السبت، 02 نوفمبر 2024

05:22 م

دراسة حديثة: مشاعر الحزن والاكتئاب قد تكون معدية وتنتقل بين الأفراد

الإثنين، 09 سبتمبر 2024 02:55 م

محمد عماد

دراسة حديثة عن الاكتىاب

دراسة حديثة عن الاكتىاب

خلصت دراسة حديثة، إلى أن مشاعر الحزن والاكتئاب قد تكون معدية وتنتقل بين الأشخاص، مثلما تنتشر نزلات البرد أو الإنفلونزا. والسؤال الذي يدور الآن حول إمكانية انتقال المشاعر السلبية، مثل الحزن والشعور بالعجز للآخرين، أصبح محط اهتمام العلماء والأطباء. 

دراسة حديثة: مشاعر الحزن والاكتئاب قد تكون معدية

الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون في فنلندا بقيادة كريستيان هاكولينين، الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة هلسنكي، وجدت أدلة تشير إلى أن الاكتئاب قد يكون معديًا بين الأفراد، لا سيما بين طلاب المدارس.

نُشرت الدراسة في مجلة "JAMA Psychiatry" وتتبعت السجلات الصحية لأكثر من 700 ألف طفل لمدة 11 عامًا، بدءًا من سن 16 عامًا. وفقًا لتحليل الباحثين، إذا أظهر طالب واحد في الفصل علامات واضحة على الاكتئاب، فإن هناك احتمالية أعلى بنسبة 9% أن يصاب زملاؤه في الفصل أيضًا بهذا المرض. أما الطلاب الذين لديهم أكثر من زميل يعاني من الاكتئاب، فكانت احتمالية إصابتهم بالمرض تصل إلى 18%. اللافت أن هذا التأثير استمر حتى بعد مغادرة الطلاب للمدرسة، ما يعني أن الأثر الاجتماعي للاكتئاب قد يستمر لسنوات طويلة.

الباحثون أشاروا أيضًا إلى أن هذه العلاقة لم تتأثر كثيرًا بعوامل أخرى مثل مستوى الدخل أو الظروف المعيشية، مما يشير إلى أن الاكتئاب يمكن أن ينتشر بين الأفراد بشكل مستقل عن العوامل الاقتصادية أو الاجتماعية. كما أكدوا أن تأثير "العدوى العاطفية" يستمر رغم تراجعه بمرور الوقت.

هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها، إذ أشارت دراسة أخرى نُشرت في عام 2014 في مجلة "Clinical Psychological Science" إلى أن التفكير الاكتئابي قد ينتشر بين زملاء السكن في الجامعة. 

في هذه الدراسة، تابع علماء النفس في جامعة نوتردام بولاية إنديانا 108 طلاب جدد تم توزيعهم عشوائيًا لمشاركة غرف سكنية. وقد أظهرت الدراسة أن الطلاب الذين عاشوا مع زملاء يعانون من التفكير السلبي والاكتئاب، قد بدأوا هم أنفسهم في تبني نفس الأنماط العقلية بمرور الوقت.

أوضح الباحثون في تلك الدراسة، أن التفكير الاكتئابي، المعروف بالتأمل أو "التفكير المتكرر في الأمور السلبية"، يمكن أن ينتقل بين الأفراد. هذا النوع من التفكير يعزز من مشاعر الحزن والاكتئاب، ويؤدي إلى تدهور الحالة المزاجية العامة. الدكتور جاك أندروز، عالم النفس التنموي بجامعة أكسفورد، أوضح أن "الاكتئاب قد ينتشر بالفعل من خلال التفكير المشترك"، حيث يتبادل الأفراد الأفكار السلبية بشكل متكرر دون الوصول إلى حلول، مما يعمق من مشاعر الاكتئاب.

المسألة ليست مقتصرة على طلاب المدارس أو الجامعة فقط، بل تمتد لتشمل البالغين أيضًا. فوفقًا لدراسة أخرى، يمكن للحالة المزاجية السلبية أن تنتقل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت التحليلات أن العلاقات الاجتماعية قد تعزز من انتقال مشاعر الاكتئاب. هذه الظاهرة، التي تُعرف بالعدوى العاطفية، تشير إلى أن الحالة المزاجية للأشخاص قد تتأثر بشدة بالأفراد المحيطين بهم، سواء كان ذلك عبر العلاقات الشخصية أو الافتراضية.

النتائج التي توصل إليها العلماء، تؤكد على أهمية البيئة الاجتماعية في تشكيل الحالة النفسية للفرد، إذا كان الشخص محاطًا بأفراد يعانون من الاكتئاب، أو يميلون إلى التفكير السلبي. فمن المرجح أن يتأثر بذلك ويصبح عرضة للاكتئاب هو الآخر. ولهذا السبب، يدعو الخبراء إلى زيادة الوعي حول تأثير "العدوى العاطفية" وأهمية خلق بيئات اجتماعية داعمة وإيجابية.

في نهاية المطاف، بينما قد يبدو الاكتئاب حالة فردية، تظهر هذه الدراسات أن البيئة الاجتماعية المحيطة، تلعب دورًا كبيرًا في تفشيه. الفهم العميق لهذه الظاهرة قد يساعد في تطوير استراتيجيات للحد من انتشار الاكتئاب، من خلال تعزيز الدعم الاجتماعي والتوعية بأهمية الحفاظ على حالة نفسية إيجابية.

search