الخميس، 17 أبريل 2025

04:20 ص

"بحر آرال: كيف غيّر البشر توازن الأرض حتى عمق 150 كيلومتراً؟"

الثلاثاء، 08 أبريل 2025 03:00 م

محمد عماد

جفاف نهر

جفاف نهر

لم يكن جفاف بحر آرال مجرد مأساة بيئية في قلب آسيا الوسطى، بل تحول إلى مثال صارخ على قدرة البشر على إحداث تأثيرات عميقة تمتد إلى أعماق الأرض، وتتجاوز السطح بكثير. دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Geoscience كشفت عن بُعد علمي غير مسبوق لما كان يُعرف سابقاً بـ"رابع أكبر بحيرة في العالم"، إذ أظهرت أن اختفاء بحر آرال بفعل تدخل الإنسان أثّر حتى على حركة الصخور على عمق يزيد عن 150 كيلومتراً تحت سطح القشرة الأرضية.

يقول سايمن لامب، الباحث في علوم الأرض بجامعة ويلينغتون في نيوزيلندا، في تعليق مرفق بالدراسة: "البشر عطّلوا الصفائح التكتونية فقط من أجل زراعة القطن!"، في إشارة إلى السياسات الزراعية المكثفة التي اتبعها الاتحاد السوفيتي في خمسينيات القرن الماضي، والتي حولت روافد بحر آرال – نهر سير داريا وأمو داريا – لري حقول القطن والأرز، فحولت البحر خلال عقود إلى صحراء قاحلة من الرمال والملح.

منذ عام 1960 وحتى 2018، تقلصت مساحة سطح بحر آرال بنسبة 90%، وانخفض حجمه بنسبة 93%، وهو ما وصفه معدو الدراسة بـ"تشرنوبيل صامتة"، في إشارة إلى الكارثة البيئية والاقتصادية التي دمرت التنوع البيولوجي وأوقفت الأنشطة البشرية في المنطقة.

لكن المذهل في هذه الدراسة، التي قادها تنغ وانغ من جامعة بكين، أنها تطرقت إلى تشوهات الأرض التي لحقت بحوض بحر آرال نفسه، مستخدمة بيانات الأقمار الصناعية الأوروبية "سينتينيل-1"، والتي تتيح قياسات دقيقة تصل إلى مستوى المليمتر. وقد لاحظ الباحثون أن قاع البحر الجاف بدأ يرتفع بمعدل نحو 7 ملم سنوياً، على امتداد 500 كيلومتر من مركزه، رغم غياب الوزن الهائل للمياه.

يفسر العلماء هذه الظاهرة بأن المياه التي كانت تغمر البحر - والتي بلغت كتلتها ألف مليار طن - مارست ضغطاً هائلاً دفع بالصخور تحت القشرة الأرضية إلى الانزياح. وبعد جفاف البحر، بدأت هذه الصخور في نطاق "الانسياب" بالعودة إلى مواقعها الأصلية تحت تأثير اللزوجة والضغط، تماماً كما تفعل الصفائح التكتونية.

ما تشير إليه هذه النتائج ليس فقط أن النشاط البشري يمكن أن يدمر النظم البيئية، بل أنه قادر أيضاً على زعزعة توازنات جيولوجية في عمق الأرض لم نكن نتصور سابقاً أنها قد تتأثر بنا. إن قصة بحر آرال، التي بدأت بتحويل مجرى نهرين، تحولت إلى درس جيولوجي مذهل يكشف عن مدى هشاشة كوكبنا أمام التدخل البشري – حتى في طبقاته الأعمق.

أخبار ذات صلة:


محمد يتصدر.. دراسة تكشف أكثر الأسماء انتشارًا حول العالم في 2025

أفضل 10 مدن في العالم لعام 2025: تصنيف تايم آوت يكشف عن الوجهات الأبرز

العالم يزداد ازدحامًا: الهند تتصدر قائمة الدول الأعلى في عدد السكان لعام 2025

search