الألبان بها سم قاتل تودي بحياة الإنسان.. تفاصيل

قال الدكتور محمد زكي عيد، 
باحث بقسم بحوث تكنولوجيا الألبان – معهد بحوث الإنتاج الحيواني، إنه خرج علينا من يزعم أن اللبن لا يصلح أن يتناوله الإنسان، وأنه قد خلق خصيصاً لإرضاع الحيوانات الصغيرة فقط، وأن لبن الأبقار ضار جدا بالصحة.

وأضاف «زكي»، خلال تصريح لموقع «المصري الآن»، أنه قديما في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام اللبن المقصود هو لبن الماعز والأغنام، كذلك قالوا أن اللبن يسبب هشاشة العظام، ويرفع نسبة السكر بالدم وخطير علي مرضي السكر، واللبن ملئ بالهرمونات التي تسبب أمراض خطيرة للإنسان كالسرطان.

أكد باحث بقسم بحوث تكنولوجيا الألبان، أن هذه ما هي إلا حملة مسمومة علي هذا المنتج الذي يمتلك قيمة غذائية كبيرة مثبتة بآلاف الأبحاث قديمآ وحديثآ.. منتج له مكانة مقدسة لدينا جميعاً.. وقد قام بالرد علي هذه الافتراءات العديد من المتخصصين سواء في الدين أو الأطباء وكذلك أهل التخصص في مجال الألبان ومنتجاتها بالدين والعلم وهذا ما سنعرضه في السطور القادمة.

أولا: الرد الديني علي هذه الإدعاءات:-
في الآية رقم ٦٦ من سورة النحل يقول المولي عز وجل( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِّلشَّارِبِينَ) صدق الله العظيم.
نستطيع أن نقول أن هذه الآية الكريمة كفيلة بمفردها بضرب كل هذه الافتراءات والادعاءات بعرض الحائط.
فلقد بدأت الآية الكريمة بقول الحق (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ ) والمقصود هنا بالانعام هو الأغنام والماعز والأبل والبقر كما ورد في كتب التفسير وهذا يرد علي قولهم أن اللبن المقصود أيام الرسول عليه الصلاة والسلام هو لبن الماعز والأغنام فجاءت كلمة الأنعام شاملة ولم يقل عز وجل الماعز أو الأغنام ولم يخصص حيوان بعينه.
تستكمل الآيه بقولها ( نُسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ) من المخاطب في هذه الآية ربنا سبحانه وتعالى يخاطب الإنسان ويقوله له (نسقيكم) والمقصود طبعا هو اللبن وهذا يرد علي قولهم أن اللبن لايصلح أن يشربه الإنسان وأنه خلق فقط لصغار الحيوانات الرضيعة.
تستطرد الآية الكريمة قولها ( مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِّلشَّارِبِينَ) لقد جاءت كلمة لبنا هنا عامة ولم تقتصر علي نوع معين من الألبان فلقد شملت لبن الأنعام التي ذكرناها سابقاً والمقصود بها لبن الماعز والاغنام والابل والبقر وهذا يرد علي ادعائهم الباطل بأن اللبن المقصود هو لبن الماعز والأغنام فقط .. ثم قوله عز وجل (خَالِصًا سَآئِغًا لِّلشَّارِبِينَ) أي لبنا مفيداً وصحياً ونافعا لمن؟ (لِّلشَّارِبِينَ) لم يستثني الله عز وجل أحد أو فئة ما بل قال للشاربين عامة.
إذا كما رأينا أن هذه الآية الكريمة بمفردها قد هدمت كل ادعاءاتهم ومزامعهم وادحضتها من أساسها.
ثانيا: الرد العلمي علي هذه الادعاءات:-
هل اللبن يسبب السكر أو له تأثير ضار على مرضى السكر؟
تم الرد علي هذا التساؤل من قبل الأطباء والمتخصصين بأن الغذاء يقسم وفقاً لما يعرف بالمؤشر الجلايسيمي من حيث التأثير علي نسبة السكر في الدم  إلي ثلاثة أنواع:-
النوع الأول من الأغذية المؤشر الجلايسيمي له أقل من( ٥٥) وهذا النوع آمن تماماً علي مرضي السكر ولا يرفع نسبة السكر في الدم ولا يسبب الإصابة بمرض السكر.
النوع الثاني من الأغذية المؤشر الجلايسيمي له يكون من (٥٥ الي٦٩) وهذا النوع متوسط التأثير علي مرضي السكر.
النوع الثالث من الأغذية المؤشر الجلايسيمي له يكون من ( أعلي من ٧٠) وهذه الأغذية لها تأثير ضار علي مرضى السكر ولا بد أن يأخذوا حذرهم منه.
نجد أن اللبن بكل مكوناته المؤشر الجلايسيمي له يكون (٣٤) أى أنه أقل من (٥٥) أي أنه من الأغذية الآمنة والتي لا تسبب ارتفاع لنسبة السكر في الدم أو لها تأثير ضار على مرضي السكر.

كذلك نجد أن سكر اللاكتوز والمعروف بسكر اللبن لأن اللبن هو المصدر الأساسي والوحيد له المؤشر الجلايسيمي له (٤٦) أيضاً أقل من (٥٥) أي أنه آمن تماماً علي مرضي السكر ولا يسبب مرض السكر.. إذا فإن اللبن لا يسبب إرتفاع نسبة السكر في الدم كما يزعمون. 
هل اللبن يسبب هشاشة العظام؟
استند من قام بهذا الإدعاء علي أن اللبن البقري تحديداً شديد الحموضة وعندما بتناوله الإنسان يقوم الجسم لمعادلة هذه الحموضة بسحب الكالسيوم من العظام مما يسبب الهشاشة.
بالطبع هذا الكلام عار تماماً من الصحة لأن الرقم الهيدروجيني (PH) للبن يتراوح من ( ٦.٤ الي٦.٦ أو ٦.٨) أي أنه اقرب الي التعادل حيث أن الرقم الهيدروجيني المتعادل هو (٧) كالماء أي أن اللبن اقرب الي التعادل وذلك لأن حوالي من (٨٦ الى٨٨%) من تركيب اللبن هو ماء وهذا تركيبه الطبيعي كما خلقه الله عز وجل.
بالإضافة إلى أن اللبن نفسه بيحتوي علي كالسيوم فليس هناك حاجة إلي أن يأخذ الكالسيوم من العظام ليعادل تلك الحموضة العالية جدآ المزعومة فليأخذ اللبن من نفسه أقرب. وبهذا المنطق المزعوم فإن تناول كوب عصير من الليمون مثلاً قد يؤدي إلي تكسير العظام لأنه  يتمتع بحموضة عالية جدآ لإنخفاض الرقم الهيدروجيني له إلي (٢) تقريبا.
بالإضافة إلي أن المسترشد الغذائي في دول العالم المتقدمة والتي منها علي سبيل المثال وليس الحصر في بريطانيا وألمانيا والسويد والنرويج وكندا أوصي بضرورة إعطاء اللبن البقري للاطفال بعد بلوغهم عمر (١٢ شهر) لأنه مهم جدا لتكوين العظام.
بالإضافة إلي آلاف الأبحاث القديمة والحديثة التي تؤكد أهمية اللبن لقوة وسلامة العظام في الإنسان.
هل اللبن ملئ بهرمونات النمو التي تصيب جسم الإنسان بالأمراض الخطيرة؟
تم الرد أيضاً علي هذا الإدعاء الباطل بأن الهرمونات التي يحقن بها الحيوان بهدف زيادة الإضرار من اللبن هي هرمونات حيوانية مستقبلاتها توجد في جسم الحيوان فقط وليس لها مستقبلات في جسم الإنسان.. بالإضافة إلى أن هذه الهرمونات هي هرمونات بروتينية عندما تدخل جسم الإنسان يتعامل معها الجسم علي أنها بروتينات يقوم بتفكيكها أو تكسيرها إلي أحماض أمنية يستفيد منها الإنسان..هذا إذا إعتبرنا جدلاً أن لبن الحيوان ملئ بالهرمونات كما يزعمون.
متي يكون اللبن مضر؟
يكون اللبن مضر في الحالات التالية:-
أولا:- في حالة الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللاكتوز ويصابوا ببعض الإضطرابات الهضمية والانتفاخ والإسهال نتيجة لغياب أنزيم اللاكتيز من الجهاز الهضمي والذي يقوم بتحليل سكر اللاكتوز إلي مكوناته الأولية من جلوكوز وجالاكتوز فيسهل هضمه.
ويمكن للأشخاص المصابون بحساسية اللاكتوز للتغلب علي هذه المشكلة بتناول الألبان المتخمرة كالزبادى واللبنة واللبن الرائب التي تم إستهلاك نسبة كبيرة من سكر اللاكتوز بها بواسطة بكتيريا حمص اللاكتيك فهي آمنة لهم.
ثانيا:- في حالة الأشخاص الذين يعانون من حساسية الكازين وهي تظهر علي الأطفال منذ الصغر منذ عمر حوالي ثلاث سنوات وهي قد تظهر في شكل طفح جلدي مثل الاوكزيما أو قد تؤثر علي الجهاز التنفسي مثل التهاب الأغشية المخاطية أو اضطرابات في الجهاز الهضمى.

وتعد هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن يكون اللبن فيها مضر جدا.
وأخيراً نستطيع القول أن اللبن من أهم الأغذية التي خلقها الله لنا لننعم بها وبفوائدها الكبيرة.. وألا ننساق وراء هذه الادعاءات المغرضة من بعض الأشخاص وقد بينا الحالات التي يكون فيها اللبن مضر والتي يجب أن يأخذ أصحابها حذرهم عند تناول الألبان ومنتجاتها واستشارة طبيبهم الخاص بذلك.
ونختم بقول الحق عز وجل بالآية رقم 31  في سورة الأعراف.
(وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) صدق الله العظيم.