الأحد، 23 مارس 2025

03:35 م

ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: المرأة مُكرَّمة ولها الحق أن تكون شيخة

الخميس، 20 مارس 2025 02:40 م

السيد الطنطاوي

خلال الملتقى

خلال الملتقى

نظم الجامع الأزهر، مساء أمس الأربعاء عقب صلاة التراويح، ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية المعاصرة، وجاء موضوع اليوم تحت عنوان: "حقوق المرأة في الإسلام"، بحضور أ.د/ محمود عبد الرحمن، أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر، ود/ أبو اليزيد سلامة، مدير عام شئون القرآن الكريم بقطاع المعاهد الأزهرية، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر

قال الدكتور محمود عبد الرحمن: إن المرأة جزء أصيل في المجتمع، بل إن الأنثى جزء أصيل في الكون كله، حتى إن الله تعالى بَثَّ الخلق كله على نمط الزوجية؛ فلا يعمل الكون من ذراته ومجراته ومن الإنسان والحيوان والنبات، حتى الجماد، إلا على نمط الزوجية؛ مصداقًا لقوله تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}؛ فلا تكتمل الوظيفة الزوجية إلا بجناحين: أحدهما الرجل، والآخر المرأة، فالكلام عن المرأة كلام عن الأمة وعن المجتمع؛ بوصفها ليست مضافة إلى الكون، بل هي جزء من الكون ومن الإنسان. كما أن الشرع الشريف حفل بها واعتنى بها أيما عناية وأعلى شأنها؛ فهي مُكرَّمة بنتًا وأختًا وزوجة وأمًّا، بل هي تفوق الرجل في الحقوق؛ فنفقة الأم مقدمة على نفقة الوالد. 

وبَيَّنَ أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر، أن المرأة حقها مكفول رعاية وهي طفلة، ورعاية وهي بنت، ورعاية وهي زوجة، ورعاية وهي تُقدِم على الحياة الزوجية أن تختار زوجها؛ فلا تُجبَر، ولا يستطيع أحد أن يجبرها، ولو كان أباها، ومن ذلك: ما ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه: "أن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- خطبها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى عائشة، فأطمعته فيها، فقالت له: فأين بها أن تذهب عنك؟ فذهبَتْ إليها وقالت لها: "لقد تَقدَّم إليك عمر بن الخطاب، أمير المؤمنين" فقالت لها: لا أريده؛ فإن عمر خشن العيش، شديد على النساء؛ فحارت السيدة عائشة في الأمر، ماذا تقول لعمر، فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص فأخبرته، فقال: أكفيكِ. فأتى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، بلغني خبر أعيذك بالله منه، قال: وما هو؟ قال: خطبت أم كلثوم بنت أبي بكر! قال: نعم، أفرغبت بي عنها، أم رغبت بها عني؟ قال: لا واحدة، ولكنها حَدَثَةٌ؛ نشأت تحت كنف أم المؤمنين في لين ورفق، وفيك غلظة، ونحن نهابك، وما نقدر أن نردك عن خُلق من أخلاقك، فكيف بها إن خالفتك في شيء، فسطوت بها! كنت قد خلَّفت أبا بكر في ولده بغير ما يحق عليك، قال: فكيف بعائشة وقد كلمتها؟ قال: أنا لك بها، وأدلك على خير منها، أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب"، مضيفًا أن الإسلام قد كفل لها حق التعلم والتعليم، بل من النساء من قعدن في مجالس التدريس يتلمذ عليهن أكابر العلماء، وقد أحصيت من أساتذة الإمام السيوطي تسعًا من النساء. وذكر الإمام الذهبي أن شيوخه من النساء بلغن ثمانين شيخة؛ فالمرأة مُكرَّمة، ولها الحق أن تكون شيخة، وكان من أعظم رواة البخاري: السيدة كريمة بنت أحمد، وكانت من أصحاب الأسانيد العالية في البخاري؛ حيث كان يأوي إليها الرجال؛ لسماع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أن المرأة هي التي بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم- على حفظ الكليات الخمس؛ مصداقًا لقوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ". 

د. أبو اليزيد سلامة: النبي صلى الله عليه وسلم كَرَّمَ النساء وأعطاهن من الحقوق ما لم يُعطَ لغيرهن  

من جانبه، أوضح الدكتور أبو اليزيد سلامة، أن القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية بهما كلام كثير عن تكريم المرأة، ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحق الناس بحُسن صحابتي؟ قال: أمك". إذن؛ المرأة هنا في صورة الأم هي أحق الناس بحُسن الصحبة، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سُئل عن مَنْ أكثر الناس حقًّا على الرجل؟ قال: الأم أيضًا؛ أي إن المرأة لها مكانة عظيمة في الإسلام، لافتًا إلى أن تكريم المرأة يبدأ من هناك، من حيث بدأ الإسلام ليصف حال المرأة؛ فيقول: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}؛ فكان الرجل في الجاهلية بمجرد أن يُبشَّر بالأنثى يسود وجهه، ويتوارى من قومه؛ فجاء الإسلام فأَعْلَى مكانتها وكرَّمها؛ فيقول له الله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ"، أفأنت تكره المرأة، وهي تُنَشَّأ في الحلية، فأنت حين تهين المرأة فأنت تهين نفسك، وتُنَزِّل من مراتب البشرية إلى مراتب الحيوانية؛ لأنك لا تعرف أن تلك المرأة قد خُلِقَتْ منك؛ مِصداقًا لقوله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}؛ فيجب عليك أن تحتويها، وأن تحترمها، وأن تدافع عنها. وأضاف مدير عام شئون القرآن الكريم بالأزهر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحبَّ النساء؛ فأكرمهن، وأعطاهن من الحقوق ما لم يُعطِ لغيرهن؛ حيث كفل لهن الحياة الكريمة، فالبنات دائمًا ما يكن طريقًا سهلًا وجميلًا لآبائهن إلى جنة الله تعالى، مؤكدًا أن للمرأة الحق في اختيار الزوج، ومن ذلك: أن الخنساء جاءت إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وقالت له: يا رسول الله، إن أبي زوَّجني من ابن أخيه وأنا كارهة، فقال: أجيزي ما صنع أبوك، فقالت: ما لي رَغبة فيما صنع أبي. فقال ﷺ: اذْهبي؛ فلا نكاحَ له، انكحي مَن شئتِ، فقالت: أجزتُ ما صَنَع أبي، ولكني أردتُ أن يعلَمَ الناس أن ليس للآباء من أمور بناتِهِم شيءٌ"، فالرجل حين يكون وليًّا عن المرأة، فهو يجلس نيابة عنها؛ ليُعبِّر عن رغبتها لأن يكون متاجرًا بها، ولا ليجبرها على شيء على غير رغبتها، فإكرام المرأة في الإسلام واجب علينا، سواء كانت أُمًّا، أو أُختًا، أو زوجة؛ امتثالًا لسُنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضا:

خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 21 رمضان 1446 هـ ـ 21 مارس 2025م

https://www.almsryalaan.com/article/23477/خطبة-الجمعة-القادمة-لوزارة-الأوقاف-21-رمضان

٤٩ جولة خارجية لشيخ الأزهر إلى ٢٢ دولة رسَّخت للحوار والتعايش السلمي

https://www.almsryalaan.com/article/23571/٤٩-جولة-خارجية-لشيخ-الأزهر-إلى-٢٢

search