السبت، 02 نوفمبر 2024

11:40 م

تعرَّف على دور الرئيس السادات في عمل ابتهال "مولاي إني ببالك"

الأحد، 15 سبتمبر 2024 04:50 ص

هدير جمعه

بليغ حمدي و النقشبندي

بليغ حمدي و النقشبندي

"أقوم بالليل والأسحار ساجية أدعو وهمس دعائي بالدموع ندى بنور وجهك إني عائد وجل"، هي كلمات تنفذ إلى أعماق القلب وتترك آثاراً دائمة فيه. من منا لم يشعر بالافتتان عند الاستماع إلى ابتهال "مولاي" بصوت الشيخ سيد النقشبندي؟ فقد كان يمتلك صوتاً نورانياً يتسم بالقوة والروحانية، بحيث تنقل كلماته وروحه المستمع إلى عوالم أخرى بمجرد سماع صوته.

رغم مرور قرابة نصف قرن، وحتى أكثر من ذلك، يظل ابتهال "مولاي" حاضراً في الذاكرة، متوارثاً بين الأجيال بعشق لا ينضب. وعند القيام ببحث بسيط، نكتشف أن هذا الابتهال الخالد يعود فضله إلى عبقري من عباقرة الموسيقى، الموسيقار الراحل بليغ حمدي. فقد خرج بليغ حمدي عن المألوف في هذه المقطوعة، مبدلاً مقطوعاته المعتادة التي كانت تدور حول الحب والهجر، ليقدم لنا لحناً مميزاً. كلمات هذا الابتهال، التي صاغها عبد الفتاح مصطفى بخيوط من ذهب، لم تتأثر بمرور الزمن؛ بل إنها تظل قادرة على السيطرة على الروح والعقل كلما سُمعَت، مما يجعلها تجربة مؤثرة بكل مرة تُعاد فيها.

قد مرت خمسة عقود على واحد من أبرز وأهم التعاونات الفنية، والتي قادها رئيس جمهورية مصر في تلك الفترة، الراحل محمد أنور السادات. بفضل سياسته ودبلوماسيته المعروفة، نجح السادات في إتمام صفقة فنية رائعة نتج عنها هذا الابتهال المميز. لم يكن في الحسبان أن يتعاون الشيخ النقشبندي مع ملك الموسيقى بليغ حمدي في مشروع فني واحد، لكن عبقرية بليغ حمدي حسمت الأمر وجعلت هذا التعاون حقيقة.

في ليلة فرح عائلة السادات، تحديداً في عام 1972، وفي أجواء احتفالية بامتياز، طلب الرئيس الراحل أن يجمع بين عملاقين من الموسيقى هما النقشبدي وبليغ حمدي، وذلك في حضور الإذاعي المعروف وجدي الحكيم. كان الهدف من هذا اللقاء هو خلق عمل فني مشترك يخلد هذه المناسبة السعيدة. ولكن، وبشكل مفاجئ، رفض النقشبدي هذا الطلب، معلنًا صراحة عن عدم رغبته في التعاون مع بليغ حمدي. وقد برر النقشبدي رفضه هذا بتصريح لاذع، حيث قال: "كيف لي أن أعمل مع شخص يقتصر عمله على التلحين للراقصات؟".

بعد أن نجح الإذاعي وجدي الحكيم في إقناع الشيخ سيد النقشبندي بمقابلة الموسيقار بليغ حمدي، تم ترتيب لقاء بينهما. ومع ذلك، أصر النقشبندي على موقفه الرافض للتعاون مع بليغ، معللاً ذلك بعدم اقتناعه بأسلوبه الموسيقي. وفي ظل إصرار الحكيم على إتمام هذا التعاون، وضع النقشبندي شرطًا غريبًا، حيث تعهد بخلع عمامته إذا ما استطاع بليغ أن يقنعه بجمال لحنه.

لم تكد تمر ساعة واحدة حتى انقلبت الموازين تمامًا. فقد نجح الموسيقار بليغ حمدي في مهمته المستحيلة، حيث استطاع بإبداعه وحسه الموسيقي الفريد أن يقنع الشيخ سيد النقشبندي، الذي كان يرفض تمامًا فكرة إضافة الموسيقى إلى الابتهالات الدينية، بالتعاون معه. بعد أن استمع النقشبندي إلى لحن بليغ، اعترف بعبقريته ونبوغه، وعلامة على إعجابه الشديد، لم يكتفِ بخلع عمامته فقط بل خلع أيضًا قفطانه تعبيرًا عن فرحته الغامرة بهذا التعاون الفني غير المسبوق. وهكذا، تم وضع حجر الأساس لأهم ابتهال في تاريخ الإنشاد الديني.

بينما نظمت دار الأوبرا المصرية حفلًا موسيقيًا فاخرًا لتخليد ذكرى الموسيقار الكبير بليغ حمدي. أقيم الحفل على المسرح الكبير، حيث قدمت الفرقة القومية العربية للموسيقى، تحت قيادة المايسترو الدكتور مصطفى حلمي، باقة من أجمل أعمال الراحل. شارك في هذا الحفل نخبة من الفنانين، منهم أحمد سعيد، وأشرف وليد، وأحمد عصام، ومحمد طارق، الذين قدموا أداءً متميزًا نال استحسان الجمهور.

search