السبت، 02 نوفمبر 2024

11:39 م

مسؤول أممي: التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة يغير المشهد ويزيد تعميق الاحتلال

الجمعة، 20 سبتمبر 2024 09:33 ص

نيويورك - محمد رسلان

المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط

المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط

قال تور وينسلاند المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن النشاط الاستيطاني مستمر، والصراع المدمر في غزة متواصل جنبا إلى جنب مع العنف اليومي في الضفة الغربية المحتلة، رغم دعوة قرار مجلس الأمن رقم 2334 إلى الوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية، واتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين.

جاء هذا في إحاطته أمام جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي أمس الخميس بشأن تطبيق القرار رقم 2334 لعام 2016. وقال وينسلاند إنه تم تقديم أو الموافقة على نحو 6370 وحدة سكنية وإن عمليات هدم ومصادرة المباني المملوكة للفلسطينيين استمرت في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

وأفاد باستمرار عمليات إخلاء الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية، ومغادرة 188 فلسطينيا، بينهم 111 طفلا مجتمعاتهم في الضفة الغربية، بسبب العنف والمضايقات من قِبل المستوطنين وتقلص أراضي الرعي.

زيادة التوتر

وقبل أن يستطرد وينسلاند في حديثه عن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، أعرب عن قلقه البالغ إزاء الخطر المتزايد المتمثل في تصعيد إقليمي واسع النطاق. وقال إن سلسلة الانفجارات التي شهدها لبنان والصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل في الأيام الأخيرة تزيد من التوتر.

ودعا جميع الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تزيد من تفاقم الوضع، واتخاذ خطوات فورية لخفض التصعيد.

وقدم المبعوث الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ملاحظات الأمين العام بشأن تطبيق القرار 2334، حيث جدد إدانته بشكل لا لبس فيه للقتل والإصابة على نطاق واسع للمدنيين في غزة، بما في ذلك النساء والأطفال، والحرمان من الضروريات اللازمة للبقاء على قيد الحياة.

وقال وينسلاند: "لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. أشعر بالقلق إزاء ما قد يرقى إلى مستوى الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك عدم الامتثال المحتمل لمبادئ التمييز والتناسب والاحتياط".

وشدد على أنه من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة وتحسين الظروف التي لا تطاق للمدنيين، يتعين على إسرائيل أن تفتح جميع المعابر المؤدية إلى غزة بالكامل، وتيسر التسليم الفوري والآمن وغير المقيد للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع مباشرة إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.

وجدد إدانته بشدة للهجمات المروعة التي شنتها حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية في إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، واستمرار احتجازها للرهائن في غزة، والقتل المتعمد لستة رهائن ظهرت على أجسادهم علامات سوء المعاملة الشديدة.

وجدد وينسلاند الدعوة إلى "وقف فوري لإطلاق النار لإنهاء المعاناة الإنسانية"، داعيا جميع الأطراف إلى مضاعفة الجهود، للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.

وأدان المسؤول الأممي بشدة جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، مضيفا أن "تصعيد العنف في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل أمر مثير للقلق الشديد".

أضرار جسيمة في البنية التحتية

وقال وينسلاند: "تتعرض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لأضرار جسيمة في البنية التحتية أثناء عمليات قوات الأمن الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة. وحث  قوات الأمن على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واستخدام القوة المميتة فقط عندما يكون ذلك أمرا لا مفر منه لحماية الأرواح".

وأعرب عن القلق العميق إزاء العدد الكبير من الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، الذين تحتجزهم قوات الأمن الإسرائيلية، وزيادة عدد الفلسطينيين المحتجزين في الاعتقال الإداري من قِبل إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023.

وأدان الهجمات التي يشنها مستوطنون إسرائيليون ضد الفلسطينيين، وعلى مقربة من قوات الأمن الإسرائيلية وبتواطؤ منها، وأحيانا باستخدام أسلحة توزعها الحكومة، ومحاولة حماس تنفيذ هجوم في تل أبيب.

وقال المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن الأمين العام لابزال منزعجا بشدة من التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. وأضاف: "تعمل السياسات والممارسات الإسرائيلية على تغيير الأراضي في الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل منهجي، مما يخلق ديناميكيات خطيرة وتهديدا وجوديا لحل الدولتين".

وشدد على أن التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين والخطوات الإدارية الإسرائيلية الأخيرة وإعلانات الأراضي الحكومية واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة "تغير المشهد بشكل أساسي، وتزيد من تعميق الاحتلال".

وأوضح أن هدم ومصادرة المباني المملوكة للفلسطينيين، قد ينطوي على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان ويثير المخاوف بشأن خطر النقل القسري.

وأعرب عن القلق إزاء الحالات المتعددة التي انخرط فيها مسؤولون في استفزازات خطيرة وتحريض ولغة تحريضية، والتي يجب على الجميع رفضها.

ونقل تقدير الأمين العام العميق لوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونـروا) وجميع موظفي الأمم المتحدة والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، "الذين يظلون ملتزمين بعملهم في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة على الرغم من المخاطر الأمنية الكبيرة".

وعبر عن القلق العميق إزاء الجهود الرامية إلى تقويض عملهم المنقذ للحياة.

وقال وينسلاند: "لكي نواجه التحديات المقبلة، يتعين علينا أن ننشئ أطرا سياسية وأمنية قادرة على معالجة الكارثة الإنسانية، والبدء في التعافي المبكر، وإعادة بناء غزة، وإرساء الأساس لعملية سياسية لإنهاء الاحتلال وإقامة حل الدولتين".

وشدد على أن التقدم نحو السلام يجب أن يتناول ويحقق بشكل كامل الحق الأساسي والمشروع للفلسطينيين في تقرير المصير والسيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن يتناول أيضا المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل.

انهاء الاحتلال الاسرائيلي

وقال المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور إن "إسرائيل تجاهلت القرار 2334 منذ اعتماده وانتهكت أحكامه تماما مثل أي قرار آخر"، واستمرت في انتهاك ميثاق القواعد الأساسية للقانون الدولي وقرارات المجلس.

وأشار إلى فتوى محكمة العدل الدولية والتي خلصت إلى أن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني، واعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

وقال منصور: "لقد جسد القرار التاريخي الذي اعتمدته الجمعية العامة أمس الأربعاء الإرادة الجماعية للعمل. ونحن نعتزم متابعة كل جانب من جوانب القرار والرد على أي فشل في الامتثال دون تأخير".

وأضاف: "لقد تمكنت مـحكمة العدل الدولية والجمعية العامة من الارتقاء إلى مستوى التحدي التاريخي والمأساوي الذي يواجهنا". وشدد على أنه لا توجد كلمات كافية لوصف معاناة غزة، مضيفا أن "غزة لا تحتاج إلى المزيد من الكلمات، بل إلى المزيد من الأفعال".

ونبه إلى أن دور مجلس الأمن هو دعم القانون الدولي، "وليس تطويع القانون لحساب انتهاكات الإسرائيليين" أو التضحية بميثاق الأمم المتحدة لإرضاء إسرائيل. وقال منصور إن "الشعب الفلسطيني شعب غير عادي، ورغبته الحقيقية هي أن يعيش حياة عادية. ولن يرضى بأقل من ذلك".

مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون قال إن بلاده "على الخط الأمامي في معركة تهدد المنطقة والعالم بأسره"، مضيفا أن بلاده تقف بثبات في مواجهة إيران التي وصفها بأنها النظام الأكثر قمعا في العالم.

وأفاد بأن إيران هي التي تحرك وكلاءها في المنطقة، مضيفا أنه بينما تحرك إيران الخيوط في المنطقة، "تقف السلطة الفلسطينية ضعيفة وعاجزة". وقال دانون: "السلطة الفلسطينية تفشل في مواجهة هذه التهديدات بشكل مباشر، وهذا يشجع أولئك الذين يسعون إلى نشر الاضطرابات في منطقتنا".

وأشار إلى أنه منذ 7 كتوبر 2023، مازالت السلطة الفلسطينية ترفض إدانة حماس، وقال موجها كلامه للسفير الفلسطيني رياض منصور: "لا أنت ولا الرئيس (الفلسطيني) محمود عباس قادران على قول ذلك. ومع قادة مثلكما. هل من المستغرب أن يستمر الإرهاب في التفاقم في الضفة الغربية؟"

وأضاف أن إيران تغرِق الضفة الغربية بالمتفجرات والقنابل اليدوية والألغام المضادة للدبابات والأسلحة المتقدمة بينما تجند إرهابيين لتنفيذ هجمات ضد المدنيين الإسرائيليين، مشيرا إلى أن هدف إيران هو تحويل الضفة الغربية إلى غزة أخرى.

وقال السفير الإسرائيلي: "سنعمل على تفكيك كل شبكة إرهابية، وكل وكيل إيراني، وسنضرب أولئك الذين يسعون إلى إيذائنا".

انتهاك صارخ للقانون الدولي

واعتمد القرار رقم 2334 في 23 ديسمبر عام 2016 حيث صوت لصالحه آنذاك 14 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.

وأكد القرار مجددا على أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل.

وكرر مطالبته لإسرائيل بأن توقف فورا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد احتراما كاملا.

وأكد أنه لن يعترف بأي تغييرات في خطوط الرابع من يونيو 1967 بما في ذلك ما يتعلق بالقدس سوى التغييرات التي يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات. ويدين القرار جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير.

ويشدد على أن وقف جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية أمر ضروري لإنقاذ حل الدولتين. ويدعو إلى اتخاذ خطوات إيجابية على الفور لعكس مسار الاتجاهات السلبية القائمة على أرض الواقع، التي تهدد إمكانية تطبيق حل الدولتين.

search