم الشيخ وتلقى العلاج في المستشفيات العسكرية، ورغم أن حكمه انتهى بثورة شعبية، إلا أن شعبيته شهدت ارتفاعًا بين بعض شرائح المجتمع المصري بعد سنوات من الفوضى السياسية والاقتصادية التي أعقبت الثورة.

وفي 25 فبراير 2020، أعلن عن وفاة مبارك عن عمر ناهز 92 عامًا، وأعلنت الدولة المصرية الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام، وتم تشييع جثمانه في جنازة عسكرية حضرها كبار قادة الدولة، في إشارة إلى دوره في حرب أكتوبر ودوره الطويل في حكم مصر.

search