100 سنة كوميديا.. السينما المصرية تحتفل بذكرى ميلاد العملاق فؤاد المهندس

يحتفل العالم العربي اليوم بذكرى ميلاد أحد أبرز رموزه وأيقوناته، الفنان الكوميدي الكبير فؤاد المهندس، الذي رحل عن دنيانا تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا لا يمحى من ذاكرة الأجيال. ففي مثل هذا اليوم، السادس من سبتمبر، ولد في حي العباسية بالقاهرة عام 1924، فتى صغير كان يحمل في داخله بذور عبقرية فنية ستنير سماء الكوميديا المصرية والعربية.

حياة الفنان الراحل فؤاد المهندس   

أسمه فؤاد زكي محمد المهندس من مواليد 6 سبتمبر 1924. ولد في حي العباسية، في القاهرة. وهو الطفل الثالث في العائلة بعد أختين هما صفية المهندس و«درية المهندس»، والشقيق الرابع «سامي المهندس». نشأ بمدارس العزف التركية التي كان لها فضل كبير على تكوين شخصيته الصلبة. وكان جاره ابن حي العباسية الفنان الراحل صلاح ذو الفقار وصديقه المقرب، وكان فؤاد يعتبر عائلة ذو الفقار أساتذته ولهم دور كبير في انطلاق نجوميته في عالم الفن.

وهو من أبرز الذين مثّلوا في المسرح والسينما والتليفزيون والمذياع. كما كان له برنامج إذاعي اجتماعي يومي يُسمّى كلمتين وبس أُذيع منذ 1968، ويسلط الضوء على سلبيات المجتمع المصري على لسان «سيد أفندي». كما أنه خلّف كماً كبيراً من الأغاني في أفلامه ومسرحياته، قدم عدة أعمال للأطفال أشهرها فوازير عمو فؤاد في شهر رمضان، والتي لاقت نجاحاً ويكون جمهوره الأول فيها «الأطفال» بالثمانينات والتسعينات. كما قدّم مسرحيات للأطفال منها هاله حبيبتي. وغنى أغاني للأطفال أشهرها: «عيد ميلاد أبو الفصاد» و«رايح أجيب الديب من ديله». كما أنه دخل تجربة الإنتاج السينمائي عندما أنتج الفيلم الكوميدي فيفا زلاطا، إلا أنه لم يلقَ نجاحاً في وقتها. فؤاد المهندس أخ لصفية المهندس.

والده هو اللغوي زكي محمد المهندس، ولذلك كان منزلهم قلعة للحفاظ على اللغة العربية التي أتقنها من خلال أبيه الذي كان صاحب الفضل الأول في تنمية مواهبه الفنية.

عندما التحق بـكلية التجارة، إنضم لفريق التمثيل بالجامعة، وشاهد نجيب الريحاني، وأُعجب به في مسرحية الدنيا على كف عفريت، فانضم لفرقته المسرحية لعله يحظى بأحد الأدوار، إلا أن الريحاني لم يساعده كثيراً، وبعد وفاته إنضم لفرقة ساعة لقلبك منذ تأسيسها في مطلع الخمسينات، وكانت هذة بدايته مع التمثيل. في عام 1954، أعطي المخرج محمود ذو الفقار لفؤاد المهندس فرصة هامة بإسناد أول دور بطولة له في السينما في فيلم بنت الجيران أمام الفنانة شادية والذي كان من إخراج وإنتاج محمود ذو الفقار وكان بمثابة مجازفة في ذلك الوقت ولكن أقدم ذو الفقار علي هذه الخطوة لايمانه بموهبة فؤاد المهندس الكوميدية. وفي عام 1956، أشركه المخرج عز الدين ذو الفقار في فيلم عيون سهرانة أمام الفنان صلاح ذو الفقار والفنانة شادية ثم في أفلام بين الاطلال عام 1959 ونهر الحب عام 1960 والشموع السوداء عام 1962، وفيلم موعد في البرج عام 1962 وانطلق بعدها في عالم النجومية.

في ذكرى ميلاده المئوية، نستعيد ذكريات الفنان الكوميدي الكبير فؤاد المهندس، الذي ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الفن المصري والعربي. فقد كان المهندس أكثر من مجرد ممثل، فهو أيقونة للضحك والسخرية، وقدّم للجمهور أعمالاً خالدة لا تزال محفورة في الأذهان حتى يومنا هذا.

لم يكن فؤاد المهندس مجرد ممثل، بل كان فنانًا شاملاً، استطاع أن يترك بصمة واضحة في كل عمل قدمه، سواء على خشبة المسرح أو الشاشة الفضية أو حتى الإذاعة. فكان ممثلًا موهوبًا، وكاتبًا ساخرًا، ومقدم برامج محببًا للجميع. وقد تميز أداؤه بالعفوية والطرافة، وباتت إفيهاته جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الشعبية المصرية.

بدايات "الأستاذ"  الواعدة ونبوغ مبكر

ولد فؤاد زكي محمد المهندس في 6 سبتمبر 1924 بالقاهرة، وسرعان ما أظهر ميولاً فنية منذ صغره. التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج فيه عام 1957. كانت بداياته الفنية في المسرح، حيث شارك في العديد من المسرحيات التي لاقت نجاحًا كبيرًا، مثل "سك على بناتك" و"مدرسة المشاغبين".

رحلة فؤاد المهندس الفنية الحافلة بالإنجازات

بدأت رحلة فؤاد المهندس الفنية في الخمسينيات، حيث قدم العديد من الأعمال المسرحية التي لاقت نجاحًا كبيرًا، ومن أبرزها مسرحية "سك على بناتك" التي حققت شهرة واسعة. ثم انتقل إلى السينما، حيث قدم مجموعة متنوعة من الأفلام الكوميدية التي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى يومنا هذا، مثل أفلام "شفيقة ومتولي"، "الحاسة السادسة"، و"حنفي الأب العشري".

ولم يقتصر نشاط فؤاد المهندس على التمثيل والسينما، بل امتد إلى الإذاعة، حيث قدم برنامجًا إذاعيًا اجتماعيًا يوميًا بعنوان "كلمتين وبس"، والذي كان يسلط الضوء على سلبيات المجتمع المصري بطريقة ساخرة لاذعة. كما قدم فوازير "عمو فؤاد" التي كانت موعدًا سنويًا للأطفال في شهر رمضان، وترعرع على حكاياتها أجيال عديدة.

"الأستاذ" وأثره في المجتمع

لقب فؤاد المهندس بـ "الأستاذ" ليس من فراغ، بل لأنه كان بالفعل أستاذًا في فن الكوميديا، وقدوة للكثير من الفنانين الشباب. فقد تميز بأسلوبه الفريد في تقديم الكوميديا، حيث كان يمزج بين الفكاهة الراقية والمضمون الاجتماعي، مما جعله محبوبًا من قبل جميع شرائح المجتمع.

ولم يكن فؤاد المهندس مجرد ممثل مشهور، بل كان شخصية مؤثرة في المجتمع المصري، حيث كان يتحدث عن قضايا الناس وهمومهم بلغة بسيطة وواضحة، وكان يسعى دائمًا إلى تقديم رسائل إيجابية من خلال أعماله الفنية.

إرث فني خالٍد

رحل فؤاد المهندس عن عالمنا في عام 2006، تاركًا فراغًا كبيرًا في الساحة الفنية المصرية. ولكن إرثه الفني الخالد سيظل حيًا في قلوبنا، فما زلنا نضحك ونستمتع بأعماله، ونعتبره أيقونة للكوميديا المصرية.

و بعد رحيله في عام 2006، ترك فؤاد المهندس إرثاً فنياً غنياً، لا يزال يلهم الأجيال الجديدة من الفنانين. فما زالت أعماله تعرض على شاشات التلفزيون، وتدرس في المعاهد الفنية، وتشكل مصدر إلهام للكثيرين.

ثنائي فني خالد

شكل فؤاد المهندس مع زوجته الفنانة شويكار ثنائياً فنياً لا ينسى، قدموا معاً العديد من الأعمال الناجحة التي لا تزال عالقة في الأذهان، مثل "ريا وسكينة" و"حنفي الأبهة". كانت هذه الثنائية رمزاً للكوميديا الراقية والاجتماعية، حيث قدمت رسائل إنسانية هامة في قالب كوميدي.

أعمال سينمائية خالدة للفنان الراحل فؤاد المهندس 

لم يقتصر تألق فؤاد المهندس على المسرح، بل امتد إلى السينما، حيث قدم العديد من الأفلام الكوميدية التي حققت نجاحاً كبيراً، مثل "أرض النفاق"، "العتبة جزاز"، و"شنبو في المصيدة". كانت أفلامه تتميز بالفكاهة الساخرة والاجتماعية، وكانت تعكس الواقع المصري بصدق وحس فكاهي لاذع.

أثر فؤاد المهندس الاجتماعي والوطني

لم يكن فؤاد المهندس مجرد ممثل كوميدي، بل كان فناناً وطنياً، قدم العديد من الأعمال التي تحمل رسائل وطنية وإنسانية. كما كان يحرص على تقديم أعمال تنتقد العادات والتقاليد الخاطئة في المجتمع المصري.

أسرار نجاح فؤاد المهندس

أولا الموهبة الفطرية

كان يتمتع بموهبة تمثيلية فذة، وقدرة على تجسيد الشخصيات المختلفة ببراعة.

ثانيا الحس الفكاهي

كان يتمتع بحس فكاهي رفيع، وقدرة على تحويل المواقف اليومية إلى مواقف كوميدية.

ثالثا الوعي الاجتماعي

 كان يحرص على تقديم أعمال تعكس الواقع الاجتماعي، وتناقش القضايا التي تهم الناس.

رابعا التعاون مع كبار الفنانين

عمل مع نخبة من الفنانين المصريين، مما ساهم في إنجاح أعماله.

أعمال لا تنسى للفنان فؤاد المهندس 

عودة أخطر رجل في العالم

"عودة أخطر رجل في العالم" فيلم آخر يجمع بين فؤاد المهندس وميرفت أمين، وقد حقق نجاحًا كبيرًا. الفيلم يتميز بالخفة والمرح، ويقدم لنا قصصًا مضحكة ومواقف طريفة.

الراجل ده حيجنني

"عطية" شخصية لا تُنسى قدمها فؤاد المهندس في فيلم "الراجل ده حيجنني". هذا الرجل الطيب المسالم الذي يتحمل كل شيء من أجل أسرته، يواجه تحديات كبيرة عندما تهجره زوجته. الفيلم يطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقة الزوجية، ودور الرجل في الأسرة.

البيه البواب

من منا ينسى شخصية الموظف الكبير الذي تحول إلى بواب في فيلم "البيه البواب"؟ قدم فؤاد المهندس في هذا الفيلم تحفة فنية، حيث جسّد ببراعة صدمة الإنسان عندما يواجه واقعًا مختلفًا تمامًا عما اعتاد عليه. الشراكة بينه وبين أحمد زكي كانت مثالية، حيث أضفت كل شخصية عمقًا للعمل. هذا الفيلم ليس مجرد كوميديا، بل هو دراما اجتماعية تسليط الضوء على قضايا مهمة مثل التقاعد والطبقية الاجتماعية.

أرض النفاق

"أرض النفاق" ليس مجرد فيلم كوميدي، بل هو عمل فني عميق يعكس حالة المجتمع في ذلك الوقت. فؤاد المهندس قدم شخصية "مسعود أبو السعد" التي تجسد حالة الإحباط والبحث عن الهوية التي يعاني منها الكثيرون. الفيلم يقدم نقدًا لاذعًا للمجتمع، ويحذر من خطورة النفاق والتزلف.

عائلة زيزي

"عائلة زيزي" لم يكن مجرد فيلم، بل كان لوحة فنية تجمع بين نخبة من نجوم السينما المصرية. فؤاد المهندس، أحمد رمزي، سعاد حسني، وغيرهم الكثير، قدموا لنا عملًا لا يُنسى. الفيلم يصور لنا حياة عائلة مصرية تقليدية ببساطة وواقعية، مع لمسة من الفكاهة التي يتميز بها فؤاد المهندس.

فؤاد المهندس ليس مجرد فنان، بل هو أيقونة، ورمز، وإلهام للجيل الجديد من الفنانين. سيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الأجيال، وستظل أعماله شاهدة على عبقريته وإبداعه.

في ذكرى ميلاده، نتذكر هذا الفنان العظيم،  على أن وهبنا مثل هذا الإبداع، ونؤكد على أهمية الحفاظ على إرثه الفني وتقديمه للأجيال القادمة. ففؤاد المهندس ليس مجرد فنان، بل هو جزء من تاريخنا وحضارتنا.

يبقى فؤاد المهندس في قلوبنا رمزًا للفن الراقي والكوميديا الخالدة، وسنظل نستلهم من إبداعه ونستمتع بأعماله للأبد.