أنور السادات بطل الحرب الذي ظلمته اتفاقية السلام
الجمعة، 04 أكتوبر 2024 06:55 م
باسم ياسر
الرئيس البطل محمد أنور السادات
سيظل اسم الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات محفورًا في ذاكرة المصريين والعالم كأحد أهم القادة في القرن العشرين، إذ لعب دورًا محوريًا في الحرب والسلام.
قاد السادات مصر إلى انتصار عسكري عظيم في السادس من أكتوبر عام 1973، وهو اليوم الذي يعتبر رمزًا للإرادة الوطنية المصرية، ومع ذلك، لم يكن انتصاره العسكري فقط هو ما يميزه؛ بل كانت قراراته السياسية الجريئة، خصوصًا فيما يتعلق بالسلام مع إسرائيل، هي التي أثارت الجدل وجعلت إرثه محل نقاش دائم.
إرث أكتوبر العظيم
يوم السادس من أكتوبر 1973، لا يمثل فقط نصرًا عسكريًا باهرًا حققته القوات المسلحة المصرية، بل هو تعبير عن إرادة الأمة وتماسك شعبها، فعندما خاضت مصر الحرب ضد إسرائيل، كانت الأرض المصرية محتلة، وكرامة الأمة منتهكة بعد هزيمة 1967، وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها البلاد بعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر في 1970، نجحت مصر تحت قيادة السادات في تجاوز هذه المحنة.
تمكن السادات بفضل عبقريته الاستراتيجية، من قيادة مصر في حرب العبور التي أنهت بشكل كبير وجود الجيش الإسرائيلي في سيناء، ورفعت الروح المعنوية للشعب المصري.
عكس ذلك النصر العسكري عزيمة الأمة بأكملها التي تكاتفت وراء قواتها المسلحة، الانتصار الذي حققته مصر في السادس من أكتوبر 1973 لم يكن مجرد استعادة للأرض، بل أيضًا استعادة للكرامة والثقة بالنفس بعد سنوات من الخيبة والانكسار.
نشأة السادات وتكوينه المبكر
ولد محمد أنور السادات في الخامس والعشرين من ديسمبر 1918 في قرية "ميت أبو الكوم" بمحافظة المنوفية، كان السادات من عائلة متواضعة، حيث كان والده موظفًا في المستشفى العسكري.
بدأ حياته التعليمية في كُتّاب القرية، حيث حفظ القرآن الكريم، لاحقًا، التحق بمدارس مختلفة في القاهرة، بعد أن عادت أسرته من السودان نتيجة للظروف السياسية آنذاك، كانت سنوات طفولته وشبابه مليئة بالتحديات التي صقلت شخصيته القوية وجعلته قادرًا على مواجهة أصعب المواقف في حياته المستقبلية.
دخوله الكلية الحربية وبداياته العسكرية
في عام 1936، وبعد توقيع معاهدة بين مصر وبريطانيا التي سمحت بتوسيع الجيش المصري، التحق السادات بالكلية الحربية، كان من بين زملائه في تلك الفترة جمال عبد الناصر، وهو الشخص الذي سيصبح لاحقًا زميله في الكفاح الثوري ورفيقه في تأسيس حركة الضباط الأحرار.
التحق السادات فور تخرجه بسلاح المشاة، حيث ظهر تميزه كضابط شاب يحمل أفكارًا ثورية.
خلال فترة الأربعينيات، كانت مصر تخضع للاحتلال البريطاني، وكان السادات واحدًا من العديد من الضباط الذين شعروا بالسخط على الوجود البريطاني في مصر.
أسس مع زملائه جمعية سرية تسعى لتحرير البلاد، وهو ما شكل النواة الأولى لحركة الضباط الأحرار التي ستقوم لاحقًا بثورة يوليو 1952.
القبض على السادات والتحديات السياسية
في أواخر الثلاثينيات، بدأ السادات اتصالات مع القوى الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى اعتقاله من قبل السلطات البريطانية، حيث قضى عدة سنوات متنقلاً بين السجون، وكانت تلك الفترة من أصعب محطات حياته، ولكنه استطاع الهروب من السجن في عام 1944، حيث عاش لفترة متخفيًا وعمل في أعمال بسيطة، منها العمل على سيارة نقل وأعمال البناء.
أكسبته تلك التجربة معرفة عميقة بالحياة اليومية للشعب المصري، وهو ما أثر في رؤيته السياسية لاحقًا.
السادات في الصحافة والسياسة
بعد الحرب العالمية الثانية، انخرط السادات في العمل الصحفي لفترة وجيزة، حيث عمل بمجلة "المصور" خلال تلك الفترة، كان يكتب عن تجربته في السجن، مما جذب انتباه الأوساط السياسية والصحفية، لكن السياسة كانت دائمًا مساره الحقيقي، حيث عاد في الخمسينيات إلى الجيش بعد وساطة أحد زملائه، وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952، كان السادات من بين الضباط الذين لعبوا دورًا بارزًا في نجاح الثورة، وكان هو من ألقى البيان الأول للثورة عبر الإذاعة المصرية، ليعلن للعالم عن بداية عهد جديد في مصر.
توليه منصب الرئاسة
شغل السادات عدة مناصب خلال عمله السياسى بعد الثورة، حيث شغل منصب رئيس مجلس الأمة، وممثل مصر فى منظمة المؤتمر الإسلامى، ثم اختارة الرئيس جمال عبد الناصر نائبًا له.
بعد وفاة جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، تم انتخاب أنور السادات رئيسًا لجمهورية مصر العربية، ولاقى اختياره معارضة من بعض أركان النظام الذين وصفوه بالضعف وعدم الخبرة، لكنه أطاح بهم فى ثورة التصحيح عام 1971.
في بداية حكمه، اتخذ عدة قرارات لتحسين حياة المواطنين، منها تخفيض أسعار بعض السلع الأساسية، وإصلاحات في مجال النقل والمواصلات، حيث سعى السادات لتخفيف المعاناة التي عاشها المصريون خلال سنوات الحروب والاضطرابات السياسية.
على الصعيد الثقافي، قام برفع الرقابة عن الكتب والمطبوعات، وسمح بعودة العديد من المثقفين الذين كانت لهم ميول سياسية يسارية. كما كان له دور كبير في تطوير البنية التحتية للبلاد، وخصوصًا في مشروع الكهرباء الريفي، الذي ساعد على تحسين حياة الملايين من سكان الريف المصري.
السادات وصناعة السلام
قبل الحرب مع إسرائيل واجه السادات معارضة شعبية كبيرة بسبب تأجيل قرار الحرب أكثر من مرة، ولكنه قاد خطة الخداع الاستراتيجى للعدو بمهارة شديدة، وأعاد تسليح الجيش، وأنهى الاستعدادات الكاملة للحرب، قبل إعلان قرار الحرب، والنتصار الكبير الذى حققه الجيش المصرى.
توقيع اتفاقية السلام
بعد الانتصار العسكري في حرب أكتوبر، كان التحدي الأكبر للسادات هو كيفية استثمار هذا النصر لتحقيق سلام دائم، كانت رؤيته واضحة: الحرب ليست غاية، بل وسيلة لتحقيق السلام واستعادة الأرض، وبعد سنوات من المفاوضات السرية والمعلنة، وقَّع السادات اتفاقية كامب ديفيد في عام 1978، التي أدت إلى توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل في العام التالي.
معاهدة السلام هذه كانت خطوة غير مسبوقة في العالم العربي، وكانت مثار جدل كبير، على الرغم من أنها أعادت لمصر سيناء، إلا أن السادات واجه معارضة شديدة من العديد من الدول العربية ومن داخل مصر نفسها.
كانت المعاهدة بالنسبة له تحقيقًا لحلم طويل، لكنه كان يعلم أن قراره سيثير الكثير من الجدل، ولم يكن يخشى تحمل المسؤولية عن هذا القرار.
إغتيال السادات على يد الجماعات الإسلامية
في السادس من أكتوبر 1981، وأثناء الاحتفال بذكرى انتصار أكتوبر، تم اغتيال الرئيس السادات على يد مجموعة من المتطرفين الذين عارضوا معاهدة السلام مع إسرائيل، كان اغتياله صدمة كبيرة لمصر والعالم، وأثار الحزن والأسى على رجل قاد بلاده في مرحلة من أصعب المراحل التاريخية.
لكن إرث السادات ما زال حيًا، رغم الانتقادات التي وُجهت إليه بسبب معاهدة السلام، يظل دوره كقائد عسكري وسياسي بارع موضع تقدير، فقد استطاع أن يحقق لمصر النصر في الحرب، وأن ينقلها إلى مرحلة جديدة من السلام والتنمية.
محمد أنور السادات سيظل دائمًا في الذاكرة كقائد عظيم تحمل عبء الحرب وقرار السلام، قاد مصر إلى النصر في معركة استعادة الكرامة، ثم قادها نحو مستقبل أكثر استقرارًا بفضل قراره الجريء بالسلام، إن إرثه يذكرنا دائمًا بأن القادة الحقيقيين هم أولئك الذين يملكون الشجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة التي تضع مصلحة شعوبهم فوق كل اعتبار.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:47 ص
سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024
22 ديسمبر 2024 11:44 ص
الأكثر قراءة
مواقيت الصلاة
-
الفجر
05:14 AM
-
الشروق
06:47 AM
-
الظهر
11:53 AM
-
العصر
02:41 PM
-
المغرب
05:00 PM
-
العشاء
06:23 PM
أكثر الكلمات انتشاراً