محمد حامد يكتب: الأم في السينما المصرية
الإثنين، 24 مارس 2025 11:02 ص

محمد حامد
بمناسبة عيد الأم الذى يحل فى الحادى والعشرين من شهر مارس كل عام، رأيت أن أُلقى الضوء على الأم فى السينما المصرية. فطالما كانت الأم شخصية محورية على الشاشة الفضية، حيث جسدتها الأفلام بمختلف صورها، من الأم الحنون المضحية، إلى الأم العاملة المكافحة التى تواجه صعوبات الحياة، وصولاً إلى الأم المظلومة التي تعاني الظلم والقهر. وقد برع كبار صناع السينما فى إبراز أدوار الأمهات بواقعية شديدة، جعلت شخصية الأم جزءاً هاماً من ذاكرة السينما والجمهور.
وقد جسدت العديد من الأفلام المصرية، صورة الأم المثالية التى تعطى بلا مقابل، وتتحمل المشاق من أجل أبنائها. وكانت الفنانة الكبيرة أمينة رزق (1910-2003) من أشهر وأبرع من قدّم شخصية الأم على شاشة السينما بالرغم من أنها لم تتزوج، وبالتالى لم تنجب فى الحقيقة، وإن كانت هى من تولت تربية أبناء أختها. فمن منا ينسى دورها الرائع فى فيلم الشموع السوداء (1962) للمخرج عز الدين ذو الفقار، والذى لعبت فيه دور الأم التى تكرس حياتها لرعاية ابنها (صالح سليم)، بعد تعرضه لحادث أفقده بصره، وظلت بجانبه تساعده على تجاوز أزماته النفسية. وقبلها فى عام (1959) قدمت أمينة رزق دور الأم الصابرة المغلوب على أمرها التى تعانى بعد مقتل زوجها، وتحاول حماية ابنتيها من المجتمع ونظرته لها ولبناتها بدون الأب ومن طمع أخوها وقسوته، فى فيلم "دعاء الكروان" الذى أخرجه هنرى بركات عن قصة عميد الأدب العربى طه حسين.
ونراها فى فيلم "بائعة الخبز" (1953) للمخرج حسن الإمام، حيث تلعب دور الأم الفقيرة التى تُتهم ظلماً بجريمة لم ترتكبها، وتُسجن تاركة أبناءها لمواجهة الحياة وحدهم. أما فى فيلم "أعز الحبايب" (1961) فتقوم بدور الأم التى تعانى من زوجة ابنها الأكبر، وتعيش حياة صعبة بعد وفاة زوجها وسجن ابنها الأصغر بدلاً من والده، مما يضطرها للعمل فى النظافة فى أحد المستشفيات حتى تستطيع العيش.
من أشهر أمهات السينما أيضاً الفنانة فردوس محمد، التى قامت بالعديد من أدوار الأم أو الجدة أو الخالة أو الدادة التى تقوم مقام الأم، ونجد ذلك واضحاً فى أفلام "فاطمة" مع أم كلثوم و"صراع فى المينا" و"سيدة القصر" مع فاتن حمامة و"حكاية حب" مع عبدالحليم حافظ و"عنتر بن شداد" و"الأخ الكبير" و"حميدو" مع فريد شوقى و"هذا هو الحب" مع لبنى عبد العزيز و"عفريتة إسماعيل يس" مع إسماعيل يس وغيرها من عشرات الأفلام والأبناء والبنات.
ولعل الجميع لا ينسى دور الأم “أمينة” فى ثلاثية نجيب محفوظ الخالدة "بين القصرين" و"السكرية" و"قصر الشوق" للمخرج حسن الإمام، والتى قدمتها الفنانة "آمال زايد" والتى قدمت دور الأم التقليدية التي تعيش تحت سيطرة الزوج المتسلط "سى السيد" (يحيى شاهين)، حيث قدمت نموذج الأم المستكينة التي تحاول حماية أبنائها وتربيتهم وتعويضهم عن قسوة الأب وكل ذلك فى صمت وصبر، حفاظًا على استقرار الأسرة. وقد قدمت آمال زايد دور الأم مرة أخرى ولكن بطريقة كوميدية مع الفنانة شادية فى فيلم "عفريت مراتى" (1968) مع المخرج فطين عبدالوهاب.
وبذكر الفنانة شادية فقد كان آخر وأجمل أفلامها هو فيلم "لا تسألنى من أنا" (1984) للمخرج أشرف فهمى، حيث قدمت شادية واحداً من أعمق أدوارها الدرامية، حيث لعبت دور أم تضطر لبيع ابنتها لأسرة ثرية حتى تضمن لها مستقبلًا أفضل لها ولباقى أبنائها، لكنها تظل قريبة منها كخادمة فى منزل الأسرة الثرية. والفيلم يلقى الضوء على معاناة الأمهات الفقيرات وصراعهن بين الحاجة الاقتصادية وغريزة الأمومة.
يظهر دور الأم جلياً أيضاً فى الفيلمين الشهيرين "أم العروسة" (1963) إخراج عاطف سالم، والذى قدمت فيه تحية كاريوكا دور الأم التي تتحمل ضغوط تجهيز ابنتها للزواج وسط العديد من الصعوبات المالية والأسرية، وكذلك فيلم "الحفيد" (1974) لنفس المخرج والذى لعبت فيه كريمة مختار دور الأم المصرية التقليدية، التي تدير أسرة كبيرة العدد وسط ضغوط الحياة ومشاكل الأبناء التى لا تنتهى.
أما سيدة الشاشة العربية "فاتن حمامة" فقد بدأت أدوار الأم فى سن صغيرة فى فيلم "نهر الحب" (1960) وجسدت الصراع بين شعورها كأم وبين حبها، وقد عادت وقدمت دور الأم العاملة التى تحاول التوفيق بين مسئولياتها كأم لستة أبناء فى سن المراهقة وبين عملها وذلك فى فيلم "إمبراطورية ميم" (1972) للمخرج حسين كمال، فى تصوير واقعى لصراع المرأة بين الأمومة وحياتها العملية والعاطفية.
لا أستطيع أن أكتب مقالا عن الأم فى السينما المصرية دون أن أشير إلى الدور الرائع الذى قدمته الفنانة "نجلاء فتحى" فى فيلم "الجراچ" (1995) للمخرج علاء كريم، حيث قدمت نجلاء فتحى دور الأم المظلومة التى تعانى من لا مبالاة الزوج واستغلاله لها ثم هروبه وترك أسرته، لتتولى هى العمل فى جراچ السيارات لإعالة أبنائها وتربيتهم وتعليمهم وسط مجتمع لا يرحم، فى دراما اجتماعية قوية تسلط الضوء على معاناة تعيشها العديد من الأمهات.
ومع تطور السينما وتغير المجتمع، لم تعد صورة الأم تقليدية فقط، بل أصبحت تعكس تعقيدات الحياة العصرية. ونجد ذلك فى فيلم "سهر الليالى" (2003) للمخرج هانى خليفة حيث تناول الفيلم شخصيات نسائية متعددة، من بينهن أمهات يواجهن مشكلات زوجية تؤثر على أسرهن، فى رؤية معاصرة للأمومة.
ومن الأفلام الحديثة التى تناولت صورة جديدة للأمومة فى السينما، فيلم "أعز الولد" (2021) للمخرجة الشابة سارة نوح وهو فيلم كوميدى يُسَلط الضوء على علاقة الجدات بأحفادهن، وهى صورة مختلفة للأمومة تناولتها السينما المصرية.
لا يستطيع مقال واحد أن يعبر عن آلاف الأفلام، التى قدمت الأم المصرية عبر ما يزيد عن المائة وعشرين عاماً من السينما، فقد قدمت السينما المصرية صورًا متعددة للأم، من الملاك الحنون، إلى المرأة القوية التي تواجه التحديات، إلى الضحية التى يعصف بها القدر. ورغم تطور الأدوار، تظل الأم فى السينما المصرية رمزاً خالداً للحب والتضحية، وشخصية رئيسية تعكس واقع المجتمع المصرى وتحولاته عبر الزمن.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 26 مارس 2025
26 مارس 2025 05:30 ص
رسوم تطبيق انستا باي.. تعرف على قيمتها والحد الاقصي للسحب اليومي
26 مارس 2025 02:19 ص
تفاصيل رسوم تحويل الأموال عبر إنستاباي بدءًا من أبريل 2025
25 مارس 2025 07:42 م
بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن الثلاثاء 25 مارس 2025
25 مارس 2025 07:00 ص
عروض كارفور مصر لشهر رمضان 2025: تخفيضات ضخمة حتى 7 أبريل
23 مارس 2025 04:51 م
سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 23 مارس 2025
23 مارس 2025 04:05 م
الأكثر قراءة
-
جامعة الأزهر تحيل مبروك عطية للتحقيق.. شكاوي وعدم استئذانه لتقديم البرنامج " تفاصيل"
-
حظك اليوم: توقعات الأبراج ليوم الأربعاء 26 مارس 2025
-
هاني قدري يحصد الجائزة الأولى في مسابقة التأليف المسرحي بالمجلس الأعلى للثقافة
-
تعرف على كلمات أغنية "عيونه عليا هتدمع" لـ بوسي
-
كلمات أغنية 'بخاف" لـ أحمد سعد من مسلسل سيد الناس
أكثر الكلمات انتشاراً