السبت، 02 نوفمبر 2024

07:16 م

محمد مطش يكتب لـ المصري الآن: المقارنة بين الأطفال طريق إلى الإحباط

الإثنين، 23 سبتمبر 2024 12:35 م

محمد مطش

محمد مطش

هل علينا العام الدراسي الجديد. ومثل كل عام ولأسباب كثيرة ومتنوعة، فإن حالة من القلق والتوتر تنتاب الأسر المصرية. أهمها يوع وانتشار الدروس الخصوصية في كل المواد تقريبا، بما يزيد من الأعباء المادية على هذه الأسر، يضاف إليه البحث عن كيفية وطريقة مناسبة لمتابعة المواد الدراسية المقررة على الأبناء، وتكدس المقررات الدراسية وصعوبة المحتوى والمضمون. القضية ـ بلا شك ـ مهمة وصعبة سواء على الإدارات التعليمية وما تعانيه من نقص في الإمكانيات والموارد وقلة المدرسين، أو على مستوى الاسر بما هو مطلوب منها لتوفير مناخ ملائم، لتخريج أجيال قادرة على مواكبة سوق العمل، وخلق كوادر تستطيع أن تعمل في منظومة إنتاجية جيدة. وهذا ليس موضوعي، ولكني أردت أن اطرح عبر هذا المقال قضية مهمة نفسية وتربوية، أشعر بها وأتألم لها وخاصةً أني اتابعها منذ سنوات، كما أنها تسلم من جيل إلى جيل بدون تغيير يذكر في تفاصيلها. القضية المهمة والتي ينبغي أن ننتبه لها وتنتبه لها جميع الأسر، هي قضية أو ظاهرة المقارنة بين الأبناء في دراستهم وقدراتهم، سواء كانت المقارنة في البيت الواحد بين الأبن وأخوته، أو بين الابن وأأبناء الأقارب والجيران والأصدقاء. 

الله سبحانه وتعالى كرم الانسان وميزه عن غيره من باقي المخلوقات، كما خلق بنى البشر وجعل لكل منهم مميزاته وبصماته الخاصة، حتى يكون مختلفا عن غيره من باقي البشر. فمنا الطيب والشرير، والقوى والضعيف، والكريم والشحيح، والمقدام والتابع، والقائد والمنقاد، والمتسلط والمستسلم، وكثير من السمات والصفات التي تميز شخص عن آخر ولكل فرد له ما له وعليه ما عليه، بمعنى أنه خلق البشر وجعل لكل فرد بصمة منفردة تميزه وتجعل منه شخصًا بذاته، حتى لا نكون صورا متكررة من بعضنا البعض. ومن هذا المنطلق فان على الآباء دورًا كبيرًا ومهما في التربية والتوجيه، حتى لا يوثروا سلبًا على أبنائهم، ومن أجل تحفيزهم وتحسين أدائهم العلمي والدراسي. بعض الأسر وبعض الأباء والأمهات، وبدلاً من القيام بدور المحفز والدافع للأمام للابن أو البنت، نرى أنهم بدون قصد أو وعي منهم يساهمون في الاحباط والغيرة والكره للآخر، بسبب “المقارنة” الظالمة بين الأبناء بعضهم البعض أو مع أقرانهم. مجرد أن يقارن الآباء أبنائهم بما حققه أخيه أو زميله أو جاره في الدراسة وحصوله على درجات عالية، وما يؤديه من مهارات فنية ورياضية متميزة، فإنهم بهذا التصرف الأحمق يخلقون حالة من الضغط النفسي وممارسات تربوية غير صحيحة، لا تؤدى في النهاية إلا إلى نتائج سلبية وعكسية. ولعل من ابرز السلبيات التي تعود على الأطفال بسبب المقارنة بينهم الضغط والإجهاد، والتقليل من احترام الذات، وعدم سعى الطفل لتحسين مهاراته، وتحجيم هذه المهارات عن الظهور بشكل مختلف عن الآخرين، وعدم السعي لتطويرها، يضاف إلى ذلك خلق حالة من العداوة بينه وبين الأطفال الذين تقارنهم بهم. كما تخلق المقارنة حالة من اليأس لدى الاطفال لإحساسه الدائم بعدم قدرته على مواكبة أقرانه، وتحقيق ما يقومون به من مهارات وإمكانيات ليست موجودة لديه، مع العلم أنه قد تتوافر به سمات وقدرات فريدة جيدة تميزه عن غيرة من زملائه. ودعوتنا إلى عدم المقارنة لوجود الفروق الفردية بين البشر، فكل طفل يتمتع بشخصية فريدة وقدرات مختلفة، سواء في المجالات الأكاديمية أو الاجتماعية أو الفنية. فالمقارنة تظلم هذه الفروق وتضع ضغطًا غير عادل على الأطفال وتهز الثقة بالنفس. فالمقارنة قد تجعل الطفل يشعر بأنه غير قادر على النجاح، مما يؤثر على نظرته لنفسه. بدلاً من ذلك، فمن المهم أن نركز على نقاط القوة الفردية، ونحفز الطفل على التطور بطريقة تناسبه، وتنمية الإبداع لديه، فالأطفال يحتاجون إلى بيئة تشجع على الابتكار واستكشاف إمكاناتهم الخاصة. فالمقارنة تقيد هذا الإبداع، وتجعل الطفل يحاول تقليد الآخرين بدلًا من تطوير نفسه. 

ولكي نتجنب المقارنة، علينا بالتشجيع على التفوق الذاتي، يجب تشجيعه على تحسين أدائه مقارنة بإنجازاته السابقة، والاعتراف بالجهود التي يقوم بها الطفل وتقدير الفروق الفردية. فكلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيّته. على الآباء والأمهات حسن معاملة أبنائهم، والتركيز على الإيجابيات في شخصية أبنائهم، والعمل على تطويرها ونبذ ما بها من سلبيات، والعمل على تقليصها بقدر المستطاع دون مقارنة مع أحد، حتى يسود الحب والإخاء بين الاطفال، بدلاً من العنف والحقد والكراهية، وخلق أمراض اجتماعية، المجتمع في غنى عنها، إذا أحسن معاملة الأطفال ونشأوا على القيم والمبادئ والمثل الحميدة والبناءة. متمنيًا للجميع عاما دراسيا جديدا وسعيدا على كل أبنائنا وبناتنا في المراحل التعليمية المختلفة. علينا جميعًا أن نكون على دراية ووعي لتأثير المقارنات على نفسية أطفالنا. دعونا نستثمر في تعزيز مقوماتهم الفردية في التعليم والفن والرياضة. فمن خلال دعم الجانب الإيجابي في شخصياتهم، يمكننا مساعدتهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة. كما أن معالجة الجوانب السلبية برفق وإرشاد، تبني جيلًا أكثر ثقةً بنفسه وقدرةً على مواجهة التحديات. فلنجعل من الحب والدعم أساس علاقتنا مع أطفالنا، ولنسهم معًا في تشكيل مستقبل أكثر إشراقًا لهم.

search