الأحد، 22 ديسمبر 2024

06:20 ص

محمد مطش يكتب: صراع الذات بين الواقع والمأمول

الأحد، 11 أغسطس 2024 04:50 م

محمد المطش

محمد المطش

خلق الله البشر على الفطرة بصفات حميدة وسلوك سوى ومهذب، حقا تلعب الاسرة الدور الاكبر في غرس الصفات والمبادئ السامية والقيم والمثل العليا لدى اولادها ثم يأتي دور المدرسة والجامعة والاندية والمراكز الثقافية والرياضية بعد ذلك لاستكمال الدور الذي تلعبه الاسرة ولكن يبقى للبيت الذي يخرج منه الانسان الدور الاكبر في تشكيل فكره ووعيه وادراكه. تلعب الاسرة دورا هاما في حياة الفرد منذ نعومة اظافره وتحثه على مبادئ قيمة مثل حسن معاملة البشر والعطف على الصغار واحترام الكبار ومساعدة الفقراء، المبادرة في حل مشاكل الاهل والاصدقاء وذوي القربى. تعمل الاسرة جاهدة لإخراج جيلا يتمتع بدماثة الخلق وحسن التصرف يليها المدرسة والجامعة. ولكن يلاحظ انهما يلعبان دورا كبيرا في المجال التعليمي دون التركيز على الجانب التربوي في تنشئة الفرد وتهذيب سلوكه وتوجيهه لقيم ومبادئ ومثل محدده ومعروفة. فنجد الفرد منذ بلوغه سن المراهقة والتي تكون عادة في المرحلة الاعدادية يبدا في تغيير سلوكه وقيمه التي تربى وعليها وهو في الصغر فيحاول ان يخرج من جلباب الاسرة مكونا لنفسة شخصية مستقلة مع زملائه بالمدرسة او الشارع او النادي فيسعى للاستقلال بشخصيته رافضا أي املاءات من الاب او الام، وتتدرج الامور معه في مرحلة الثانوي ثم الجامعة فيكتسب الفرد صفات وسلوكيات جديدة منها ما هو متناسب مع بيئته وتربيته ومنها من يتعارض كليا مع كل الصفات والقيم والمبادئ التي نشا وتربى عليها فيحدث للشخص حالة من الصدام او التحول بين موروثه في منزله وبين ما اكتسبه من العالم الخارجي سواء في المدرسة او الجامعة او النادي او الشارع او المراكز  الثقافية والتعليميةالمختلفة فيحدث حالة من الصراع النفسي للشخص بين ماهو موروث وماهو مكتسب ، بين ماهو مفروض وبين ماهو واقع، بين الخير والمسالمة وحب الغير والمصلحة العامة وبين حب الذات والسلطوية وتحقيق المصلحة الشخصية. كل هذا الصراع ينعكس على حياة الفرد بل المجتمع ككل فيحدث حالة من التشوية والتساؤل الذاتي بين الشخص ونفسه نظرا لما يدور حوله ويقول " هل انا انسان متوافق مع ذاتي ؟ هل المبادئ والقيم التي تربيت ونشئت عليها هي التي يجب الابقاء والاستمرار عليها وان كل ما هو مكتسب فهو زائف وزائل وغير مستقر؟ ". يسال نفسه عن الوضع الصحيح وعن الفصل بين الموروث والمكتسب. ومن هنا لابد ان نؤكد على الدور الفعال والقوى للأسرة في تشكيل الوعي وغرس الصفات القيمة لدى اطفالها ثم بعد ذلك عليه ان يحدد هو وفقا لتربيته وتعليمه ومستواه الاجتماعي ما يناسبه من الصفات المكتسية وما يمكن التخلي عنه. انها حقا قضية بالغة في الصعوبة ومعقدة في المعالجة يعاني منها الكثير في الفصل بين القديم الموروث والجديد المكتسب ومن هنا ادعو كل فرد بالتحلي واظهار الصفات الحسنة واتباع ما يشعبه ويرضيه دون ايذاء مشاعر الاخرين او التعدي على حقوقهم وحرياتهم.  

search