الإثنين، 17 مارس 2025

10:34 ص

رئيس جامعة الأزهر: التواضع له قيمة كبيرة في الإسلام والمتواضع نافع لنفسه ولمجتمعه

الأحد، 16 مارس 2025 01:08 م

السيد الطنطاوي

الدكتور سلامة داود

الدكتور سلامة داود

قال فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، إن التواضع لم يذكر باسمه في القرآن الكريم، وإنما ذكر بصفات كثيرة من صفاته، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍۢ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلْأَنْعَٰمِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ فَلَهُۥٓ أَسْلِمُواْ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ}، والمراد بالمخبتين: المتواضعين، مشيرا إلى أن الله تعالى خلق الإنسان رئيس نفسه بحكم استخلافه في الأرض، لا يقبل أن يتكبر عليه أحد؛ لأنه خليفة الله في أرضه، فهو سبحانه وتعالى حين استخلفنا في الأرض جعل كلًّا منا سيد نفسه؛ ولذلك يكره الإنسان الكبرياء أو التكبر، حتى ولو كنت ما تقوله له حقًًا فهو يكرهه، إن كان الكلام له موجهًا بطريقة فيها استعلاء وتكبر، ومن ذلك أن أحد الشيوخ كان يقول لطالب نبيه عنده، دائمًا ينطق كلامه بالصواب، ولكن بطريقة فيها نبرة استعلاء على زملائه، فقال له: "ما كرهت صوابًا أسمعه إلا منك".  

وأوضح فضيلة رئيس جامعة الأزهر خلال درس التراويح، أمس السبت، بالجامع الأزهر، تحت عنوان “التواضع”، أن التواضع لم يذكر باسمه في القرآن الكريم، وإنما ذكر بصفات كثيرة من صفاته، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍۢ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلْأَنْعَٰمِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ فَلَهُۥٓ أَسْلِمُواْ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ}، والمراد بالمخبتين: المتواضعين، والخبت هو المكان المنخفض المطمئن، وهو المكان الذي يملؤه الماء حين ينزل من السماء في تشبيه؛ لأن التواضع فيه الكثير من الخير والنفع للناس، أما التكبر فهو كرَبْوة عالية لا يأمن مَنْ عليها الانحدار ولا يأمن الهلاك.  

وأضاف رئيس جامعة الأزهر، أن التواضع له قيمة كبيرة في الإسلام؛ فالمتواضع نافع لنفسه ولغيره ولمجتمعه، ودليل هذه القيمة الكبيرة قول السيدة عائشة رضي الله عنها: "أيها الناس، إنكم لتغفلون، العبادة التواضع"، وكان سيدنا عبد الله بن المبارك رضي الله عنه يقول: "التواضع أن تضع نفسك دون من هو أقل منك في النعمة؛ حتى لا يرى لك عليه فضلًا"، أي: لا تتفضل عليه بنعمة الثراء التي رزقها الله لك، وأن ترفع نفسك فوق من هو أعلى منك في نعمة الحياة؛ حتى لا يرى له فضلًا عليك، فهذه هي سمة التواضع وسمة المتواضعين، وقد أمر القرآن الكريم نبينا صلى الله عليه وسلم بالتواضع؛ فقال: {واخفِضْ جناحك للمؤمنين}، بمعنى: اللين والرفق، وأن يكون هينًا لينًا رحيمًا بهما، وفي حق الوالدين أضاف كلمة (الذل)؛ فقال: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}؛ لأن الذل بالنسبة للولد مع والديه انكسار، حتى لا يتبجح معهما، ولكنه حذفه مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الذل لا يليق بمقامه الكريم صلى الله عليه وسلم، لافتًا إلى أن صفات المتواضعين في القرآن كثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: {ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحًا}، وقوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}، أي: بلين ورفق وتواضع. 

 وفي ختام الدرس، قال فضيلة رئيس جامعة الأزهر، إن التواضع هو حين تخرج من بيتك وأنت لا ترى لنفسك فضلًا على مسلم، فالمسلمون جميعا سواء؛ ولذلك كان من صفات المؤمنين في قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}، فهذه هي سمات التواضع، فالتواضع له مكان، والكبر له مكان، ولكل شيء مقامه وموضعه، لافتًا إلى أنه ولكل ذلك كان التواضع هو الأساس في ركن الحج، كأن الله يقول لنا: "إذا كان التواضع صفة المؤمن في الدنيا والحياة، فهو في الحج أليق به"، فالتواضع هو أن يقبل المسلم النصح، وأن يتواضع لمن ينصحه، وبالنسبة لطالب العالم، فإن التواضع هو أن يذل نفسه في طلب العلم؛ حتى لا يدخل العلم باستعلاء وكبر، فإنه إذا دخله بكبر واستعلاء لا ينال منه شيئًا، وإذا دخله بذُلًّ، يوشك أن يفتح له.

 

search