محمد حامد يكتب: زكى رستم.. عندما يُصبح الفن حياة
الأربعاء، 16 أبريل 2025 05:10 م

محمد حامد
يُعد الفنان زكى رستم واحداً من أبرز نجوم السينما المصرية، وقد اشتهر بتقديم الشخصيات المعقدة والمتسلطة بأسلوب فنى واقعى متقن، جعله في مصاف عمالقة التمثيل في تاريخ مصر بل والعالم أيضاً، كما قال عنه الكاتب الكبير "رجاء النقاش": (كان يمكن أن يكون زكى رستم نجماً عالمياً لو وُلد فى أوروبا أو أمريكا فموهبته تتجاوز حدود اللغة).
وُلدَ "زكى" فى قصر جده محمود باشا رستم مارس 1903 فى حى الحلمية الجديدة بالقاهرة، لأسرة أرستقراطية ذات مكانة سياسية واجتماعية مرموقة. والده "محرم بك رستم" كان عضواً بالحزب الوطنى (القديم)، ومن المقربين للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد. رغم هذا، قرر زكى أن يخوض طريق الفن، وتسبب هذا القرار فى قطيعة بينه وبين عائلته، بل وتسبب فى طرده من القصر، وفي مرض والدته حتى وفاتها. وقد لا يعرف الكثيرون أن الفنان زكى رستم هو عم المذيعه الشهيرة "ليلى رستم"، وخال الفنانة "ماجدة الخطيب" عليهم جميعا رحمة الله.
بدأ رستم مشواره الفنى فى المسرح، عندما التقى بالفنان عبدالوارث عسر الذى ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية، وكانت هذه نقطة التحول في حياته، ثم انضم لفرقة چورچ أبيض، ثم فرقة يوسف وهبى، قبل أن ينتقل إلى السينما في الثلاثينيات.
شارك زكى رستم في مئات الأفلام، كان أولها فيلم "زينب" الصامت (1930) وآخرها دوره فى فيلم "أجازة صيف" (1966)، والذى اعتزل بعده التمثيل نظراً لإصابته بضعف شديد في السمع.
أدوار زكى رستم محفورة بحروف من الذهب فى تاريخ السينما المصرية. فمن منا ينسى دوره الخالد فى فيلم "نهر الحب" (1960)، دور "طاهر باشا" الإقطاعى المتسلط الذى يقهر زوجته (فاتن حمامة – آمال) ويخدعها ويحول حياتها إلى جحيم. دور الباشا المتسلط قدمه قبل ذلك عام (1957) مع فاتن حمامة أيضاً، ولكن كانت تقوم بدور ابنته فى فيلم “لن أبكى أبداً” وبشكل مختلف تماماً، يدل على عبقرية فى التمثيل ليس لها مثيل فى تاريخ الفن المصرى.
قام "زكى رستم" ببطولة عدة أفلام منها فيلم "هدمت بيتى" (1946) من إخراج حسين فوزى، كما قام ببطولة فيلم "معلش يا زهر" (1950)، مع سراج منير وميمى شكيب وإخراج بركات. وفى عام (1955) قام ببطولة الفيلم الجرئ من حيث الفكرة "موعد مع إبليس" مع الفنان القدير محمود المليجى، ومن إخراج كامل التلمسانى، فى مباراة فنية رائعة بين رستم (الطبيب) الطيب، الذى تحت ضغط الحاجة والفقر، ضعف وقام بعقد اتفاق مع الشيطان (المليجى) حتى يصبح غنياً ويعيش حياة أفضل، واكتشف فى النهاية أن هذا الاتفاق كان مع من لا عهد له وأن حياته تحولت إلى جحيم.
من الأدوار العلامة فى تاريخ زكى رستم، دور المعلم فرج الصعيدى الكفيف فى فيلم "إمرأة على الطريق"، ذلك الأب الذى يفرق فى المعاملة بين ولديه حسنين (شكرى سرحان) وصابر (رشدى أباظة) وتكون هذه المعاملة السبب فى إفساد الابن الأصغر حسنين. وبالمناسبة المرأة كانت الفنانة هدى سلطان (لواحظ)، التى قدمت أهم أدوارها فى هذا الفيلم.
شكّل زكى رستم ثنائياً متميزاً مع الفنان فريد شوقى فى عدد من الأفلام، أشهرها "صراع فى الوادى" (1954)، و"رصيف نمرة 5" (1956)، و"الفتوة" (1957)، الذى قام فيه رستم بدور (المعلم أبوزيد) التاجر المستبد الذى يسيطر على سوق الخضار.
وبمناسبة الحديث عن فريد شوقى، نذكر حكاية مهمة رواها الفنان فريد شوقى فى أحد البرامج توضح من هو الفنان زكى رستم. قال شوقى أنه أثناء التحضير لفيلم "جعلونى مجرماً" (1954)، تم ترشيح زكى رستم لدور (زهران بك عم فريد شوقى) الرجل القاسى الذى كان السبب المباشر فى انحراف البطل نحو الإجرام. وبالفعل وافق زكى رستم على قراءة السيناريو، لكنه اشترط أجراً كبيراً للقيام بالدور. وافق فريد شوقى، الذى كان منتج الفيلم على المبلغ، وأرسل له السيناريو والشيك وجدول التصوير. فوجئ زكى رستم أن موعد التصوير فى اليوم التالى مباشرة، فقال رستم بغضب "أنا مش ممثل بيتركن على الرف، ويتجاب قبل التصوير بيوم. أنا لازم أعيش الشخصية، أذاكرها، أحسها" ومع اعتراضه الكامل على ضيق الوقت وعدم الاستعداد، قام بتمزيق الشيك وإعادة السيناريو، واعتذر عن العمل. اتصل فريد شوقى سريعاً بصديقه الفنان سراج منير، لأنه كان بالفعل قد قام بحجز الاستوديو وإخطار الفنانين والفنيين بموعد التصوير، وقال فريد لسراج "تعالى صور فيلم معايا بكرة، والدور محتاج بدلة كحلى"، فرد عليه سراج منير بروحه المرحة المعروفة "عنيا يا حبوب". وبالفعل أدى سراج منير الدور ببراعة، وحقق الفيلم نجاحًا كبيراً.
هذه الواقعة تعكس إيمان زكى رستم، أن الفن بالنسبة له ليس مجرد أداء، بل هو حالة إنسانية عميقة يحتاج فيها الممثل للانغماس الكامل، وأن الشخصيات الفنية هى حالة إنسانية كاملة لابد أن يعيشها الفنان بكل تفاصيلها. زكى رستم كان ممثلًا ملتزماً لأقصى درجة، ولم يكن يتهاون في التحضير للدور، وكان يشتهر بالدقة والصرامة فى البروفات، دون الحاجة للمبالغة أو الانفعال الزائد.
فى عام (1945) اختارت مجلة "بارى ماتش" الفرنسية زكى رستم ،واحداً من أفضل 10 ممثلين فى العالم، وقال عنه المؤرخ والناقد الفرنسى چورچ سادول: "هذا الرجل فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة". (أورسن ويلز ممثل ومخرج أمريكى يعتبره الغرب أحد أهم فنانى الدراما فى القرن العشرين).
فى عام (1962)، حصل زكى رستم على وسام الفنون والعلوم والأدب من الرئيس عبدالناصر.
فى يوم 15 فبراير 1972 توفى زكى رستم بسبب أزمة قلبية، بعد 7 سنوات من الوحدة والعزلة الاختيارية، خاصة بعد إصابته بضعف شديد فى السمع، فكان يقرأ الكتب، ويستمتع بحياته الهادئة فى شقته بعمارة يعقوبيان، وليس معه إلا خادمه العجوز وكلبه المخلص، حيث كان زكى رستم إنسانًا شديد الانطوائية، فلم يتزوج ولم يكن يحب الاختلاط أو الظهور الإعلامى. ورغم رحيله، فإن إرثه فى السينما المصرية يظل حياً، كما أن أدواره ما زال يتعلم منها الأجيال الجديدة من الفنانين حتى اليوم، فهو لم يكن مجرد ممثل، بل كان مدرسة فى الصدق الفنى والاحترام الكامل لفن التمثيل. زكى رستم كما قال عنه الناقد السينمائى محمود قاسم: "كان يمثل وكأنه لا يمثل، كأنه الشخصية ذاتها، ونادراً ما تجد ممثلًا بهذا الصدق الفنى".
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
سعر الذهب اليوم الخميس 17 أبريل 2025.. ثبات بعد قفزة مفاجئة وعيار 21 يسجل 4740 جنيهًا
17 أبريل 2025 03:18 م
عيار 21 يسجل 4780 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الخميس 17 أبريل
17 أبريل 2025 05:20 ص
استثمارات قطرية بـ7.5 مليار دولار تعزز الشراكة مع مصر وسط تنسيق سياسي
15 أبريل 2025 12:03 م
تعرف على أعلى عائد للشهادات في البنوك ومدتها
15 أبريل 2025 10:00 ص
عيار 21 يسجل 4620 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025
15 أبريل 2025 09:00 ص
الأكثر قراءة
-
بث مباشر مباراة الأهلي وصن داونز في نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا
-
استمع إلى تعليق مباراة الأهلي وصن داونز عبر الإنترنت من راديو أون سبورت إف إم
-
أثناء عودته من العمل.. مصرع وكيل نيابة مطوبس في حادث بالطريق الدولي
-
مصرع 3 فتيات يعملن في البنك الأهلي بأسيوط في حادث سير
-
اليوم.. البابا تواضروس يترأس قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية
أكثر الكلمات انتشاراً