الأحد، 09 مارس 2025

02:12 ص

وفاء أنور تكتب: ساحات الجدل.. بين البقاء والمغادرة

الخميس، 06 مارس 2025 07:25 م

وفاء أنور

وفاء أنور

صناع الجدل وعشاقه يتحركون الآن في السر وفي العلن، بتحد سافر منهم لعادات وتقاليد ومثل عليا ما زالت تبحث لها عن موطيء قدم في عالم فقد ميزان عدله، فقد عقله بأكمله، ببساطة لأننا نعيش هنا في زمن الفتن، فعلى سبيل المثال قد تجد صورة أو جملة يتم نشرها على يد أحدهم من أجل حصد أكبر قدر من تعليقات متضاربة، أغلبها سيئة ومبتذلة بعد أن قام بتصديرها لأجل خلق حالة من حالات الجدال، الذي لا تحمد عقباه، فلا نهاية له ولا خير سيأتي من ورائه.

جذبني للحديث عن هذا توقفي كثيرًا أمام هذه الظاهرة الغريبة، عندما وضع أحدهم صورة لمطربتان عربيتان تحيز لأحدهما على حساب الأخرى لتبدأ التعليقات كفيضان عارم لم يجد أمامه سدًا يتحكم به يوقفه أو يمنعه، احتدمت المعركة بعد أن ألقى صاحب المنشور العبقري في الأذى بهذه الفتنة الجامحة، أخفاها في تفاصيل دقيقة تتعلق بشعوب هذه البلد أو تلك.

مثال صادفته اليوم، حين بدأ الأمر بمقارنة بين سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم وبين المطربة اسمهان، لتبدأ بعد ذلك حالة من فوضى شاملة وتراشق لفظي لا يليق بشعوب لها من العزة والجود ما لم ينكره أحد، نجحت خطة صاحب الفكرة في خلق حالة الجدل التي سعى إليها بل وبدأت تؤتي ثمارها لأجد نفسي تشاهد أسوأ مباراة يمكن مشاهدتها، فقد تعدى النقاش الدائر حدود الفن ووصل إلى عمق علاقات بمبارزة لا تليق بأبناء أمة واحدة.

انزلق الجميع في معركة لا جدوى منها ولا فائدة، فهذا الجدل الدائر الذي حدث بفعل فاعل تبلورت نواياه السيئة فحولته لساحة جدل لقذائف من كلمات أغلبها لا يتفق مع وعي إنسان متحضر عاقل قرر الدخول لحل الأزمة بكلماته الطيبة لتهدئة هؤلاء الذين سقطوا في فخ الجدال فجأة.

ليجد نفسه في مرمى نيرانهم المشتعلة وهو الذي للخير سعى بنفس ودودة وبروح طيبة، ليقرر بعدها بأن مكانه لا يجب أن يكون هنا، بعد أن أدرك ببصيرته أبعاد المؤامرة، فهو الذي يؤمن تمام الإيمان بأن الشيطان كامن في تفاصيل تلك القصة، فيقرر الرحيل بعدها معاتبًا نفسه على بقائه ها هنا بين هؤلاء البشر منذ البداية ومشاركته لهم ولو كان ذلك بهدف التأليف بينهم والتهدئة.

يسأل نفسه بعد أن وجه عظيم اللوم لها، ما حاجتك للدخول في مضمار كهذا؟ فتمتنع عن الإجابة حتى لا تؤذيه بها، فهو من حملها على فعل ذلك ثم عاد يلومها، فهم صمتها وعاد يلملم معها حسن نواياه المبعثرة، لقد  قرر الرحيل بعد أن جمع مشاعره النبيلة متخذًا قراره بالمغادرة.

search