الخميس، 06 مارس 2025

06:15 ص

محكمة تركية تصدر حكمًا بالسجن 45 ألف عام على "المحتال التركي الصغير"

الخميس، 06 فبراير 2025 03:43 م

محمد عماد

المحتال التركي

المحتال التركي

أصدرت محكمة تركية، اليوم الخميس، حكمًا تاريخيًا بالسجن لمدة 45 ألف عام على الشاب محمد آيدن، المعروف إعلاميًا بلقب "المحتال التركي الصغير"، بعد إدانته في واحدة من أكبر قضايا الاحتيال المالي التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.

بداية القصة: احتيال بملايين الدولارات

تعود فصول هذه القضية إلى مايو 2018، عندما بدأت السلطات التركية في ملاحقة آيدن على خلفية اتهامات بالنصب والاحتيال، حيث تقدم آلاف الضحايا ببلاغات ضد مشروعه الوهمي المعروف باسم "بنك المزرعة"، والذي تمكن من خلاله من خداع مستثمرين بمبالغ تجاوزت 180 مليون دولار قبل أن يختفي عن الأنظار ويفر إلى الخارج.

بدأت القصة عام 2016، عندما أطلق محمد آيدن، الذي كان لا يزال شابًا في العشرينيات، مشروعه الاحتيالي عبر موقع إلكتروني يحمل اسم "Çiftlik Bank"، وهو مستوحى من اللعبة الشهيرة "المزرعة السعيدة". قدّم الموقع عروضًا مغرية للمستثمرين، حيث زعم أنه يتيح لهم شراء أبقار ودواجن افتراضية، على أن تقوم شركته بشراء وتربية حيوانات حقيقية بنفس القيمة في مزارع ضخمة يدّعي امتلاكها، مع وعود بأرباح لا تقل عن 100% خلال فترات قصيرة.

سرعان ما جذب المشروع آلاف المستثمرين الذين ضخوا أموالهم على أمل تحقيق مكاسب طائلة، خاصة بعد أن روّج آيدن لمشروعه بأساليب تسويقية احترافية، تضمنت نشر صور لمزارع وهمية ومقاطع فيديو توضح حجم النجاح الذي يحققه المشروع. لكن مع تزايد أعداد المشاركين وزيادة التدقيق في طبيعة النشاط، اختفى آيدن فجأة من تركيا في أوائل عام 2018، تاركًا وراءه 18 ألف ضحية خسروا أموالهم بالكامل.

الهروب إلى الخارج واستمرار حياة البذخ

بعد فراره، بدأ آيدن يظهر في عدة دول حول العالم، مستعرضًا حياة الرفاهية التي يعيشها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. انتشرت مقاطع فيديو له وهو يستمتع بإقامة فاخرة في بلدان مختلفة، مما أثار غضب الضحايا ودفع السلطات التركية إلى تصعيد إجراءاتها القانونية بحقه.

سرعان ما أصدرت النيابة العامة في إسطنبول مذكرة توقيف دولية بحقه، وأدرجته السلطات التركية ضمن قائمة الإنتربول للمطلوبين دوليًا. ومع تزايد الضغط الأمني، بدأت عمليات البحث عنه في عدة دول، واستمرت الملاحقة القضائية حتى عام 2021، عندما أعلنت تركيا عن توقيفه رسميًا في البرازيل، حيث كان مختبئًا بعد تنقله بين عدة دول باستخدام هويات مزورة.

التسليم إلى تركيا والمحاكمة التاريخية

بعد اعتقاله في البرازيل، بدأت تركيا إجراءات استعادته، وتم تسليمه إلى السلطات التركية في نهاية 2021، حيث خضع لتحقيقات مكثفة استمرت لأشهر، قبل أن يُحال إلى المحكمة بتهم متعددة، من بينها الاحتيال المالي، غسيل الأموال، وإدارة منظمة إجرامية.

على مدار جلسات المحاكمة، استمعت المحكمة إلى شهادات مئات الضحايا، كما استعرضت أدلة تثبت تورطه في الاحتيال المنظم على نطاق واسع. وبعد مداولات استمرت لأشهر، قررت المحكمة التركية إصدار حكم غير مسبوق بسجنه لمدة 45 ألف عام، وهو حكم رمزي يعكس حجم الجرائم التي ارتكبها ومدى الضرر الذي ألحقه بالضحايا.

القوانين التركية والأحكام الرمزية

رغم أن العقوبة تبدو مبالغًا فيها من حيث عدد السنوات، إلا أن مثل هذه الأحكام تُستخدم في النظام القضائي التركي كإجراء رمزي، حيث يتم تجميع العقوبات لكل جريمة على حدة، مما يؤدي إلى أرقام ضخمة قد تتجاوز آلاف السنوات. ومع ذلك، فإن القانون التركي لا يسمح بتنفيذ عقوبة تزيد عن 30 إلى 40 عامًا فعليًا في السجن، مما يعني أن آيدن سيقضي أقصى مدة يسمح بها القانون، مع عدم وجود إمكانية للإفراج المبكر عنه.

ردود الفعل حول الحكم

لاقى الحكم الصادر ترحيبًا واسعًا بين الضحايا الذين فقدوا أموالهم نتيجة الاحتيال، حيث اعتبر العديد منهم أن العقوبة تعكس خطورة الجريمة التي ارتكبها آيدن. كما اعتبر محللون قانونيون أن القضية تُشكل درسًا هامًا حول مخاطر الاستثمار غير المضمون في المشاريع الرقمية، خاصة تلك التي تعد بعوائد خيالية دون ضمانات واضحة.

على الجانب الآخر، يرى البعض أن النظام المالي في تركيا بحاجة إلى مزيد من الرقابة والتنظيم، لمنع تكرار مثل هذه الجرائم، خاصة مع انتشار الاحتيال الإلكتروني في السنوات الأخيرة عبر مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.

 

بهذا الحكم، يُسدل الستار على واحدة من أكثر قضايا الاحتيال المالي إثارة للجدل في تركيا، حيث انتهى المطاف بـ"المحتال التركي الصغير" من حياة البذخ إلى زنزانة سجن، ليقضي العقوبة الأطول في تاريخه. وتبقى هذه القضية تذكيرًا بأهمية التحقق من مصداقية الاستثمارات الرقمية، وعدم الانسياق وراء وعود العوائد السريعة التي قد تكون مجرد فخاخ احتيالية محكمة التخطيط.


العثور على سلحفاة بحرية نادرة بشاطئ 6 أكتوبر في الإسكندرية

27 كتابا بجناح الأزهر في معرض الكتاب تتصدر المبيعات

حدث في مثل هذا اليوم 6 فبراير.. زلزال تركيا وسوريا

search