د. منى طه عبد العليم: دعوات أوروبية لعودة المرأة إلى المنزل
الثلاثاء، 24 سبتمبر 2024 08:14 م
د. منى طه
أين المرأة الجميلة شديدة العناية بشكلها ومظهرها وأناقتها؟ سؤال يروادني باعتباري امراءة عاملة. لكل شيء ثمن ندفعه، ولعل الإرهاق الشديد الذي يعلو الوجوه هو ثمن، ضمن أمور أخرى. إن طبقات المساحيق التي تُغطَي بها البشرة لا تخفي الإجهاد، والبدلة الرسمية والزي المودرن لا ينم في كل الأوقات عن أناقة أو شياكة. أن تفعل كل شيء على أكمل وجه هو ضرب من الخيال الذي لا محل له من الإعراب. أقولها وأكررها: لكل شيء ثمن. وليت نزول المرأة إلى العمل كان ثمنه الوحيد هو الإرهاق والبهتان، فهذا أبسط الأمور، وإنما كيان الأسرة بأكملها أصبح على المحك! أصبح في خطر. المرأة تعمل طوال اليوم والرجل يعمل طوال اليوم، فمن يربي (العيال)، من يرعى حق الرعاية الأجيال الحالية والقادمة؟!
هذه التساؤولات أو الأفكار دوما ما تروادني وزاد إلحاحها بعد اطلاعي على تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية حيث انتشر على منصات التواصل الاجتماعي توجه اطلقوا عليه "الزوجة التقليدية" الذي يشير إلى نساء في الثقافات الأوروبية، لاحظ الثقافات الأوروبية نفسها أصحاب النسوية والجندرية وليس الشرقية، يدعون إلى التخلي عن الوظيفة والبقاء في المنزل لطهي الطعام وتنظيف المنزل ورعاية الأطفال والاهتمام بالزوج باعتبار أن كل ذلك هو أساس الحياة الأسرية السعيدة.
جدير بالذكر أن هذا التيار أو الحركة ليس وليد اليوم وإنما ظهر في القرن الماضي، ولكن ساعد الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي في اظهاره أكثر من أي وقت مضى. وفي الوقت الذي تدافع فيه بعض النساء عن هذا التوجه، يرى البعض الآخر أن في ذلك تقويض وهدم للمكتسبات التي حققتها المرأة خلال كفاح طويل من أجل اثبات الذات والاستقلالية ويرون أنه يضع المرأة في وضع متدني من حيث الدور الاجتماعي. بيد أن المدافعات عن هذا التيار يؤكدن أن دور المرأة لا يقل أهمية ولكنه يصبح مختلفا، حيث يصبح للأسرة عائل واحد هو الزوج وتتفرغ الزوجة تماما للعناية بأسرتها.
ويتمثل الرد الأساسي على الدعوة بالعودة إلى المنزل لخدمة الزوج والأولاد في التساؤول من قبل المعارضات: "وماذا لو هجر الزوج زوجته وأسرته وحدث الانفصال؟ كيف ستعتمد المرأة وقتها على نفسها لإعالة أسرتها؟ وكيف سيكون مصدر رزقها بعد أن تعودت أن تكون ربة أسرة فقط؟ في الواقع هو سؤال جدير بالاعتبار في ظل تزايد حالات الطلاق العجيبة حولنا.
إنها حقا معضلة!
لو أن المرأة ربة أسرة وعاملة في الوقت نفسه، يصبح الموقف صعبا بكثرة الأعباء الملقاة على عاتق المراة. المرأة العاملة هي ربة أسرة تعمل، بدون أجر، داخل منزلها من طبخ وطهي وتنظيف ورعاية أطفال والمذاكرة لهم ورعاية زوج..الخ. يضاف إلى ذلك الأعباء الوظيفية وانخراطها في بيئة العمل ومواجهتها للتحديات والمشكلات اليومية المصاحبة للعمل. التوتر هو أقل ما يمكن وصف به حال المرأة العاملة. نعم هي تعتمد على نفسها، ولكنها تدفع ثمنا غاليا من صحتها وراحتها والقدرة على الاستمتاع بوقت فراغ ترفه به على نفسها وترعى معنويا ونفسيا اسرتها.
ولو أن المرأة ربة أسرة فقط، فهي أيضا في دوامة عمل منزلي لا ينتهي تحتمل فيه عادة كل الأدوار. إن كانت المرأة العاملة تعمل ساعات محددة داخل منزلها، بحكم تواجدها خارج المنزل لساعات طويلة، فإن المرأة ربة المنزل تعمل كل الوقت داخل منزلها بحكم تفرغها. ناهيك بعدم وجود استقلال مالي لها؛ فاعتمادها كله على زوجها. وليس هذا عيبا طالما رزقها الله بزوج "رجل" ينفق على أهل بيته ويتقي الله فيهم. المشكلة تحدث عندما تتقلب الأحوال، ماذا لو هجرها الزوج ووجدت نفسها وحيدة ومضطرة للانفاق على نفسها وعلى أسرتها؟
دوام جزئي وقاعدة 20 / 80
ليس هناك حلول مطلقة تُطبق على نحو مطلق بغض النظر عن ظروف كل سيدة وبيئتها واحتياجاتها واحتياجات اسرتها. ومع ذلك أرى أن هناك حلولا وسيطة تعطي المرأة فرصة لتربية أولادها ورعايتهم والعناية بزوجها وبيتها في الوقت الذي لا تفقد معه استقلالها المادي وأمنها مكر الأيام والإنسان. إنه ببساطة العمل بدوام جزئي، على عكس العمل بدوام كامل. أتمنى أن يتاح للمرأة العاملة فرصة العمل بوقت جزئي وليكن ثلاثة أيام في الأسبوع أو بعدد ساعات عمل أقل وليكن خمس ساعات فقط. وليكن ذلك تجسيدا عمليا لقاعدة 20 / 80 والتي نبذل بها 20 % من الجهد المنظم المكثف ولكن نحرز به 80 % من المكاسب والنتائج. أي أربع أو خمس ساعات عمل مكثف ومخلص أكثر بركة من 8 أو 9 ساعات عمل غير منتظم الجهد.
ثم يأتي الدور الأسري فيكون الشريكان معا وليس ضد. أي توزيع الأدوار داخل الأسرة نفسها بما لا يشكل عبئأ مركزا على طرف دون الآخر. فالزوج والزوجة والأبناء جميعهم شركاء في إنجاح الأسرة. ويجب أن توزع عليهم جميعا المهام والمسئوليات. ليس هناك دين أو شريعة أو قانون ينص على أن الرجل والأبناء يجلسون يشاهدون التلفاز بينما الأم تهدر صحتها في عمل كل شيء. الرحمة قبل أي شيء. مثل هذا التعاون المفروض الوجود سيوفر الوقت للمرأة التي به تهتم أكثر بالشئون النفسية والمعنوية لزوجها وأولادها بدلا من أن يهدر كل جهدها في أعباء منزلية فحسب. مرة أخرى الرحمة والتراحم قبل كل شيء.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 21 ديسمبر 2024: تفاصيل الأسعار في البنوك
21 ديسمبر 2024 12:29 م
أسعار الجنيه الإسترليني مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 21 ديسمبر 2024
21 ديسمبر 2024 12:18 م
أسعار الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 21 ديسمبر 2024
21 ديسمبر 2024 12:14 م
أسعار الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 21 ديسمبر 2024
21 ديسمبر 2024 12:11 م
أسعار الدرهم الإماراتي اليوم السبت 21 ديسمبر 2024
21 ديسمبر 2024 12:06 م
أسعار اليورو اليوم السبت 21 ديسمبر 2024: استقرار ملحوظ في السوق المصرية
21 ديسمبر 2024 12:03 م
الأكثر قراءة
مواقيت الصلاة
-
الفجر
05:14 AM
-
الشروق
06:47 AM
-
الظهر
11:53 AM
-
العصر
02:41 PM
-
المغرب
04:59 PM
-
العشاء
06:22 PM
أكثر الكلمات انتشاراً