السبت، 26 أبريل 2025

04:51 ص

ستيف بالمر.. الموظف الذي تخطى أصحاب الشركات بثروة تتجاوز 130 مليار دولار

الثلاثاء، 15 أبريل 2025 11:46 ص

محمد عماد

ستيف بالمر

ستيف بالمر

في عالم الأعمال، عادةً ما ترتبط قصص الثراء بتأسيس الشركات أو وراثة الإمبراطوريات الاقتصادية، لكن ستيف بالمر يشكل استثناءً فريدًا من نوعه. فالرجل الذي لم يبدأ شركته الخاصة، ولم يرث ثروة، استطاع أن يصنع مجده المالي من داخل شركة واحدة هي "مايكروسوفت"، ليصبح واحدًا من أغنى أغنياء العالم بثروة تتجاوز 130 مليار دولار، ويُلقّب عن جدارة بـ"أغنى موظف في العالم".

من قاعة الدراسة إلى بوابة الثروة

ولد ستيف بالمر عام 1956 في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان الأمريكية، لأسرة متواضعة. والده كان يعمل مديرًا في شركة "فورد" للسيارات، بينما كانت والدته معلمة. جمع بين الأصول السويسرية من جهة الأب، والإيرانية من جهة الأم، لكنه نشأ في بيئة أمريكية تقليدية تركز على التعليم والانضباط.

درس الرياضيات والاقتصاد في جامعة هارفارد، وهناك التقى بزميله بيل غيتس، الذي سيكون له بالغ الأثر في تغيير مسار حياته. بعد تخرجه، التحق بجامعة ستانفورد لدراسة الماجستير في إدارة الأعمال، لكنه تلقى عام 1980 اتصالًا غيّر مجرى حياته: كان المتصل هو بيل غيتس، يعرض عليه وظيفة في شركته الناشئة "مايكروسوفت". لم تكن الشركة آنذاك مشهورة، لكن بالمر قرر ترك الدراسة والانضمام لصديقه.

أول موظف غير تقني في الشركة

ما يميز ستيف بالمر في بداياته أنه كان أول موظف غير تقني ينضم إلى مايكروسوفت. ورغم أنه لا يمتلك خلفية برمجية، إلا أنه كان يتمتع بقدرات تنظيمية وتحليلية كبيرة، خاصة في الإدارة والمبيعات. ساعد غيتس في وضع أول هيكل تنظيمي للشركة، وطوّر من أساليب التوظيف والتحفيز والمكافآت، مما أسهم في تحفيز بيئة العمل داخل الشركة.

مسيرة صعود مذهلة داخل مايكروسوفت

مع مرور السنوات، ارتقى بالمر بسرعة في المناصب داخل الشركة. وفي عام 2000، أعلن بيل غيتس تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي، وأسند المهمة إلى بالمر، الذي قاد الشركة لمدة 13 عامًا حافلة بالنجاحات والتحديات.

كان على رأس تلك التحديات ظهور الإنترنت وانتشار الهواتف الذكية، واشتداد المنافسة مع شركات مثل غوغل وآبل. واجه هذه التحولات بشجاعة واستراتيجية جديدة، تمثلت في تنويع نشاط الشركة، والاستثمار في محركات البحث عبر "بينج"، وتطوير نظام التشغيل "ويندوز 10"، وكذلك الاستحواذ على شبكة "لينكد إن".

مواقف مثيرة وشخصية حماسية

بالمر لم يكن مجرد مدير خلف المكتب، بل عُرف بحضوره القوي في المؤتمرات، وانفعالاته الشهيرة. من أبرزها صراخه المتكرر "Developers! Developers!" خلال أحد لقاءات مايكروسوفت، وهو فيديو لا يزال يُستخدم كمثال على الحماس المفرط في عالم الإدارة. وقد وصفه بعض الموظفين بأنه شخص ملهم وشرس في الاجتماعات، بينما رآه البعض الآخر صداميًا ومندفعًا.

قرارات مثيرة للجدل

لم تكن كل قراراته ناجحة، فقد اتُهم خلال فترته كمدير تنفيذي بالتأخر في دخول أسواق الهواتف الذكية والتطبيقات. وكانت صفقة استحواذ مايكروسوفت على شركة "نوكيا" بمبلغ 7.2 مليار دولار من أبرز خطواته المثيرة للجدل، والتي لم تحقق النتائج المرجوة، وتخلت عنها الشركة لاحقًا.

الرحيل والاستثمار الذكي

في 2013، أعلن بالمر استقالته من منصبه، مؤكدًا أنه حان الوقت ليقود الشركة شخص جديد في مرحلة مختلفة. لكنه لم يبتعد فعليًا، إذ احتفظ بحصة ضخمة من أسهم مايكروسوفت، ثم قام لاحقًا بشراء 4% إضافية، بلغت قيمتها أكثر من 333 مليون سهم.

وبفضل الاتجاه القوي لمايكروسوفت نحو الذكاء الاصطناعي، والواقع المختلط، ومنصات الألعاب، تضاعفت قيمة أسهمه بشكل ضخم، وجنى من خلالها ما يزيد عن مليار دولار من الأرباح في عام واحد فقط.

عاشق كرة السلة

في خطوة غير متوقعة، أعلن في 2014 شراء نادي "لوس أنجلوس كليبرز" لكرة السلة مقابل ملياري دولار، مستغلًا إحدى الفرص الاستثمارية بعد أزمة داخل الفريق. وقد صرح حينها: "أنا أعشق كرة السلة، وأريد أن أجعل هذا النادي من بين الأفضل في دوري الـNBA". ومنذ ذلك الحين، أصبح بالمر حاضرًا دائمًا في مباريات الفريق، ومحبوبًا من الجماهير.

حياته الشخصية والعمل الخيري

على الرغم من ثروته الطائلة، فإن ستيف بالمر ليس من أكثر رجال الأعمال شهرة في مجال التبرعات الخيرية، مقارنة بأقرانه مثل بيل غيتس أو وارن بافيت. إلا أنه بدأ مؤخرًا في دعم عدد من المؤسسات التعليمية، وتبرع بمبلغ كبير لجامعة هارفارد لتأسيس مركز متخصص في تحليل البيانات والسياسات العامة.

ويُعرف عن بالمر تحفظه فيما يخص حياته الخاصة، حيث يعيش حياة عائلية هادئة بعيدًا عن أضواء الإعلام، متزوج وله ثلاثة أبناء، ويحرص على الفصل بين عمله العام وخصوصياته الشخصية.

درس في الولاء والفرصة

قصة ستيف بالمر ليست مجرد سرد لمسيرة مالية ناجحة، بل هي شهادة حية على قوة الولاء، والرهان على الرؤية الطويلة الأمد. لقد اختار أن يبقى في شركة واحدة، فكان جزءًا من صعودها، بل أحد صناعه الأساسيين، وجنى من ذلك ما لم يجنه كثير من مؤسسي الشركات.

في زمن يربط فيه الناس النجاح بامتلاك الشركة أو تأسيس مشروع، يأتي بالمر ليؤكد أن الإخلاص للمكان والعمل الجاد يمكن أن يصنعا أسطورة حقيقية.

أخبار ذات صلة 


55 دولة تفتح أبوابها للمصريين دون تأشيرة في 2025.. تعرف على التفاصيل الكاملة حسب أحدث تصنيف عالمي

قائمة أكبر 10 دول في احتياطي الذهب العالمي

جذور الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتداعياتها على الاقتصاد العالمي

search