السبت، 02 نوفمبر 2024

07:28 م

شعيب عبد الفتاح يكتب لـ المصري الآن: الألقاب الفريدة لمصر عبر التاريخ

الإثنين، 23 سبتمبر 2024 03:30 م

شعيب عبد الفتاح

شعيب عبد الفتاح

لم تحظ أي بلد في الدنيا، بما حظيت به مصر من ألقاب عبقرية وفذة وفريدة ومتفردة مثلما حظيت به مصر، وذلك تقديرا لدورها الحضارى الانسانى الكبير عبر تاريخها الطويل.

ومن أشهرهذه الألقاب – على سبيل المثال لا الحصر – ما يلي : -

أولا :  اللقب العبقري غير المسبوق وغير الملحوق وصاحب الدلالات الكبرى  (أم الدنيا )، وهناك عدة روايات حول من الذي أطلق عليها هذا اللقب الفذ ، وهذه الروايات هي :  
1 -  الرأى الأول هو ان أبو البشرية الثاني سيدنا نوح عليه السلام هو من أطلق عليها هذا اللقب، ففي رواية عن عبد الله بن عباس  (كان مصر بن بنصر بن حام نائما إلى جنب جده، فقال: يا جدي اجعل لى دعوة من دعائك. ففرح نوح ووضع يده على رأسه، وقال: اللهم إنه قد أجاب دعوتي فبارك فيه وفى ذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد، التي نهرها أفضل أنهار الدنيا وأجعل فيها أفضل البركات وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم وقوهم عليها).

2 -    الرأي الثاني يرجع لتفسير ابن كثير . فذكرت وجهة النظر الدينية لابن كثير تسمية مصر بأم الدنيا نسبة إلى السيدة هاجر، زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانت مصرية الأصل تزوجت سيدنا إبراهيم (أبو الأنبياء) بعد أن جاء من العراق إلى مصر، وانتقلت معه إلى شبه الجزيرة العربية، التي لم يكن يسكنها أحد من قبل، وأنجبت سيدنا إسماعيل ( أبو العرب )، وتم تعمير المنطقة ورفع قواعد البيت العتيق .
وتكريما للسيدة هاجر المصرية، زوجة سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، وأم سيدنا إسماعيل أبو العرب، لقبت مصر بأم الدنيا .

3 -    الرأي الثالث يرى أن عالم الاجتماع والتاريخ الشهير (عبد الرحمن ابن خلدون )، هو صاحب هذا اللقب، فقد وردت هذه العبارة  عن مصر، فقال في مقدمته: ولا أوفر اليوم في الحضارة من مصر، فهي أم العالم، وإيوان الإسلام، وينبوع العلم والصنائع.  

4 - الرأي الرابع يرى أصحاب هذا الرأي أن الحضارة الفرعونية المصرية هى أم الحضارات، وكانت مصر هى المسئولة عن غذاء كل سكان العالم القديم خاصة فى أوقات القحط، ولذلك أطلق عليها الأوربيون لقب (أم الدنيا),  

ثانيا : اللقب الثاني:  وهو (الأرض المباركة) وقد أطلقه عليها سيدنا نوح عليه السلام، وذلك في دعائه لحفيده الذى رواه عبد الله بن عباس الذى قال أنه (كان مصر بن بنصر بن حام نائما إلى جنب جده ، فقال: يا جدي اجعل لى دعوة من دعائك. ففرح نوح ووضع يده على رأسه وقال: اللهم إنه قد أجاب دعوتي فبارك فيه وفى ذريته وأسكنه  -  الأرض المباركة -  التي هي أم البلاد وغوث العباد التي نهرها أفضل أنهار الدنيا وأجعل فيها أفضل البركات وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم وقوهم عليها)

ثالثا : اللقب الثالث وهو (أرض التوحيد)، نسبة الى الدعوة السامية التى جاء بها الملك المصري إخناتون (1370-1349 ق م). 
فبعد أن تطور الفكر المصرى مع تطور الحضارة المصرية فى العمارة والفن والطب والهندسة. جاء إخناتون ذروه هذا العقل الفلسفى فقال بفكرة الإله الواحد خالق الكون الذى إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
وقد انتقلت عقيدة التوحيد المصرية الى آسيا، حيث تكشف أناشيد إخناتون عظمة فلسفته للوصول الى قدرة خالق الكون ورحمته بمخلوقاته جميعا، فيرى في رفرفة الطيور تسبيح للخالق، كما يرى في قفز الأسماك حمدا للإله الواحد الأحد. 
لقد كان اخناتون فيلسوفا عظيما، وتعتبر أناشيده آية من آيات الإبداع العالمى، وكان أول من دعا للتوحيد قبل ظهور الأديان، واعتبره كثير من المؤرخين نبيا من أنبياء التوحيد، وصاحب رسالة ومبادئ دينية سامية، وآراء فلسفية عميقة، مازالت تبهر العالم الى اليوم.

رابعا : اللقب الرابع هو (أرض السلام) وذلك نسبة الى ابرام مصر أول وأقدم معاهدة سلام في التاريخ الانساني وهي "معاهدة قادش"  فقد كانت تلك المعركة بين قوتين كبريين في الشرق الأوسط، وهما المملكة المصرية الحديثة بقيادة رمسيس الثاني والإمبراطورية الحيثية بقيادة الملك مواتللي الثاني، معركة شرسة في قادش على نهر العاصي بالقرب من حمص اليوم، على بعد بضعة كيلومترات فقط من الحدود السورية – اللبنانية.
وقد وقعت معاهدة السلام المصرية الحيثية بين الفرعون رمسيس الثاني والملك الحيثي خاتوشيلي الثالث في عام 21 من حكم رمسيس الثاني، نحو 10 نوفمبر 1259 ق م. أكد كلا الحاكمين في الاتفاق على السلام بينهما واعترف كل منهما بالآخر كشريك متساوي له. ووعدا بعضهما البعض بالدعم العسكري ضد التهديدات الداخلية والخارجية، كما وافقا على تسليم «اللاجئين» إلى أيدي الطرف الآخر.
ولأهمية هذه المعاهدة حصرت منظمة الأمم المتحدة على عرض نسخة أصلية من المعاهدة في مقرها الدائم  في نيويورك.
خامسا : اللقب الخامس: وهو (أرض الخزائن)، وهو لقب قرآني، ويعود أصله الى قول سيدنا يوسف عليه السلام بعد براءته وخروجه من السجن  لملك مصر كما جاء في القرآن الكريم (اجعلني على خزائن الأرض)، والخزائن جمع خزانة - بكسر الخاء وهى اسم للمكان الذى يخزن فيه الشئ، والمراد بالأرض: أرض مصر .
أى : قال يوسف - عليه السلام - للملك : اجعلنى - أيها الملك - المتصرف الأول فى خزائن أرض مملكتك، المشتملة على ما يحتاج إليه الناس من أموال وأطعمة

سادسا: اللقب السادس: وهو (أرض الآمنين )، وهو أيضا لقب قرآني، فبعد أن تجهز سيدنا يعقوب وأولاده وأهلهم أجمعون، وارتحلوا من بلادهم قاصدين الوصول إلى سيدنا يوسف في مصر وسكناها، فلما وصلوا إليه، و (دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ) أي: ضمهما إليه، واختصهما بقربه، وأبدى لهما من البر والإكرام والتبجيل والإعظام شيئا عظيما، {وَقَالَ} لجميع أهله: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} من جميع المكاره والمخاوف، فدخلوا في هذه الحال السارة، وزال عنهم النصب ونكد المعيشة، وحصل السرور والبهجة. والمراد بدخول مصر: الاستقرار بها، والسكن فى ربوعها بكل أمن وسلام وأمان. 
سابعا : اللقب السابع : وهو ( الأرض المقدسة ) وهو أيضا لقب قرآني، يعود الى قول الله تعالى لسيدنا موسى (إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى)، أخبره الله أنه ربه، وأمره أن يستعد ويتهيأ لمناجاته، ويهتم لذلك، ويلقي نعليه، لأنه بالوادي المقدس المطهر المعظم، وطوى هو اسم الوادي الواقع في أرض سيناء المصرية، ولو لم يكن من تقديسه، إلا أن الله اختاره لمناجاته كليمه موسى لكفى ، وقيل إنما أمره بخلع نعليه تعظيما للبقعة،  كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل الكعبة

ثامنا : اللقب الثامن : وهو (أرض التجلي) وهو كذلك لقب قرآني ، فبعدما وصل سيدنا موسى إلى طور سيناء لمناجاة ربه طلب أت يرى الله تعالى فقال له الله: لَنْ تَرانِي أى: لن تطيق رؤيتي، وأنت في هذه النشأة وعلى الحالة التي أنت عليها في هذه الدنيا ، وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا) 
فجبل الطوربسيناء هو المكان الوحيد على سطح الأرض الذي  تجلى عليه الله تعالى، ومن هنا جاء لقب مصر المتفرد ( أرض التجلي ).

تاسعا: اللقب التاسع: وهو لقب (أرض الشعب المبارك) وهو اللقب الذى أطلقه عليها سيدنا عيسى عليه السلام، عندما لجأ الى مصر ومعه العائلة المقدسة وذلك في دعائه الشهير (مبارك شعبي مصر).

عاشرا : اللقب العاشر: وهو ( أرض الرباط ) وهو لقب نبوي أطلقه عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: (جندها خير أجناد الأرض وإنها أرض الرباط ).

حادي عاشر: اللقب الحادي عشر ( أرض الذمة والرحم ) وهو لقب نبوي أيضا أطلقه عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، في حديثه الشريف: (إنكم ستفتحون مصرَ، وهي أرضٌ يُسمى فيها القيراطُ. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلِها. فإن لهم ذمةً ورحمًا. أو قال: ذمةً وصهرًا) (أخرجه مسلم)، فالرحم هي أمنا هاجر أم أبينا إسماعيل عليه السلام، أما الصهر فهي السيدة (مارية القبطية) التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنجبت له ابنه إبراهيم.

ثاني  عشر: اللقب الثاني عشر وهو ( فردوس الدنيا ) والذى أطلقه عليها هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد ورد عنه إنه قال ( مصر فردوس الدنيا ).

ثالث عشر: اللقب الثالث عشر وهو (أرض الكِنانة) ، والكِنانة في لغويا هي (جَعْبة صغيرة من جلد أو نحوه ؛ لوضع السِّهام)، وهي أيضاً أرض الماء أو البحر،  والذي أطلق  هذا اللقب على مصر هو الصحابي عمرو بن العاص؛ نظراً لموقعها الذي يأتي بين صحراءين؛ فهي محفوظة في الصحراء كما تُحفظ السهام داخل الكنانة،  وهي أيضاً أرض الماء أو البحر، وفي لهجة أهل (محافظة قنا ) كلمة قنانة من كنانة تعني الماء، فبالإضافة إلى مرور نهر النيل بها؛ فهي تطل على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط وبذلك تحيط بها المياه من عدة اتجاهات؛ فتكون بذلك أرض الماء أو الكنانة.
رابع عشر : اللقب الرابع عشر: وهو ( المنصورية) فعند إنشاء «حصن القاهرة» عُرف فى أول الأمر بـ «المنصورية» (نسبة إلى المنصور، أبوالمعز لدين الله الفاطمى)، وهى مقر الفاطميين فى تونس الذى تحركت منه جيوش الفاطميين إلى مصر.

خامس عشر: اللقب الخامس عشر: وهو (المعزية) وهو لقب أطلقه الفاطميون على مصر  نسبة إلى المعز لدين الله، وقد عُثر على قطع من المسكوكات تحمل هذا الاسم، وورد اسم المعزية موصوفاً بالقاهرة.
سادس عشر: اللقب السادس عشر : وهو ( المحروسة) وهو أشهر الأقاب التى ارتبطت بمصر وقد أطلقه عليها الفاطميون وكتبوه على بوابات القاهرة، لأنها محروسة بأمر الله وقوته وحوله، وقد حمل نص تأسيس باب (الفتوح) الذى شيده الأمير بدر الجمالى، هذا التركيب لاسم القاهرة على النحو التالى «بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله على ولى الله صلى الله عليهما.. بعز الله العزيز الجبار يحاط الإسلام وتنشأ المعاقل والأسوار رأى إنشاء باب الإقبال والسور المحيط بالمعزية القاهرة المحروسة حماها الله..».

 سابع عشر: اللقب السابع عشر:  وهو ( هبة النيل)، حيث يعرف كل منا العبارة الأشهر عن النيل إنها عبارة "مصر هبة النيل" التي قالها المؤرخ الأشهر عبر التاريخ "هيرودوت"، الذي ولد عام 484 قبل الميلاد، وكان من مدينة هاليكارناسوس (بودروم الآن، تركيا) في كاريا، وهي منطقة تقع في جنوب غرب آسيا الصغرى (تركيا الحديثة) وقد أصبح معروفًا باسم "أبو التاريخ" وألهم أجيالًا من المؤرخين، وصنع طريقا سار عليه من أتى بعده في مجال التأريخ حتى صار مرجعية لكل المؤرخين.
 
ثامن عشر: اللقب الثامن عشر:  وهو (أرض الحضارة) حيث أجمع  مؤرخو العالم بأن مصر هي مهد لعدد من الحضارات القديمة مثل الحضارة الفرعونية واليونانية والرومانية والإغريقية والقبطية ثم الإسلامية.

تاسع عشر: اللقب التاسع عشر  وهو ( أرض فجر الضمير ) وصاحب هذا اللقب هو  المؤرخ الأمريكي جيمس هنري بريستيد في كتابه “فجر الضمير”: والذي قال فيه : أدرك المصري القديم أن حضارة بلا قيم هي بناء أجوف لا قيمة له، فكم من حضارات انهارت وأصبحت نسيًا منسيًّا؛ لذا سعى إلى وضع مجموعة من القيم والمبادئ التي تحكم إطار حياته، تلك القيم التي سبقت «الوصايا العشر» بنحو ألف عام. وقد تجلى حرص المصري القديم على إبراز أهمية القيم في المظاهر الحياتية؛ فكان أهم ما في وصية الأب قبل وفاته الجانب الأخلاقي، حيث نجد الكثير من الحكماء والفراعنة يوصون أبناءهم بالعدل والتقوى. كذلك كانوا يحرصون على توضيح خلود تلك القيم في عالم الموت. لذا؛ نحتوا على جدران مقابرهم رمز إلهة العدل «ماعت» ليتذكروا أن العمل باقٍ معهم. لقد سبق المصريون العالم أجمع في بزوغ فجر الضمير الإنساني، وقد وضح «هنري برستيد» عالم المصريات العبقري ذلك بجلاء في هذا الكتاب الفذ.
عشرون : اللقب العشرون وهو (أرض الرسالات).  وقد شرح المؤرخ العبقري جمال حمدان في كتابه الرائد شخصية مصر؛ عناصر وأركان هذا اللقب، وقال  اجمالا أن مصر كانت دائمًا طرفًا فى قصة التوحيد منذ إخناتون إلى الأديان الثلاثة فى فلسطين وسيناء والحجاز، فكانت لموسى قاعدة ومنطلقًا ولعيسى ملجأ ولمحمد (صلى الله عليه وسلم) هدية ومودة.

search