الأربعاء، 23 أبريل 2025

06:08 ص

حسام عبد القادر يكتب: حكايات مع الهيئة القبطية الانجيلية

الثلاثاء، 22 أبريل 2025 01:25 م

حسام عبد القادر

حسام عبد القادر

"الصحافة ليست مجرد مهنة؛ إنها نافذة على العالم، ومغامرة نعيشها يوميا بكل تفاصيلها. خلف كل خبر  أو مقال قصة، وخلف كل صورة حكاية مليئة بالتحديات والإلهام. في هذه السلسلة، سأفتح صفحات من دفتر ذكرياتي الصحفية، ءالتي قد تكون مهمة للبعض وغير مهمة للبعض الآخر، وكل ما أستطيع الوعد به هو الصدق في كل ما سأكتب".


حكايات مع الهيئة القبطية الإنجيلية


في أواخر التسعينيات حدثني صديقي الدكتور إبراهيم الصاوي عن منتدى "حوار الثقافات" الذي تنظمه الهيئة القبطية الإنجيلية واستأذنني أن يرشح اسمي للانضمام إلى هذا المنتدى، الذي يضم نخبة من المفكرين والمثقفين والكتاب والصحفيين من كل أنحاء مصر.
أحببت اسم المنتدى منذ البداية، فأنا مولع بالحوار بين الثقافات والتعرف على الآخر، سواء الآخر داخل مجتمعنا، أو الآخر خارج حدود وطننا، أو حتى خارج الكرة الأرضية إن جاز التعبير وسمحت التكنولوجيا بذلك!
ولكني سألته لماذا هذا المنتدى يتبع هيئة قبطية، وما علاقة الكنيسة به؟ فأجابني بأن الكنيسة لا علاقة لها لا بالهيئة ولا بالمنتدى، والهيئة القبطية الإنجيلية هي مؤسسة اجتماعية تقدم مساعدات عديدة للمجتمع، وقد أنشأت هذا المنتدى الثقافي لمناقشة القضايا المجتمعية عبر نخبة من المفكرين والمستنيرين.
سعدت بالموضوع، وكنت مترقبا للمشاركة في أول لقاء، وبالفعل تمت دعوتي لأول لقاء أتذكر أنه كان بفندق فلسطين بالإسكندرية، فوجئت بحجم اللقاء وأهمية الموضوع ودقة اختيار المتحدثين. جلست كعادتي متفرجا عندما أنضم لأي حدث جديد، أشاهد وأتعلم، وأدون ملاحظاتي كصحفي لا يفوته تغطية أي حدث حتى لو لم تكن مهمته الأساسية.
وكان وقتها رئيس الهيئة الدكتور القس صموئيل حبيب رحمه الله، وكان من حسن حظي أن لحقت له عدة لقاءات قبل أن يتوفى في أكتوبر 1997، ثم تولى من بعده القس الدكتور أندرية زكي المسؤولية باقتدار، وتعرفت وقتها أيضا على الأستاذة سميرة لوقا مديرة المنتدى والتي كانت وما زالت تبذل جهدا كبيرا لإنجاح المنتدى.
وتعددت اللقاءات وبدأت في الاقتراب أكثر من الهيئة ومن المنتدى وإدارته، وفي كل مؤتمر أو لقاء كنت أتعلم جديدا، وأتابع موضوعات مهمة وحساسة من زوايا متعددة، ولاحظت أن لديهم برنامجا بالتنسيق مع وزارة الأوقاف يضم شيوخا وقساوسة، وأنهم يخوضون في موضوعات نعتبرها نحن "حساسة" من حيث الدين ورؤية الآخر، وقضايا المرأة والاختلاف، وغيرها من قضايا مهمة عديدة.
وكانت اللقاءات تنقسم إلى مؤتمرات، وورش عمل، ودورات تدريبية، وكنت أسعد كثيرا بالانضمام إلى ورش العمل والدورات التدريبية، لأنها تكون أصغر وفرص التواصل خلالها أفضل، كما أنني خلالها أتعرف على العديد من الشخصيات المتميزة سواء من الزملاء الصحفيين، أو أساتذة الجامعات، والمفكرين أو القساوسة والشيوخ، كما أن فرصة المشاركة والتعبير عن الرأي تكون أسهل لأن عدد المشاركين أقل.
جاء انضمامي لهذا المنتدى في وقت مثالي من حياتي المهنية، كنت قد بدأت مرحلة النضج الصحفي، وكانت موضوعات المنتدى من القضايا التي تشغل بالي كثيرا، كما أن حرية المناقشة وتبادل الآراء داخل المنتدى أعطتني ثقة في نفسي، وقدرة أفضل على التعبير، خاصة أننا كنا نختار الموضوعات التي سنناقشها بأنفسنا.
وبعد فترة تم إنشاء عدة منتديات فرعية تحت مظلة المنتدى الرئيسي، ومنها "منتدى حوار شباب الإعلاميين"، الذي ظللت به حتى أصبحت "عجوزا"، وكنت أضحك مع يوسف داوود المسؤول عن شباب الإعلاميين وأقول له "أنا حاطلع معاش ولسه مع شباب الإعلاميين"!
ومنذ بداية انضمامي للمنتدى، كان بعض الصحفيين الزملاء يضحكون ويقولون لي على سبيل المزاح أنني سأحوِّل (في إشارة إلى تغيير ديني)، ويسألونني ما سبب اهتمامي بمنتدى يتبع هيئة قبطية، وكنت أضحك وأدعوهم للحضور بأنفسهم ليشاهدوا "كيف يتم تحويلي؟!" وكل ما يحضر زميل معي يندهش ويسعد بما يدار ويطلب تسجيل اسمه داخل المنتدى لكي يستمر في الحضور.
سافرت مع الهيئة القبطية الإنجلية سواء منتدى حوار الثقافات أو منتدى شباب الإعلاميين، إلى العديد من محافظات مصر، في الوجه البحري والقبلي ووسط الدلتا، اكتشفت وجوهًا كثيرة لم أكن أعرفها عن مصر، وتعرفت على شخصيات رائعة، وكتبت العديد من الموضوعات الصحفية من خلال هذه الرحلات واللقاءات.
كما سافرت معهم إلى الهند، في زيارة يصعب تكرارها، نشرت عنها مقالا مطولا في مجلة أكتوبر، ثم أفردت لها فصلا كاملا عنها في كتابي "غاوي سفر"، كانت رحلة مليئة بالخبرات الجديدة، زرت خلالها معابد هندية وكنائس ومساجد.
استمرت علاقتي بالهيئة القبطية الإنجيلية وبمنتدى حوار الثقافات حتى سافرت إلى كندا واستقررت هناك، ورغم تباعد المسافات، فإن ما حصلت عليه من معلومات وخبرات حياتية وشخصية من خلال هذه التجربة كان علامة فارقة في حياتي، وفي ثقافتي، وفي كيفية تعاملي مع الآخر أينما كنت.

search