الأحد، 22 ديسمبر 2024

03:30 م

بعد اجتياجها للأسواق.. فرنسا تمنع دخول شوكولاتة جزائرية

الأحد، 15 سبتمبر 2024 04:04 م

محمد عماد

شوكولاتة المرجان الجزائرية

شوكولاتة المرجان الجزائرية

في حدث لافت أثار جدلاً واسعًا، تم منع شحنة من منتج "المرجان"، وهو نوع من الشوكولاتة القابلة للفرد تنتجه شركة جزائرية، من دخول السوق الأوروبية، رغم تزايد شعبيته لدى المستهلكين، خاصة في فرنسا. السلطات الفرنسية قامت بحجز عدة حاويات محملة بهذا المنتج في ميناء مرسيليا، وهو ما أثار تساؤلات حول أسباب المنع.

فرنسا تمنع شوكولاتة جزائرية من دخول السوق الأوروبية بعد تزايد شعبيتها

كشف مصطفى زبدي، رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، عن أن الشحنة الأخيرة من "المرجان" لم يُسمح لها بالدخول إلى أوروبا. وأوضح زبدي أن هذا المنع يستند إلى اللائحة رقم 2292/2202 الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، والتي تنص على ضرورة اتفاق مسبق يسمح بإدخال الحليب ومشتقاته إلى دول الاتحاد الأوروبي. وتعتبر هذه اللوائح جزءًا من إطار شامل يهدف إلى ضمان سلامة المنتجات الغذائية المستوردة إلى أوروبا، خاصة تلك التي تحتوي على مكونات حيوانية مثل الحليب.

اللوائح الأوروبية المتعلقة بمنتجات الألبان تشدد على الرقابة الصحية في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، بدءًا من تربية الحيوانات وصولاً إلى توزيع المنتجات النهائية. ويأتي هذا التشديد للحيلولة دون انتشار أي أمراض معدية قد تؤثر على الماشية أو البشر في دول الاتحاد الأوروبي. لذلك، فإن أي منتج يحتوي على الحليب أو مشتقاته يجب أن يخضع لهذه الرقابة الصارمة لضمان السلامة الصحية.

رغم التفسير الرسمي القائم على متطلبات الصحة العامة واللوائح الأوروبية، أبدى مصطفى زبدي شكوكًا حول الأسباب الحقيقية وراء منع الشحنة من دخول السوق الأوروبية. واعتبر أن المنتج الجزائري "المرجان" أصبح يشكل تهديدًا للمنتجات الأوروبية المنافسة بعد أن حقق شعبية واسعة. وأكد زبدي أن الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك ستتخذ موقفًا صارمًا حالما تحصل على الوثائق الرسمية التي تؤكد أسباب المنع.

الشوكولاتة الجزائرية "المرجان" تصدرت حديث وسائل الإعلام الفرنسية في الآونة الأخيرة، وذلك بعدما انتشرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة "تيك توك"، تُظهر طوابير طويلة من المستهلكين الفرنسيين ينتظرون للحصول على المنتج. هذه الشعبية المتزايدة، وفقًا لزبدي، قد تكون أحد العوامل التي دفعت السلطات الأوروبية لاتخاذ إجراءات رقابية أكثر تشددًا.

تأسست شركة "سيبون" (Cebon) العائلية في الجزائر عام 1997، وهي مختصة في إنتاج السلع الغذائية والمحليات. وظلت تعمل بشكل طبيعي ولم تشهد شهرة دولية تذكر، حتى أطلقت منتجها "المرجان" للشوكولاتة القابلة للفرد في عام 2021. المنتج اكتسب شهرة واسعة داخل الجزائر بفضل طعمه الفريد وجودته العالية، لكنه لم يكن معروفًا على نطاق واسع خارج الحدود الجزائرية.

ورغم عدم تصدير المنتج رسميًا إلى الأسواق الأوروبية، انتشر "المرجان" بشكل غير رسمي عبر الهدايا الشخصية التي كان يحملها الجزائريون لأصدقائهم في فرنسا. وفي الأشهر الأخيرة، أصبح المنتج حديث الناس في فرنسا، حيث سلطت البرامج التلفزيونية الضوء على الطلب المتزايد عليه، وهو ما دفع البعض إلى التساؤل عن إمكانية تسويقه رسميًا في السوق الأوروبية.

إقرأ أيضاً: 

رفع نسبة الطاقة النظيفة إلى 32% في الإمارات بحلول 2030

قرض تنموي سعودى لـ دومينيكا بـ41 مليون دولار

اكتتاب الأفراد ينطلق اليوم.. 1.5 مليون سهم من الطرح العام لـ 'الماجد للعود'

على الصعيد العالمي، يُعد إنتاج الشوكولاتة من الصناعات الكبرى التي تشهد طلبًا مستمرًا ونموًا متزايدًا. تتصدر دول مثل سويسرا وبلجيكا قائمة الدول المصدرة للشوكولاتة بفضل تاريخها الطويل في هذا المجال وجودة المنتجات التي تقدمها. في المقابل، تواجه الدول النامية تحديات كبيرة في دخول هذا السوق بسبب القيود التنظيمية والرقابة الصحية الصارمة التي تفرضها الأسواق الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وتعتمد صناعة الشوكولاتة بشكل كبير على مكون رئيسي وهو الكاكاو، الذي يُنتج غالبًا في دول إفريقيا مثل ساحل العاج وغانا. ورغم أن هذه الدول تُعد من أكبر منتجي الكاكاو في العالم، إلا أنها غالبًا ما تصدره كمواد خام بدلاً من تصنيعه محليًا. مع ذلك، بدأت بعض الشركات في إفريقيا والمنطقة العربية، مثل "سيبون"، في التوسع نحو إنتاج الشوكولاتة بمنتجات محلية تنافسية.

العوائق التي تواجه المنتجات الجديدة في الأسواق العالمية متعددة، وتشمل متطلبات الجودة، معايير الصحة والسلامة، والعوائق الجمركية. وفي حالة "المرجان"، فإن المنع الأوروبي قد يكون جزءًا من هذه التحديات التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدول النامية. ومع ذلك، فإن النجاح المحلي والدولي لهذه الشركات يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للاقتصاديات المحلية، خاصة إذا تم التغلب على هذه التحديات.

بالرغم من الصعوبات التي واجهتها شركة "سيبون" في تصدير منتجها إلى السوق الأوروبية، فإن الشهرة التي حققها "المرجان" خلال فترة قصيرة تعد إشارة إيجابية على إمكانيات توسع المنتج في المستقبل. من الممكن أن تسعى الشركة لتجاوز العوائق القانونية والمواصفات الأوروبية، وربما تبدأ بإجراءات رسمية لتصدير منتجاتها وفق المعايير المطلوبة.

إن تجربة "المرجان" تبرز أهمية الابتكار والجودة في النجاح التجاري، حتى بالنسبة للشركات الصغيرة التي تعمل في أسواق محلية محدودة. وتعتبر هذه التجربة نموذجًا للعديد من الشركات العائلية التي تسعى للتوسع خارج حدودها الوطنية، خاصة في مجالات الصناعات الغذائية.

ختامًا، تبقى صناعة الشوكولاتة عالمياً مجالاً مليئاً بالتحديات والفرص. ومع تزايد الطلب العالمي على المنتجات ذات الجودة العالية، يمكن للعلامات التجارية المحلية مثل "المرجان" أن تجد لنفسها مكانًا على الساحة الدولية إذا استطاعت التكيف مع المتطلبات التنظيمية والمعايير العالمية.

search