الأربعاء، 05 مارس 2025

07:59 م

في ذكرى سقوط بغداد: حينما دُمرت عاصمة الخلافة العباسية بيد المغول

الإثنين، 10 فبراير 2025 08:57 ص

محمد عماد

سقوط بغداد علي يد المغول

سقوط بغداد علي يد المغول

تحل اليوم الذكرى الـ766 على سقوط بغداد في أيدي المغول بقيادة هولاكو خان، وذلك يوم 10 فبراير 1258م، وهو الحدث الذي شكل نقطة تحول مأساوية في تاريخ العالم الإسلامي، حيث انتهت الخلافة العباسية التي استمرت لأكثر من خمسة قرون، وتم تدمير واحدة من أعظم العواصم الإسلامية على مر التاريخ.

تمر 766 عامًا على سقوط بغداد، لكن آثاره لا تزال تُدرَّس كواحد من أكبر الأحداث المفصلية في تاريخ العالم الإسلامي. وبينما نتذكر هذه الفاجعة.

 بداية النهاية للخلافة العباسية

بعد سقوط الدولة الخوارزمية في فارس، لم يعد هناك عائق يمنع المغول من التقدم نحو بغداد. وبمجرد إحكام سيطرتهم على فارس، أرسل هولاكو رسالة تهديدية إلى الخليفة العباسي أبو أحمد عبد الله المستعصم بالله يطالبه فيها بهدم حصون بغداد والاستسلام التام. وعلى الرغم من أن الخليفة حاول استرضاء هولاكو بإرسال الهدايا والرسائل الدبلوماسية، إلا أن المغول كانوا قد اتخذوا قرارهم مسبقًا باجتياح العاصمة الإسلامية.

الخيانة الداخلية ودورها في سقوط بغداد

تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أحد أهم أسباب ضعف دفاعات بغداد كان الدور الذي لعبه الوزير ابن العلقمي، الذي يُقال إنه كان على اتصال بالمغول قبل الاجتياح، وإنه قدم لهم معلومات استخباراتية مهمة سهلت مهمتهم. كما يعتقد بعض المؤرخين أنه أقنع الخليفة بتقليل حجم الجيش، مما جعل بغداد أقل قدرة على مقاومة الحصار المغولي الذي استمر 12 يومًا.

المجزرة الدموية والدمار الثقافي

بعد اقتحام المغول للمدينة، ارتكبوا واحدة من أكبر المجازر في التاريخ، حيث قتلوا عشرات الآلاف من السكان دون تمييز بين الأطفال والنساء وكبار السن. تشير التقديرات إلى أن عدد القتلى تراوح بين 200,000 إلى مليون شخص، ما جعل بغداد مقبرة جماعية.

لم يتوقف الدمار عند قتل البشر، بل امتد إلى محو التراث الإسلامي، حيث قام المغول بتدمير بيت الحكمة، الذي كان من أعظم مراكز العلم والفكر في العالم الإسلامي. ويُروى أن مياه نهر دجلة تحولت إلى اللون الأسود بسبب كمية الحبر الهائلة التي سالت من الكتب التي ألقيت في الماء. كما تم حرق المساجد، المدارس، والمستشفيات، وتدمير البنية التحتية بالكامل.

الكارثة البيئية والصحية بعد الغزو

لم يكن سقوط بغداد مجرد هجوم عسكري عابر، بل أدى إلى كارثة بيئية وصحية كبرى. فقد تحللت الجثث في الشوارع بفعل الأمطار، مما أدى إلى انتشار الأوبئة في المدينة. وتفيد بعض الروايات بأن الهواء أصبح سامًا بسبب الروائح الكريهة، مما اضطر هولاكو نفسه إلى مغادرة المدينة خشية الإصابة بالأمراض. كما امتدت الآثار الصحية إلى مدن أخرى، مثل دمشق وحلب، حيث تفشى الوباء هناك بسبب الرياح المحملة بالميكروبات القادمة من بغداد.

سقوط بغداد كجزء من المخطط المغولي التوسعي

لم يكن اجتياح بغداد سوى جزء من المخطط المغولي للتوسع العالمي. فبعد سقوطها، كانت سوريا ومصر الهدف التالي. لكن المغول واجهوا مقاومة شرسة من المماليك، الذين تمكنوا من إلحاق أول هزيمة كبرى بالمغول في معركة عين جالوت عام 1260، مما أوقف تمددهم في العالم الإسلامي.

التأثير السياسي لسقوط بغداد

مثل سقوط بغداد ضربة قاسية للعالم الإسلامي، حيث كانت الخلافة العباسية رمزًا للوحدة الإسلامية. ومع انهيارها، دخلت المنطقة في حالة من الفوضى السياسية، وظهرت قوى جديدة مثل المماليك في مصر والعثمانيين لاحقًا، الذين أعادوا بناء النظام السياسي الإسلامي.

لكن من ناحية أخرى، كان المغول أنفسهم عرضة للتأثر بالحضارة الإسلامية، فمع مرور الوقت، بدأ بعض الحكام المغول باعتناق الإسلام، وكان أبرزهم الإلخان محمود غازان، الذي أعلن إسلامه عام 1295 وأدخل إصلاحات إدارية واقتصادية واسعة لتحسين العلاقة بين المغول والمسلمين.

دروس من سقوط بغداد

يبقى سقوط بغداد درسًا تاريخيًا عظيمًا حول خطورة الصراعات الداخلية والتراخي أمام التحديات الخارجية. فقد كان الانقسام بين القوى الإسلامية، إلى جانب ضعف القيادة، أحد أهم أسباب هذه الكارثة. ومع ذلك، ورغم حجم الدمار، لم تمت الحضارة الإسلامية، بل استمرت في النمو والانتشار في أماكن أخرى، مما يعكس قوة الإرادة الحضارية وقدرتها على النهوض بعد الكبوات.


حدث في مثل هذا اليوم 10 فبراير سقوط بغداد علي يد المغول

مسلسل مصطفى شعبان رمضان 2025.. دراما صعيدية مشوقة في “حكيم باشا”

"كامل العدد" يشعل السوشيال ميديا ويتصدر الترند بعد طرح بوستره الرسمي

search