الثلاثاء، 04 مارس 2025

08:07 م

صلاح الدين الأيوبي: وحّد الأمة الإسلامية تحت راية مصر فحرر القدس

الخميس، 13 فبراير 2025 10:10 ص

محمد عماد

صلاح الدين الأيوبي

صلاح الدين الأيوبي

لا يزال صلاح الدين الأيوبي مصدر إلهام للأجيال، فهو نموذج للقائد العادل الذي استطاع تحقيق الوحدة في وقت كانت فيه الأمة الإسلامية منقسمة. ورغم مرور أكثر من 800 عام على وفاته، يبقى اسمه محفوراً في صفحات التاريخ كرمز للشجاعة والبطولة والعدل.

صلاح الدين الأيوبي، القائد الفذ الذي أعاد القدس إلى المسلمين وخلد اسمه في التاريخ كواحد من أعظم القادة العسكريين والحكام الذين تركوا بصمة لا تُنسى. اسمه الحقيقي يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان، وُلِد عام 1138م في تكريت بالعراق، ونشأ وسط بيئة عسكرية ودينية أهلته ليكون قائدًا استثنائيًا.

بداية المسيرة وصعود نجم القائد

نشأ صلاح الدين في كنف عائلة كردية خدمت الدولة الزنكية، وعندما انتقل والده نجم الدين أيوب إلى الشام، بدأ صلاح الدين مسيرته العسكرية تحت قيادة نور الدين زنكي. ورغم ميله في البداية إلى الدراسات الدينية، فإن الظروف العسكرية والسياسية آنذاك دفعت به إلى مضمار الحروب والصراعات، حيث برع في الفروسية وإدارة المعارك.

شارك في حملة عسكرية بقيادة عمه شيركوه إلى مصر، والتي انتهت بفرض السيطرة على البلاد وإنهاء حكم الفاطميين عام 1171م، مما مهد الطريق لصلاح الدين ليصبح الحاكم الفعلي لمصر.

توحيد الجبهة الإسلامية

بعد وفاة نور الدين زنكي عام 1174م، وجد صلاح الدين نفسه أمام مهمة صعبة تتمثل في توحيد الجبهة الإسلامية لمواجهة الصليبيين، وهو ما نجح فيه بحنكته السياسية والعسكرية.

بدأ بتعزيز سلطته في مصر ثم توجه إلى دمشق ففتحها سلمياً، ثم ضم حلب والموصل، ليؤسس دولة قوية تمتد من اليمن إلى الشام، وتمثل قاعدة صلبة لمواجهة الصليبيين.

المواجهة الكبرى: معركة حطين واستعادة القدس

بلغت المواجهة بين صلاح الدين والصليبيين ذروتها في معركة حطين عام 1187م، حيث تمكن بذكائه العسكري من استدراج القوات الصليبية إلى أرض قاحلة محرومة من الماء، وألحق بهم هزيمة ساحقة، أسر خلالها الملك غي دي لوزينيان وعدداً كبيراً من الفرسان الصليبيين.

بعد هذا النصر، توجه نحو القدس التي كانت تحت السيطرة الصليبية منذ عام 1099م، وحاصرها حتى استسلمت في 2 أكتوبر 1187م. وخلافاً لما فعله الصليبيون عند احتلالهم للمدينة، حيث سفكوا دماء المسلمين والمسيحيين الشرقيين واليهود، أظهر صلاح الدين تسامحاً نادراً، وأتاح للسكان الخروج مقابل فدية، بينما أطلق سراح الفقراء دون مقابل.

الحملة الصليبية الثالثة وصمود صلاح الدين

لم يكن انتصار صلاح الدين في القدس نهاية المعركة، فقد أثار سقوط المدينة ردود فعل غاضبة في أوروبا، مما أدى إلى انطلاق الحملة الصليبية الثالثة (1189-1192م) بقيادة ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا، والإمبراطور الألماني فريدريك بربروسا، والملك الفرنسي فيليب أوغست.

دار بين صلاح الدين وريتشارد صراع شرس استمر لسنوات، تخللته معارك دامية أبرزها معركة أرسوف، حيث انتصر الصليبيون، لكنهم فشلوا في استعادة القدس بسبب المقاومة القوية لقوات صلاح الدين.

وفي النهاية، تم التوصل إلى صلح الرملة عام 1192م، والذي سمح للصليبيين بالاحتفاظ ببعض المدن الساحلية مثل عكا، بينما بقيت القدس تحت الحكم الإسلامي، مع السماح للحجاج المسيحيين بزيارتها.

الوفاة وإرث البطل

بعد سنوات من القتال المستمر، أنهك المرض صلاح الدين، فتوفي في 4 مارس 1193م في دمشق، تاركاً وراءه إرثاً عظيماً. ورغم أنه كان سلطاناً على إمبراطورية واسعة، فإنه مات دون أن يترك ثروة تذكر، حيث كان معروفاً بكرمه وتواضعه وإنفاقه على الفقراء والمحتاجين.

دُفن في الجامع الأموي بدمشق، ولا يزال ضريحه مزاراً حتى اليوم، شاهداً على عظمة القائد الذي وحّد المسلمين وأعاد القدس إلى حضنها الإسلامي.

لماذا خلد التاريخ صلاح الدين؟

لم يكن صلاح الدين مجرد قائد عسكري، بل كان رجل دولة بارعاً، ودبلوماسياً ماهراً، تميز بالعدل والرحمة حتى مع أعدائه. كان يجسد قيم الفروسية الإسلامية في أنبل صورها، فاحترمه خصومه قبل أنصار، حتى أن ريتشارد قلب الأسد وصفه قائلاً: "لو كان يجب أن أخسر مملكتي، فلا أرى أحق بها منك".

إنجازاته لم تقتصر على المعارك، بل امتدت إلى إصلاحات سياسية وإدارية، حيث أسس نظام حكم قوي، واهتم بنشر التعليم، وأمر ببناء المدارس والمستشفيات، مما ساهم في نهضة الدولة الأيوبية.


خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة ليوم 14-2-2025

توقعات الأبراج ليوم الخميس 13 فبراير 2025

ليلة النصف من شعبان 2025: موعدها، فضلها، والأعمال المستحبة

search