السبت، 02 نوفمبر 2024

09:26 م

اليوم العالمي للشباب : من النقر إلى التقدم و مسارات التنمية

الخميس، 08 أغسطس 2024 09:43 م

د. منى طه عبد العليم

د. منى طه عبد العليم

د. منى طه عبد العليم



•    يتوقف مصير كل أمة على شبابها.
•    طاقة الشباب هي القوى الحقيقية للتغيير الإيجابي 
•    ينبغي للشباب أن يكونوا في طليعة التغيير والابتكار العالمي (كوفي عنان- الأمين العام الأسبق لهيئة الأمم المتحدة)  
عندما نعلم أن نصف سكان كوكبنا يتشكل من الفئة العمرية 30 عاما أو أقل، فإننا ندرك على الفور الثروة الهائلة التي يُمثلها الشباب في عالمنا المعاصر.  ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 57 % بحلول نهاية عام 2030. ولهذا يحظى الشباب عالميا بأهمية كبيرة وهي أهمية مستحقة باعتبارهم أساس أي  تنمية حقيقية في أي مجتمع والدافع الرئيسي لتحقيق التغيير الإيجابي. 
12 أغسطس اليوم العالمي للشباب
ولأهمية الشباب، يحتفل العالم سنويا في الثاني عشر من أغسطس من كل عام باليوم العالمي للشباب للفت الانتباه إلى دور الشباب والتزامات الدول تجاههم باعتبارهم طاقة لا يستهان بها تساهم في نهضة الأمم لو أحسن استخدامها والاستثمار فيها. 
جدير بالذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في عام 1999 تاريخ 12 أغسطس يومًا دوليًا للشباب ليكون بمثابة احتفاء سنوي بدور الشابات والشبان باعتبارهم شركاء أساسيين في التغيير، وكذلك ليكون بمثابة فرصة لإذكاء الوعي بالتحديات والمشاكل التي تواجه شباب العالم.


التكنولوجيا واتخاذ القرارت التنموية
ولعام 2024 تتبنى الأمم المتحدة موضوع (تيمة) "من النقر (على لوحة المفاتيح) إلى التقدم: مسارات الشباب الرقمية للتنمية المستدامة." وتأتي (تيمة) هذا العام للتأكيد على دور الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة في تحويل عالمنا، وتقديم فرص هائلة وغير مسبوقة لتسريع وتيرة التنمية المستدامة. وتشمل التقنيات الرقمية الأجهزة المحمولة، والخدمات، والذكاء الاصطناعي كأدوات أساسية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. جدير بالذكر أن البيانات الناتجة عن التفاعلات الرقمية وعالم التكنولوجيا تدعم اتخاذ القرارات القائمة على الأدلة ذات التأثير العميق عبر الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ حيث تسهم التقنيات والبيانات الرقمية في تحقيق 70 في المائة على الأقل من أهداف التنمية المستدامة ، مع إمكانية تقليل تكلفة تحقيق هذه الأهداف بمقدار يصل إلى 55 تريليون دولار أمريكي. (وفقا للأمم المتحدة).
الشباب والابتكارات الرقيمة
الشباب هم طليعة الابتكار والتطور الرقمي وهم من يحفزون الجهود في تبني مزيد من الابتكارات الرقمية. وتعد النسبة الأعلى ممن يستخدمون الانترنت هي تلك الواقعة في فئة الشباب وعلى الأخص الفئة العمرية الممتدة من 15 إلى 24 عاما. ومع ذلك، لا تزال الفجوات موجودة، لا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض وبين النساء الشابات، اللاتي غالبًا ما يكون لديهن وصول أقل إلى الإنترنت والمهارات الرقمية مقارنة بأقرانهن الذكور. على الرغم من الحاجة الملحة لتعزيز الشمول الرقمي، يُعترف بالشباب بشكل كبير باعتبارهم "أبناء العصر الرقمي"، حيث يستخدمون التكنولوجيا لدفع التغيير وخلق الحلول. ومع اقتراب الموعد النهائي لأهداف التنمية المستدامة لعام 2030، يعد دور الشباب في الابتكار الرقمي أساسيًا لمواجهة التحديات العالمية.
مبادرات الدولة المصرية من أجل الشباب 
يمثل الشباب 21 % من سكان مصر. وعلى نحو غير مسبوق في تاريخ مصر المعاصر، نال الشباب اهتماما كبيرا من القيادة السياسية، ومن أجلهم تم اطلاق العديد من المبادرات المتميزة التي لم تقتصر على فئة معينة من الشباب بل كانت أكثر شمولا. وتنوعت المبادرات لتشمل ما يحفز الشباب على العمل العام، مثل مبادرة "مستقبلينا في أيدينا"،   ومبادرة "تعالى حقق حلمك"  لتوفير فرص عمل حقيقية للشباب ضمن حياة كريمة. وتعد مبادرة "صنيعية مصر" من أهم المبادرات لدعم تحقيق التوافق ما بين الدراسة وسوق العمل من حيث تشييد جامعات تطبيقية تستهدف مواكبة الثورة الصناعية الرابعة واستحداث تخصصات دراسية مثل التشييد والبناء، والاستزراع السمكي، وصناعة السيارات. 
وفي عام 2017، أصدر الرئيس السيسي القرار الجمهوري رقم 434 لسنة 2017 بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب وتلبية متطلبات التنمية البشرية والارتقاء بالشباب وتنمية قدراتهم ومهاراتهم. 
وغيرهم من المبادرات الهامة مثل تخصيص 200 مليار جنيه  لتمويل مشروعات الشباب ليكون عام 2016 هو عام الشباب. 
توصيات عامة
لا شك أن الدولة المصرية تولي عناية خاصة بالشباب ويستعصي حصر المبادرات الخاصة بذلك في سياق هذا المقال المحدود. ومع ذلك يبقى عدد من التوصيات العامة التي نأمل في أن تتحقق لحماية شبابنا الذين هم الثروة الحقيقية للأمة. 
1-    التعليم: يجب إصلاح منظومة التعليم ليعود للمدرسة دورها الهام في تربية النشئ ويعود للمعلم دوره كقدوة للأجيال من تلاميذه. لن يتحقق ذلك دون اعطاء المدرس قدره الذي يستحقه لتصبح وظيفة "مدرس" هي أرقى الوظائف التي يصبو إليها الجميع من حيث القيمة والمكانة والعائد المادي. يعني ذلك ضمن ما يعنيه القضاء على منظومة الدروس الخصوصية التي أفسدت حقا التعليم في مصر وانهارت معها القيم. ليس شيء يفسد التعليم أكثر من أن يصبح التلميذ هو ولي نعم أستاذه ليقف كل شهر ليعطيه أجر الدرس الخصوصي! 
2-    تخصيص ساعات عمل أقل للمرأة الحاضنة بنفس الأجر ليتاح لها فرصة رعاية أبنائها وخاصة صغار السن. ويتم تعويض أرباب العمل بحوافز ضريبية ومزايا استثمارية تخصهم دون غيرهم. لا يخفي على أحد أن عمل المرأة وإن كان له أهمية كبيرة إلا أنه له أثر أيضا في حرمان الصغار من الرعاية اللازمة والدفئ الأسري اللازم. 
3-    غرس القيم الأخلاقية والدينية في النشئ واعطاء قيمة أكبر لمادة الدين في المدارس والإكثار من دراسات الحالة والقصص التي ترسخ في نفس أطفالنا قيمنا النبيلة. 
4-    الضرب بيد من حديد على كل من يروج لتجارة المخدرات أو يعمل فيها وزيادة برامج التوعية ضد التدخين والمخدرات وذلك في المدارس ودور العبادة ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة، مع إظهار الأثر السلبي القريب والبعيد للمخدر في تدمير حياة الفرد وأسرته والمجتمع. وإطلاق الحملات القومية لتويعة الشباب بأهمية العلاج من الإدمان وتوفير فرص علاجية اقتصادية.
5-    تفعيل دور مراكز الشباب المنتشرة في الأحياء والقرى والمراكز وجعلها عنصر جذب للأطفال والشباب والأسر لتصريف طاقة الشباب في اتجاه إيجابي محمود بالانخراط في الأنشطة المتعددة. 
6-    تفعيل المبادرات القومية الأهلية وجعل الشباب عنصرا أساسيا من مقدميها، وليس فقط المستفيدين منها. 
7-    توفير البرامج التوعوية للشباب والمقبلين على الزواج في المدارس والمصانع والشركات والأحياء ومراكز الشباب عن أهمية الأسرة وقدسية الحفاظ عليها وعدم تدميرها. 
8-    حظر المواقع الإباحية وتجريم مشاهدتها. 
9-    الضرب بيد من حديد على كل من يقترف إثم ترك أولادهم في الشوارع بلا مأوى هروبا من مسئولياتهم وواجباتهم تجاه أولادهم. 
الشباب هم روح مصر وحاضرها ومستقبلها وحتى نحافظ عليهم علينا بذلك كل جهد لحمايتهم من الضياع والمخدرات وفقدان الإحساس بالحياة والمعنى الحقيقي لوجود الإنسان في الأرض، العيش بكرامة وشرف.

search