الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024

05:56 ص

إغراق المدمرة الإسرائيلية "إيلات".. محطات في مسيرة المشير أحمد إسماعيل

الجمعة، 04 أكتوبر 2024 08:51 م

أسامة محمد

المشير أحمد إسماعيل

المشير أحمد إسماعيل

تُعتبر حرب أكتوبر المجيدة علامة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة، حيث تنافست جميع التشكيلات والقيادات لتكون مفتاحًا لنصرٍ عظيم، دفع المصريون ثمنه غاليًا من دمائهم الطاهرة لاستعادة جزء عزيز من أرض الوطن، وهو سيناء.

لم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة عسكرية خاضتها مصر وحققت فيها انتصاراتها العظيمة، بل كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الأحلام إلى واقع. فقد تحدى الجيش المصري المستحيل، وقهره، وحقق النصر، مُظهرًا تفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر بها أي أمة.

كان جوهر حرب أكتوبر هو النضال من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر، ومن الظلام إلى النور، ومن الانكسار إلى الكبرياء، وقد أسهمت هذه الحرب في تغيير خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.

ويستعرض "المصري الأن" في هذا التقرير مسيرة المشير أحمد إسماعيل ونشأته وقيادة أعظم انتصار عسكري في التاريخ الحديث.

منذ صغره، كان لديه شغف كبير بقراءة كتب التاريخ والسير وبطولات القادة العسكريين. 

نشأ في بيئة عسكرية، حيث كان والده ضابطًا في وزارة الداخلية، إنه المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية المصري.

نشأة المشير أحمد إسماعيل


وُلد المشير أحمد إسماعيل في الرابع من أكتوبر عام 1917 في حي شبرا. حصل على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) في عام 1934، ثم تقدم للالتحاق بالكلية الحربية مع الرئيس أنور السادات، لكن طلبهما قوبل بالرفض.

 بعد ذلك، التحق بكلية التجارة، ورغم تفوقه لمدة عامين، لم يستسلم لفكرة عدم قبوله في الكلية الحربية، واستمر في السعي حتى تمكن من الالتحاق بها في عام 1937.

الكلية الحربية


أمضى المشير أحمد إسماعيل فترة الإعداد في الكلية بنجاح، وتخرج برتبة ملازم ثانٍ في عام 1938، حيث تم تعيينه في سلاح المشاة ضمن الدفعة الثامنة. عمل كضابط استطلاع وقائد فصيلة في إحدى كتائب المشاة، وكان من بين زملائه في الخدمة الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس محمد أنور السادات، والفريق عبد المنعم رياض، ويوسف السباعي، وأحمد مظهر.

في الأول من مايو عام 1940، تم ترقية الملازم أحمد إسماعيل إلى رتبة الملازم أول، حيث قاد سرية في إحدى كتائب المشاة. وفي الخامس من سبتمبر عام 1942، حصل على رتبة النقيب، وبفضل عقليته العسكرية المتميزة، تم اختياره ليكون أركان حرب إحدى كتائب المشاة في السابع من يوليو عام 1948، ثم تمت ترقيته إلى رتبة رائد وتولى قيادة سرية في رفح.

تدرجه الوظيفي


بفضل تفوق المشير أحمد إسماعيل والتزامه العسكري الكامل، تم اختياره كأحد أعضاء دورة تدريبية عسكرية في دير ياسين بفلسطين، تحت إشراف الحكومة الإنجليزية. وقد حقق في هذه الدورة إنجازًا مذهلاً، حيث حصل على المركز الأول بين جميع الضباط الإنجليز والمصريين، مما شجع القيادة العسكرية على إرساله إلى دورة تدريبية أخرى في بريطانيا، حيث عاد منها متفوقًا أيضًا وحصل على المركز الأول بين جميع المشاركين.

التحق عام 1948 بكلية أركان الحرب برتبة رائد، إلا أن اندلاع حرب فلسطين في 15 مايو 1948 أدى إلى توقف الدراسة حتى انتهاء النزاع، حيث صدرت له أوامر عسكرية للمشاركة في الحرب وتأسيس خط دفاعي قوي في المدينة.

استأنف "أحمد إسماعيل" تطوير نفسه في مجالات العلوم العسكرية ليبقى على اطلاع بأحدث التطورات في تكنولوجيا التسليح والاستراتيجيات العسكرية. في عام 1950، التحق بكلية القادة والأركان للقوات المسلحة المصرية بهدف الحصول على درجة الماجستير في العلوم العسكرية، ونتيجة لحرصه على الاستفادة، حصل على المركز الأول في دفعته.

تمت ترقيته إلى رتبة المقدم في 11 فبراير 1951، وبعد فترة قصيرة، تم اختياره كمدرس في كلية القادة والأركان، حيث كان معروفًا بنشاطه وإسهاماته في العلوم العسكرية وجديته في نظام التدريس للطلاب. عقب ثورة 23 يوليو 1952، أجرت قيادة الجيش تغييرات في القيادات العسكرية، وأصدرت أوامر لأحمد إسماعيل بتولي رئاسة أركان حرب إحدى فرق المشاة.

في 6 أغسطس 1952، عاد لممارسة مهنة التدريس التي كان يعتبرها "طريق النصر"، وذلك في كلية أركان الحرب في سبتمبر من نفس العام. بعد ذلك، صدرت له أوامر عسكرية لتولي قيادة الكتيبة السابعة مشاة في 7 سبتمبر 1953.

صدر أمر عسكري لأحمد إسماعيل بتشكيل أول وحدة عسكرية مقاتلة، وذلك وفقًا للتعليمات العسكرية. قام بتعبئة وتدريب هذه الوحدة وفق خطة عسكرية تهدف إلى تحقيق المهام الموكلة إليها.

في عام 1955، تم اختياره ليكون عضوًا في لجنة شراء صفقة الأسلحة التشيكية الخاصة بالقوات المسلحة.

في الأول من يناير 1955، ترقى إلى رتبة العقيد، وفي تلك الفترة، راودته فكرة كانت تراوده منذ زمن طويل، وهي إنشاء أول وحدة لقوات الصاعقة لتكون جزءًا من الوحدات الأساسية للقوات المسلحة، والتي تعتمد عليها في تنفيذ المهام والأوامر الموكلة إليها.

تكونت الوحدة من مجموعة من الضباط الصغار المتفوقين في العلوم العسكرية، الذين يتمتعون بقدرة عالية على التدريب القتالي ونزعة وطنية قوية، نظرًا لطبيعة عملهم التي تتطلب الجرأة. بدأ هو في الإشراف على تدريبهم وإعدادهم نفسيًا ومعنويًا، حيث كانوا نواة قوات الصاعقة.

التصدي للعدوان الثلاثي


في عام 1956، تولى أحمد إسماعيل قيادة لواء المشاة الذي كان من بين الألوية المتمركزة في سيناء. شارك إسماعيل بلوائه في التصدي للعدوان الثلاثي الذي وقع في التاسع والعشرين من أكتوبر من نفس العام. تمكن المشير من التقدم بلوائه إلى عمق سيناء، حيث خاض عدة معارك ضد العدو. بعد ذلك، صدرت التعليمات له بالتوجه إلى مدينة بورسعيد، حيث كُلف باستلام المدينة بعد انسحاب القوات الإنجليزية وخروج آخر جندي أجنبي منها. في 21 ديسمبر 1956، رفع أحمد إسماعيل علم مصر على بورسعيد.

كما قامت قوات الصاعقة المصرية، التي أسسها أحمد إسماعيل، بتنفيذ عملياتها ضد العدو خلال معارك بورسعيد بكفاءة عالية وقدرة متميزة.

بعد فترة قصيرة، تم إرسال أحمد إسماعيل للالتحاق بدورة تدريبية في أكاديمية فروتز العسكرية العليا في الاتحاد السوفيتي (روسيا) بناءً على أوامر عسكرية. خلال هذه الدورة، دخل إسماعيل مرحلة جديدة من الفكر العسكري، حيث أثبت كفاءته وتميزه بين زملائه، وتخرج في عام 1957 بمعدل ترتيب الأول بينهم.

كبير المعلمين في الكلية الحربية
في الأول من يناير 1958، تمت ترقيته إلى رتبة العميد، وعاد إلى مهام التدريب تنفيذًا للأوامر العسكرية. وفي الحادي والثلاثين من مارس 1959، تم اختياره ليكون كبير المعلمين في الكلية الحربية. في هذا المنصب، اكتشف قدرته على تخريج ضباط ذوي كفاءة عالية في التخطيط العسكري والتدريب المهاري، مما أتاح له فرصة تطوير نفسه والضباط الخريجين في المهام العسكرية التي تؤهلهم لتحقيق النصر في المعارك القادمة.

أول تشكيل مقاتل في القوات المسلحة المصرية
في السادس من يوليو 1962، تولى قيادة فرقة مشاة، حيث أعاد تشكيلها لتصبح أول تشكيل مقاتل في القوات المسلحة المصرية. وفي الرابع من مايو 1965، تولى رئاسة هيئة تدريب القوات البرية، وهو المنصب الذي شغله خلال حرب 1967. كما التحق بأكاديمية ناصر العسكرية "بكلية الحرب العليا"، حيث حصل على درجة الزمالة قبل حرب يونيو 1967.

نجح المشير إسماعيل في التخطيط وإدارة عمليات القتال خلال حرب الاستنزاف، حيث أسندت إليه عدة مهام حقق فيها نجاحًا ملحوظًا، ومن أبرزها:
- معركة الجزيرة الخضراء.
- معركة رأس العش شرق القناة.
- إغراق المدمرة الإسرائيلية "إيلات" في المياه الإقليمية المصرية قبالة ميناء بورسعيد.

رئيس هيئة العمليات ورئيس الأركان
في عام 1968، تم تعيينه رئيسًا لهيئة العمليات، ثم تولى منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في مارس 1969 بعد استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض. كما شغل منصب الأمين العسكري المساعد بجامعة الدول العربية، حتى اختاره الرئيس محمد أنور السادات في مايو 1971 ليترأس جهاز المخابرات العامة، حيث كشف الجهاز خلال فترة رئاسته عن عدد من قضايا التجسس.

المشير أحمد إسماعيل وزيرًا للحربية


في 26 أكتوبر 1972، تم تعيين المشير أحمد إسماعيل وزيرًا للحربية، وفي يناير 1973 عُين قائدًا عامًا للقوات المسلحة المصرية. وبعد أسبوع من تعيينه، تم تكليفه بقيادة الجبهات الثلاث: الشرقية "الأردن"، الشمالية "سوريا"، والجنوبية "مصر" من قبل مجلس الدفاع العربي.

قاد الفريق أول أحمد إسماعيل قوات الجبهتين الشمالية والجنوبية خلال حرب أكتوبر 1973، حيث أدار العمليات الحربية بمهارة وثبات وصبر، مما ساهم في تجاوز الأوقات الصعبة التي شهدتها الحرب بنجاح. كما تمكن من تنسيق الجهود والتعاون مع القوات السورية أثناء التحضير للحرب وبدء الأعمال القتالية في 6 أكتوبر 1973، محققًا انتصارًا كبيرًا. عقب الحرب، تولى قيادة عملية تطوير وتحديث القوات المسلحة المصرية.

بعد انتهاء حرب أكتوبر، أصدر الرئيس السادات قرارًا بترقية الفريق أول أحمد إسماعيل إلى رتبة "المشير"، وهي أعلى الرتب العسكرية، وذلك خلال احتفال مجلس الشعب في 19 فبراير 1974.

وفي 26 أبريل 1974، تم تعيينه نائبًا لرئيس الوزراء، بالإضافة إلى المناصب التي شغلها سابقًا.

search