السبت، 02 نوفمبر 2024

09:37 م

حاجة تخوف.. رعب يجعلك تقفز من مكانك بحثًا عن الشبح

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024 12:38 ص

هدير جمعه

مسرحية  "حاجة تخوف"

مسرحية "حاجة تخوف"

يعد عرض "حاجة تخوف" شاهداً على استمرار نهضة المسرح المصري، حيث قدم لنا مجموعة من الشباب الموهوبين الذين أثبتوا أن المستقبل مشرق بالنسبة للفنون في مصر. وقد نجح المخرج خالد جلال، من خلال مركز الإبداع، في توفير بيئة محفزة للشباب الموهوبين لتطوير قدراتهم وإطلاق العنان لإبداعهم. وعرض "حاجة تخوف" هو أحدث مثال على ذلك، حيث قدم لنا تجربة فنية غنية وممتعة، أثبتت أن المسرح المصري قادر على تقديم أعمال فنية مبتكرة تتنافس مع الأعمال العالمية.

يتحول المسرح، في لحظات معدودة، إلى عالم ساحر يبعث على الدهشة والإعجاب. فمع اقتراب موعد العرض، يتزايد حماس الجمهور وتتدفق الأعداد الهائلة إلى القاعة، يتحركون بسرعة واندفاع بحثًا عن أفضل مكان للاستمتاع بالعرض. وفي لحظة سحرية، ينطفئ الضوء وتنير الأضواء المسرحية، ليكشف عن عالم جديد كليًا. ينتقل الجمهور من صخب الحياة اليومية إلى عالم من الخيال والإبداع، حيث يمكنهم الاستمتاع بأداء الفنانين الموهوبين والاستمتاع بجمال الفن.

في لحظة انتقال سلس من الظلام إلى النور، يجد الجمهور نفسه منجذبًا إلى عالمٍ آخر، عالمٍ يسكنه الشباب الموهوبون. تتوالى المشاهد، وكل مشهد يحمل في طياته مفاجأة جديدة، تجعلك تتساءل عن مدى عمق هذه المواهب وإبداعها. تتأثر بشكل خاص بقصة فايز، الشاب الذي رحل تاركًا بصمة لا تمحى في قلوب زملائه، حيث تشعر بأن روحه حاضرة في كل لحظة من العرض. وتأخذك العروض إلى رحلة عاطفية مليئة بالضحك والبكاء والدهشة، لتخرج من المسرح وأنت تشعر بالتفاؤل بالمستقبل.

و في لحظة سحرية، يدعوك المخرج خالد جلال إلى رحلة داخل أعماق نفسك، رحلة لا تُنسى. يساعده في ذلك مواهب شابة تتمتع بطاقة إبداعية تفوق أعمارهم، فبأداء متقن وكلمات مؤثرة، ينقلونك إلى عالم موازٍ، عالم يكشف عن خبايا روحك وأسرارها. يضعون أمامك مرآة تعكس انعكاساتك الحقيقية، مخاوفك، نقاط ضعفك، رغباتك، وكل ما تحاول إخفاءه عن نفسك وعن العالم. يجعلك تواجه نفسك بصدق، ويمنحك فرصة فريدة لاختيار طريقك، طريق المواجهة والتغيير، أم طريق الاستسلام والاستمرار في نفس الدائرة.

من بين العديد من المواهب الشابة التي تألقت في عرض "حاجة تخوف"، لفت انتباهي بشكل خاص أداء شريف إسماعيل وشاهندة علي وخلود خالد. مشهد "الأوردر" الذي قدمه شريف وشاهندة كان بمثابة لحظة سحرية، حيث استطاعا أن يجعلا الجمهور يشعر بكل ما يمران به من أحلام وآمال وتحديات. أما خلود خالد فقد قدمت لنا مشهدًا مؤثرًا للغاية، حيث استطاعت أن تنقل لنا عمق معاناة المرأة التي فقدت زوجها. إن هذه الأداءات المتميزة تؤكد لنا أن المستقبل مشرق للمسرح المصري.

منة حمدي، التي تجسد دور الفنانة التي تراجعت عنها الأضواء والأدوار، تُعتبر واحدة من المواهب الواعدة بفضل حضورها القوي وأداءها المتميز. تمتلك من الأدوات والقدرات ما يساعدها في تجسيد الشخصية وتعبير انفعالاتها بفاعلية. أما محمد حسين مودي، فيقدم دور العريس، الشاب الذي يقع ضحية للطمع ويجد نفسه يتحول من الحب إلى حالة من الخوف من الارتباط.

محمد سراج يُعتبر واحداً من أبرز المواهب اللامعة في عرض "حاجة تخوف"، حيث يقدم شخصيتين متضادتين بشكل بارز. في أحد المشاهد، يجسد دور الشاب المستهتر الذي يستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي ويتابع اللايكات ونسب المشاهدة بشكل مفرط. وفي المشهد الآخر، يلعب دور الصعيدي الذي يتمسك بهويته وعاداته وتقاليده، ويرفض الإغراءات التي قد تجره بعيداً عن مبادئه. أعتقد أن هذا العرض سيفتح له أبواباً واسعة، خاصةً أنه يجمع بين الغناء والتمثيل والتلحين. وقد شارك أيضاً في مشهد يُبرز فيه الفنان محمد إبراهيم، الذي أراه فناناً من العيار الثقيل، ويعكس جانباً من واقع أبناء صعيد مصر.

search