الإثنين، 04 نوفمبر 2024

08:21 م

وزارة التخطيط: انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى بسبب الصدمات الخارجية

الخميس، 03 أكتوبر 2024 01:12 م

باسم ياسر

وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية

وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية

أظهر بيان صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى للربع الرابع من السنة المالية 2023/ 2024، بسبب الصدمات الخارجية.

تقرير وزارة التخطيط

وأفاد التقرير الصادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، أن الاقتصاد المصري خلال الربع الأخير من العام المالي 2023/2024 تباطؤًا في النمو نتيجة عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية أثرت سلبًا على الأداء العام.

 فقد بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2.4% مقارنة بنسبة 3.8% في العام المالي السابق 2022/2023. 

هذا الانخفاض يعكس تأثير الصدمات الخارجية المتتابعة والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، والتي فرضت تحديات كبيرة على الأداء الاقتصادي المصري.

التوترات الجيوسياسية والصدمات الخارجية

أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى تباطؤ الاقتصاد المصري هو التوترات الجيوسياسية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط. هذه التوترات أثرت بشكل مباشر على بعض القطاعات الحيوية، مثل قناة السويس، التي شهدت تراجعًا حادًا في نشاطها خلال العام المالي. فقد انكمش نشاط القناة بنسبة 30% على مدار العام، ووصل هذا الانكماش إلى 68% خلال الربع الأخير فقط.

 يعزى هذا الانخفاض إلى التحديات الأمنية والتهديدات المتعلقة بحركة الملاحة الدولية، والتي دفعت شركات الشحن إلى تحويل مساراتها إلى طرق بديلة.

كذلك تأثر قطاع الاستخراجات، خاصة في مجال النفط والغاز الطبيعي، حيث تراجع إنتاج النفط الخام بنسبة 1.8%، والغاز الطبيعي بنسبة 13.1%، بسبب تباطؤ الاستثمارات الأجنبية الموجهة إلى اكتشافات الآبار الجديدة وتطوير الآبار القائمة. كما سجل قطاع تكرير البترول انكماشًا بنسبة 6.1%، ما أدى إلى تراجع صافي ميزان الصادرات البترولية. ورغم هذه التحديات، بدأت الأوضاع في التحسن خلال الشهور التالية لانتهاء العام المالي بعد سداد مستحقات الشركاء الأجانب، مما عزز توقعات بنمو النشاط في المستقبل القريب.

حوكمة الاستثمارات العامة والسياسات الانكماشية

لم تكن التوترات الجيوسياسية هي العامل الوحيد وراء تباطؤ النمو؛ فالسياسات الاقتصادية الانكماشية التي تبنتها الحكومة المصرية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي كان لها تأثير كبير أيضًا. وقد ركزت هذه السياسات على حوكمة الاستثمارات العامة وزيادة كفاءة وفاعلية تخصيص الموارد بين القطاعات الاقتصادية. جاءت هذه الإجراءات ضمن إطار السعي لتطبيق فكر الأولويات، حيث تعتمد الدولة على معايير العائد والتكلفة في توجيه الاستثمارات العامة.

وقد أدت هذه السياسات إلى تباطؤ في بعض القطاعات الاقتصادية، مثل الصناعة التحويلية غير البترولية، التي سجلت انكماشًا بنسبة 5.2% على مدار العام. ويعزى هذا التراجع إلى نقص المواد الخام الأساسية اللازمة لتلك الصناعات، وهو أمر تأثرت به الصناعة بشكل واضح. ورغم هذه التحديات، شهد القطاع تحسنًا في الربع الأخير من العام المالي، حيث سجل نموًا بنسبة 4.7% لأول مرة منذ الربع الأول من العام المالي 2022/2023، مدفوعًا بنمو في بعض الصناعات مثل صناعة الملابس الجاهزة، التي نمت بنسبة 54.2%، والمنسوجات بنسبة 23.8%.

بوادر إيجابية في بعض القطاعات

رغم التباطؤ العام في الاقتصاد المصري، أظهرت بعض القطاعات الاقتصادية مرونة ملحوظة، وسجلت معدلات نمو موجبة، ما ساهم في تعويض جزء من التراجع في النمو الكلي. كان قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من أبرز هذه القطاعات، حيث سجل نموًا بنسبة 14.4% خلال العام المالي. كذلك، شهد قطاع السياحة، المتمثل في نشاط المطاعم والفنادق، نموًا بنسبة 9.9%، بينما سجل قطاع النقل والتخزين نموًا بنسبة 5.4%. كما شهد قطاع الخدمات الاجتماعية، الذي يشمل التعليم والصحة، نموًا بنسبة 5.6%.

مؤشر مديري المشتريات والتحسن المتوقع

في سياق التوقعات المستقبلية، أظهرت المؤشرات الدورية بوادر تحسن في النشاط الاقتصادي، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 50.4 نقطة في أغسطس 2024، ما يشير إلى توسع في أنشطة التصنيع لأول مرة منذ نوفمبر 2020. كذلك شهد مؤشر بارومتر الأعمال الصادر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية انتعاشًا طفيفًا، ما يعكس اتجاهًا إيجابيًا في الأداء الاقتصادي العام. هذه المؤشرات الإيجابية تبرز استقرارًا تدريجيًا في الاقتصاد المصري، مع تحسن في بعض القطاعات الرئيسية.

السياسات المستقبلية والتوقعات

تشير التوقعات الصادرة عن مؤسسات دولية إلى احتمالية تحسن الأداء الاقتصادي في مصر خلال الفترة المقبلة، حيث من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 4% في العام المالي 2024/2025. هذه التوقعات تستند إلى الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لتعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق النمو، بالإضافة إلى تنفيذ سياسات إصلاح هيكلي تهدف إلى تعزيز صمود الاقتصاد الكلي، وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد المصري، ودعم الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.

وتشمل هذه الإصلاحات تعزيز استدامة الطاقة من خلال تكثيف الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، بما يساهم في التحول نحو قطاع طاقة أكثر مرونة واستدامة. كما يتوقع أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى خلق فرص أكبر للاستثمار الخاص، مع تحسين كفاءة تخصيص الموارد بين القطاعات الاقتصادية المختلفة. وسيكون لضبط الأوضاع المالية دور مهم في توجيه الموارد نحو الاستثمارات في رأس المال البشري والتنمية الصناعية، مما يعزز الإنتاجية ويدعم النمو الاقتصادي المستدام.

التحديات المستقبلية

رغم المؤشرات الإيجابية والتوقعات المتفائلة، لا تزال مصر تواجه تحديات كبيرة على صعيد الاقتصاد الكلي. أبرز هذه التحديات هو الحاجة إلى مواصلة الإصلاحات الاقتصادية لتحقيق استقرار أكبر على المدى الطويل. كذلك، فإن قدرة الحكومة على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز القطاع الخاص ستكون عاملاً حاسمًا في تحقيق النمو المستدام. كما يجب على مصر أن تواجه تحديات التغيرات المناخية والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر بفعالية، حيث يشكل هذا التحول ضرورة لتأمين مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

في المجمل، ورغم التباطؤ الاقتصادي الذي شهده الاقتصاد المصري خلال العام المالي 2023/2024، إلا أن هناك بوادر إيجابية تشير إلى احتمالات تحسن في الأداء الاقتصادي خلال الفترة المقبلة. تعتمد هذه التوقعات على استمرار التزام الحكومة بتطبيق سياسات إصلاحية، وتحفيز دور القطاع الخاص، وتحقيق التوازن بين الاستثمارات العامة والخاصة.

search