الثلاثاء، 04 مارس 2025

10:49 م

حسام عبد القادر يكتب: الأخبار المفبركة ودور الصحفيين الشباب

الخميس، 20 فبراير 2025 09:19 ص

حسام عبد القادر

حسام عبد القادر

أثناء محاضرة من محاضرات دورة تدريبية في الصحافة أشرف على تقديمها أون لاين، تحدثت عن الأخبار المفبركة، وبعدها بيوم نشرت مقطع فيديو عن نفس الموضوع على قناتي باليوتيوب “أ ب صحافة”. جاءت ردود فعل كبيرة، وتواصل معي عدد كبير من الأصدقاء لأهمية الموضوع، ولتوقيت نشره والذي صادف توقيتا حساسا جدا، حيث امتلأت صفحات السوشيال ميديا بالأخبار المزيفة والمريبة، بعد مشروع ترامب لتهجير أهالي غزة إلى مصر والأردن.

وهو ما جعلني أؤجل سلسلة مقالاتي "ذكريات صحفية"، وأخصص هذا المقال لهذا الموضوع المهم، عسى أن يكون لكلامي بعض التأثير، ويكون حجرا في المياه الراكدة يساعد في التوعية.

ورغم أن الأخبار المزيفة أو المفبركة أو Fake News موجودة منذ قديم الأزل، إلا أن مع تقدم التكنولوجيا وتأثيرها على وسائل الإعلام أصبحت أخطر في تأثيرها، وأصعب في متابعتها وكشفها، فكثير من القراء والمتابعين مع الأسف يكتفون غالبا بقراءة العنوان، أو أول سطر من الخبر، ولا يكملون، والأخطر أنهم لا ينظرون أو يهتمون بمصدر الخبر، بل إن بعض البوستات ينشر بها كلام ومعها فيديو والفيديو لا علاقة له بالبوست، والمتابعون لا يفتحون حتى الفيديو ليتأكدوا من صدق الكلام، وهذا راجع للجهل مع الأسف.

كما أن التفوق الرهيب للتكنولوجيا جعل المعلومات كثيرة جدا ومتاحة، سواء كانت صحيحة أو خطأ، بينما ندرت المعرفة وسط هذا الكم من المعلومات، وهناك فرق كبير.

ولا يفرق القراء بين خبر منشور على السوشيال ميديا نقلا عن وسيلة إعلام، وبين بوست عادي لأحد النشطاء - إن جاز التعبير ـ يكتب فيه رأيه أو تحليله أو حتى يكتب خبرا لا نعلم من أين حصل عليه.

ولنتفق أن الأخبار المزيفة لن تتوقف، مهما كافحنا وانشأنا قوانين أو أصدرنا اجراءات، لكن الحل في رأيي هو التوعية، فمن خلال رفع وعي المواطن وفهمه للأمور وقدرته على فهم ما يقرأ، وهل المحتوى موجه ومن الذي يوجهه، نستطيع أن نقلل مخاطر الأخبار المزيفة.

أتابع كثيرا من الأصدقاء بالفعل يقومون بهذا الدور على صفحاتهم، ولكن كلها محاولات فردية، تؤثر فقط مع متابعيهم المفترض أن لديهم وعي بالفعل، ولذلك يجب أن تستمر هذه المحاولات وتتوسع، ويكون بجانبها مبادرات أكبر، فالرهان على التوعية ولا بديل له.

وللأسف أحيانا بعض من يقوم بنشر الأخبار المزيفة هم صحفيون محترفون بالفعل، وينشرون هذه الأخبار إما بهدف الانتشار والترند - وقديما بيع نسخ أكبر من الجريدة- أو لهدف سياسي معين.

ورغم أننا كصحفيين ممنوع أن ننشر الشائعات مثلا، لأنه يخالف مواثيق الشرف الصحفي، إلا أن كثيرا جدا من الصحفيين - ومنهم صحفيون مشهورون مع الأسف ـ يقعون في هذا الخطأ الفني، بالإضافة لخلط الرأي بالخبر وهو اسوأ ما يتم من وسائل التضليل في الإعلام.

ومع الأسف يعلم ناشر الأخبار المزيفة أو الإشاعات، مدى ما يفعله بالمجتمعات، وكيف يمكنه إشعال الفتنة وبث روح الهزيمة وسط المجتمع، ولذلك فهو يفعل ذلك بوعي وليس بجهل، وهذا أخطر كثيرا.

وأتابع أحيانا بعض الدعوات بغلق صفحات السوشيال ميديا وكأنها نكتة، لأن الموضوع صعب جدا ولا يمكن فعله، كما أن الحل دائما ليس في إغلاق وسيلة من الوسائل، لأن هناك الكثير غيرها، ولكن يجب المواجهة وإيجاد الحلول.

ولكي أكون صريحا، فأنا أشعر بالقلق على الصحفيين الشباب، وعلى طلبة أقسام الصحافة وكليات الإعلام، وهم إعلاميو المستقبل، فحسب متابعتي المتواضعة ـ ولا أعمم ـ أجد كثيرا منهم ضئيل المعرفة، ليس لديه خلفية ثقافية، لا يهتم بقواعد وأصول المهنة، يريد أن يخطف الخبر ويجري، دون الاهتمام بكل القواعد التي درسناها وتعلمناها، وهو ما يجب أن نلتفت له جيدا، لأن هؤلاء من سيقودون المسيرة الإعلامية بعد سنوات قليلة قادمة.

وإذا كنا نعيب حاليا على بعض القصور الإعلامي، فإننا يجب أن نحترس من القادم بقوة، وأن نقوم بدورنا في التوعية تجاههم، وإلا سيكون الوضع أخطر كثيرا مما نحن عليه الآن.

search